تنطلق، اليوم الجمعة، أنشطة المعرض الدولي للنشر والكتاب، ضمن أول دورة في ظل الحكومة الجديدة وفي ظل وزير جديد للثقافة أطلق مجموعة من الإشارات التي تفيد أنه يسعى إلى خلق نفَس جديد داخل هذه الوزارة، التي عاشت أسوأ أيامها مع بسالم حميش. فقد أكد محمد أمين الصبيحي، في لقاء بالصحافة أول أمس الأربعاء في الرباط، أن «الإرادة قوية في إعطاء التظاهرة نفَسا جديدا، من خلال إعادة صياغة مهامها ووظائفها بشكل يروم دعم المكونات المرتبطة بمختلف حلقاتها وأساسا المبدع -المنتج والقارئ كما يقول، والكتبي والناشر المروجين»، وهذا -كما قال في كلمته للصحفيين- «سعيا وراء مجال القراءة والنشر لمتطلبات الاندماج في مجتمع المعرفة والمعلوميات ليس كشعارات نرددها في كل مناسبة، ولكنْ كمقاربة وعمليات يُسطَّر لها». إن المعرض الدولي للنشر والكتاب هو مناسبة لجس نبض واقع الثقافة في المغرب وفي العالم العربي لكن المهتمين يرون فيه، في الوقت نفسه، مناسبة لإعادة صياغة الأسئلة وترتيب الأولويات في مجال الثقافة، الذي لم يستقم عوده «ولم يقف على رجليه»، رغم كثير من الشعارات. فهل تكون لرياح الربيع العربي «بركاتها» على هذا مجال الثقافة، كما كانت له في مجال السياسة؟!.. إن السؤال الملح الذي لا يمكن غضّ الطرف عنه هو ذاك المتعلق بواقع القراءة في المغرب، والذي لم يجد، إلى حد الساعة، جوابا شافيا ولا حلا ناجعا. وعلى ذلك، فإن الهاجس كان حاضرا في رؤية وزير الثقافة، الذي قال إن «أي تظاهرة تخص القراءة والكتاب (وخصوصا منها التظاهرة من حجم معرض دولي) عليها أن تقاس، كذلك، بمدى تأثيرها المباشر على توسيع مجال القراءة والمعرفة في بلادنا، لنتجاوز النظرة النخبوية الضيقة للمسألة الثقافية». ولتنفيذ هذا التصور، فإن الوزارة ترى أنه لا بد من العمل على تسطير وبلورة مخطط وطني تدخل فيه الجماعات الترابية والمحلية على الخط. كما أنه لا بد من تأسيس شبكة للخزانات المحلية تقودها «المكتبة الوطنية للملكة المغربية». كما لا بد من تطوير برامج العمل بقوافل الكتاب في المناطق النائية، مع صيانة وتجهيز وتأطير الخزانات القائمة وفق معايير عصرية. ثم لا بد من العمل، كما تخطط وزارة الثقافة في رؤيتها، من العمل على جعل المعرض الدولي تتويجا لمعارض دولية. وهناك تصور يتغيّى الانفتاح على إدماج الخزانات المدرسية، عبر اتفاقيات شراكة مع وزارة التربية الوطنية ووزارة الشباب. ثم هناك رؤية جديدة لتدبير الدورات القادمة للمعرض ووضع الآليات لدعم الكتبيين وتصور جديد في مجال التكوين والتكوين المستمر.. فهل ينقد تصور وزارة الثقافة الجديدة ما فسد و ويقلع بالثقافة في المغرب؟.. من جهة أخرى، يلاحظ من خلال الأنشطة المقررة في الدورة الثامنة عشرة أن ظلال التحولات السياسية والثقافية التي يمور بها العالم العربي قد أرْخت بسدولها على التظاهرة، وهكذا فإن برنامج الدورة يتضمن عدة ندوات وموائد مستديرة تقارب التحولات السياسية في العالم العربي، خصوصا من زاوية ثقافية٬ بدءا باليوم الأول للمعرض، الذي يلتئم فيه نخبة من الأدباء والمفكرين حول سؤال «الثقافي في التحولات السياسية والاجتماعية في العالم العربي». وفي هذا الإطار٬ تتناول ندوات المعرض «السوسيولوجيا العربية وتحولات المجتمع» وتطرح السؤال الكبير حول «ماذا يريد شبابنا»، كما تناقش «الحركات الإسلامية والفضاء السياسي في المغرب العربي». ويقترح المنظمون رؤية خارجية للتحولات السياسية العربية، من خلال استدعاء أصوات غربية متعددة المشارب، في جلسة حول «الربيع العربي منظورا إليه من الخارج»، يشارك فيها ألان غريش (فرنسا) والروائي المقدوني لوان ستاروفا والكاتب التركي توغرول تانيول. وتفتتح فعاليات المعرض، الذي يعرف مشاركة 44 دولة، من خلال حضور 706 ناشرين٬ منهم 267 ناشرا مباشرا و439 ممثلا لدور النشر٬ بمحاضرة للكاتب والصحافي محمد العربي المساري، تحت عنوان «نحو ثقافة جديدة للمواطنة.. تأملات في التنزيل التشاركي لبنود الدستور» وبخصوص الأنشطة التي تهم الشباب٬ تمت برمجة فقرات تعتمد اللقاء المباشر مع هذه الشريحة والإنصات إلى انشغالاتها في مواضيع من قبيل القراءة والإعلام والمواطنة والمشاركة، ببعديها السياسي والاجتماعي. وتولي الدورة ال18 للمعرض الدولي للكتاب عناية خاصة بالطفل، من خلال برمجة 112 فعالية ثقافية لفائدته. وعلى صعيد آخر٬ يستعيد المعرض، الذي يرفع شعار «وقت للقراءة: وقت للحياة»، تقليد اليوم المهني المخصص لمهن الكتاب٬ يوم الاثنين، 13 فبراير٬ الذي سيشهد لقاءات بين مهنيين من مختلف شُعب صناعة الكتاب وخبراء القراءة والمكتبات للخوض في شؤون الكتاب والنشر والتوزيع والقراءة وتقديم عروض اقتراحية يساهم اعتمادها في تجاوز أزمة الكتاب والمقروئية.