سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بوليف للمساء : المغرب لن يخضع للإملاءات الخارجية وسنقطع مع اقتصاد الريع قال إنه كان مفروضا أن تؤول وزارة المالية برمتها إلى حزبه لكن حزب الاستقلال كان له رأي آخر
في هذا الحوار، يستفيض نجيب بوليف، وزير الحكامة والشؤون العامة في «الحكومة الملتحية»، في الحديث عن المتغيرات الاقتصادية العالمية ومدى تأثيرها على توقعات نسب النمو في المغرب، باسطا رؤيته للعلاقات المنسوجة مع الاتحاد الأوربي في ظل الوضع المتقدم الذي يحظى به المغرب. ويبرز بوليف أن المغرب سيقطع مع منهجية عمل الحكومات السابقة في ما يخص العلاقة بالمؤسسات الدولية لتصير مبنية على التوازن لا على الإملاءات. في الحوار كذلك، يشرح بوليف وجهة نظره في استمرار احتجاج حركة عشرين فبراير، ويتحدث عن أبرز توجهات وزارته خلال الخمس سنوات المقبلة. - صرح نزار بركة، وزير المالية في حكومتكم، بأن نسبة النمو المتوقعة ستقارب 4,2 في المائة، في حين تحدث تصريحكم الحكومي عن نسبة تفوق 5 في المائة، هل يمكن أن نعتبر مثل هذا التصريح تراجعا عن وعودكم السابقة؟ أعتقد أن منهجية الاشتغال على القانون المالي لم تكن في السابق منهجية سليمة، حيث كانت الحكومات السابقة، في الكثير من الأحيان، تجتهد في الحديث عن أرقام تساير نوعا ما مبتغيات بعض المؤسسات الدولية بهدف عدم التأثير على مجموعة من المؤشرات، أما حكومتنا فقد اعتمدت مبادئ الوضوح والشفافية والحقيقة في صياغة قانون المالية، وقررنا توظيف الأرقام الحقيقية دون إخفاء أي رقم منها، لا على المواطن ولا على المؤسسات الدولية. أما الحديث عن التراجع عن وعود الحكومة فهو حديث غير صحيح، فلا يتعلق الأمر بتراجع بقدر ما يتعلق بملاءمة للواقع الاقتصادي الحالي، والمؤشرات المتوفرة تؤكد أن الوضعية الاقتصادية طرأت عليها تغيرات منذ صياغة القانون المالي في عهد الحكومة السابقة، إذ إن مؤشرات النمو في الاتحاد الأوربي التي كانت تستقر في 1.5 في المائة كنسبة للنمو، أصبحت الآن متجاوزة لأن آخر تقرير عن الوضعية الاقتصادية في دول الاتحاد يتحدث عن أن نسبة النمو فيه ستكون سالبة. ومن المعلوم أن ثلثي معاملات المغرب تربطه بالاتحاد الأوربي، وبالتالي فإن الطلب على المواد المغربية سيتراجع؛ وكان من الواقعي جدا أن نلائم نسب النمو مع المعطيات الدولية. ما أشرنا إليه في التصريح الحكومي يتحدث عن تحقيق 5.5 في المائة، وتحقيق 4 في المائة أو 5 في المائة خلال هذا العام لا يعني بالضرورة أنه ليس بمقدورنا أن نحرز 5.5 في المائة خلال العام المقبل، وما ستحاسب عليه الحكومة هو النسبة التي ستحققها في متم ولايتها الحكومية التي تستغرق 5 سنوات. ونحن نتوقع أن تكون هذه السنة صعبة والسنة المقبلة أقل بقليل، لكن خلال سنتي 2014 و2015 نتوقع أن تتحسن نسبة النمو. وبناء على ذلك، فالحكومة لم تتراجع أبدا عن التزاماتها. - قلتم إنكم اعتمدتم منهجية جديدة في صياغة القانون المالي وإن من أبرز معالمها إعادة النظر في طريقة تعاملكم مع المؤسسات الدولية، هل نفهم من كلامكم أن الحكومة الحالية لن تذعن لإملاءات المؤسسات الاقتصادية الدولية؟ بطبيعة الحال، سندخل مرحلة جديدة من التعامل مع هذه المؤسسات عنوانها البارز الشفافية والوضوح والتعاون على قدم المساواة. نحن مع التعاون مع هذه المؤسسات، لكن في احترام تام للأولويات التي سطرتها الحكومة في برنامجها الحكومي، ومن ثم فليس بإمكان أي مؤسسة دولية أن تفرض شيئا علينا، والحكومة لديها أولوياتها، ونحن سنتعاون مع كل المنظمات الدولية التي كنا ننسق معها في السابق، بدون استثناء، لكن -كما قلت- وفق ما يقرره ويسطره المغرب من أولويات. - من المرتقب أن يصوت البرلمان الأوربي في الأيام المقبلة على الاتفاقية الفلاحية مع المغرب، كيف سيكون تعاملكم مع أوربا إذا ما تم التصويت ضد تجديد هذه الاتفاقية؟ موضوع الاتفاقية الفلاحية يرتبط بشقين، الأول يتعلق بالمواقف الحكومية والثاني بالمواقف البرلمانية. أرى أن جميع الحكومات، بيمينييها ويسارييها، هي مع مد الجسور مع المغرب في إطار الاتفاقية السابقة؛ فبعد التصويت ضد تجديد اتفاقية الصيد البحري، اتصلت بنا مجموعة من الحكومات، خاصة الفرنسية والإسبانية اللتين عبرتا عن تضامنهما المطلق مع المغرب، وأكدت أنها ستبذل قصارى الجهود لتجديد الاتفاقية ابتداء من شهر مارس المقبل، وبالتالي فنحن نقول بكل وضوح للأصدقاء في الاتحاد الأوربي: أنتم تزكون التحول الديمقراطي الذي حصل في المغرب؛ وعلى هذا الأساس، ينبغي أن يبقى التعاون والتنسيق كما كان عليه في السابق، ومن مصلحة الاتحاد الأوربي أن تبقى الاتفاقيات المبرمة مع المغرب قائمة. صحيح أننا نقدر أنه هناك مشاكل اقتصادية تعرفها بلدان الاتحاد الأوربي، لكن عدم التصديق على الاتفاقية الفلاحية سيجعل المغرب يراجع الوضع المتقدم مع أوربا، إذ لا معنى لهذا الوضع بدون التصديق على ذلك. ونتصور أن آليات التعاون القائمة الآن مع الاتحاد الأوربي ستدفع باتجاه قبول هذه الاتفاقية رغم أنه ثمة لوبيات تريد رفض اتفاقية الفلاحة معنا. وأظن أن المغرب يتوفر على مقترحات استبدالية تسمح له بأن يجد شركاء آخرين في الصيد البحري والفلاحة. - يؤاخذ المغربُ على أنه يبقى رهينا دائما بالاتحاد الأوربي على المستوى الاقتصادي، هل ستحاول حكومتكم توسيع دائرة الشركاء الاقتصاديين لتشمل بلدانا أخرى في قارات أخرى؟ في البرنامج الحكومي ثمة أولويات واضحة، إذ وضعنا مجموعات للتعاون تبدأ من المحيط المغاربي إلى العمق العربي، والإفريقي، الإسلامي والكوني. وهذه الأولويات سنتدرج في التعاطي معها، وسنفتح آفاقا اقتصادية جديدة مع باقي البلدان الأخرى. ولا يخفى على أحد أن السيد وزير الخارجية والتعاون، سعد الدين العثماني، استطاع في أقل من شهر أن يذهب إلى تونس، والرئيس التونسي سيزور المغرب يوم الأربعاء، رغم أن العلاقات المغربية التونسية كانت متشنجة في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، كما زار الجزائر وتمكن من مد الجسور مع الجار الجغرافي، وهناك بوادر لانفراج سياسي؛ والأكثر من ذلك أن العثماني زار أديس أبابا على هامش انعقاد قمة منظمة الاتحاد الإفريقي، حيث اخترق المنظمة الإفريقية بعد 35 سنة من الغياب؛ والآن، أغلبية الدول تطالب بعودة المغرب إلى أجهزة المنظمة. إذن، في ظرف شهر استطاع المغرب أن يجدد تعاملاته الدبلوماسية، وهذه إشارة إيجابية تدل على أننا سنغير طريقة تعاملنا مع باقي حلفائنا. وكما يعلم الجميع، فإن رئيس الحكومة، غداة تصويت البرلمان على حكومته، استقل الطائرة ليلتحق بمنتدى دافوس ليعطي إشارات لرجال الأعمال والشخصيات النافذة في العالم التي حضرت إلى هذا المنتدى، مضمونها أن المغرب بصدد انتقال ديمقراطي، منفتح على الجميع ويمكن الاستثمار فيه بدون متاعب؛ والمغرب، كما عبر عن ذلك رئيس الحكومة، يرحب بالشراكات المتوازنة. وتلحظون أن الحكومة، وفي ظرف وجيز، تريد تنويع شركائها، ونحن مقبلون أيضا على فتح قنوات جديدة للتعاون مع البلدان الآسيوية الصاعدة، ومن المرتقب أن تكون هناك زيارات للهند والصين في الصيف القادم، ومقبلون كذلك على اتفاقية للتبادل الحر مع كندا؛ ولذا، لم نعد نتوفر على شريك واحد ووحيد. - ننتقل إلى موضوع آخر، تواجه حكومتكم تحديات كبيرة، في مقدمتها مشكل البطالة. ومن المعلوم أن العديد من الأطر المعطلة عمدت إلى إحراق أجسادها، وبات واضحا أن السلطات الأمنية لجأت إلى التدخل كحل لتفريق المعطلين المتظاهرين؛ هل نحن أمام أسلوب جديد للتعامل مع المعطلين؟ أعتقد أن موضوع البطالة ليس وليد اليوم ولا وليد الحكومة الحالية حتى نقول إن الحكومة أصبحت تواجه مشكل البطالة. أما في ما يخص بطالة الأطر العليا، فأرى أنه بات لزاما تغيير المقاربة المتخذة بشأنها، إذ استقر في أذهان الجميع أن من يناضل ويكوّن تنسيقية أو مجموعة، سيحصل على الشغل. وهذا منطق لا يمكن أن يستمر، فعلى سبيل المثال لدينا خريجون في سنة 2012 يشكلون تنسيقيات وجمعيات قبل الحصول على ماسترات، وبعد 3 أو 4 أشهر سيلتحقون بالوظيفة العمومية. كانت هناك حالة من الاحتقان ومن التعامل السلبي، وتكدست ملفات كثيرة والحكومة ملتزمة في إطار محضر 20 يوليوز الذي وقعته الحكومة السابقة، وما عدا ذلك سيتم في إطار الحوار. وأرى أنه من الضروري تغيير هذه المنهجية، وهذا ما يفسر في بعض الأحيان بعض التدخلات الأمنية في صفوف المعطلين. وهذا ليس أسلوبا جديدا في التعامل مع المعطلين، بقدر ما أنه متاح للمعطلين أن يحتجوا بطريقة حضارية، لكن عندما يصل الأمر إلى التهجم على رجال الأمن أو محاولة حصار مؤسسة معينة، فإنه يتم المرور بذلك من وضعية المطالبة بحق إلى وضعية المساس بحقوق الآخرين، وآنذاك.. فالدولة لها هيبتها، حيث يصبح من حق المواطنين الآخرين أن ينعموا بالأمن، ويمكن للسلطات في هذه الحالة أن تتدخل لثني المحتجين عن هذه التجاوزات وإعادة الأمور إلى نصابها. ومن هذا المنبر، نطلب من كل المعطلين تأطير احتجاجاتهم بطريقة سلمية، والحكومة في هذه الحالة ستضمن لهم حقهم في الاحتجاج. - قلتم إن منطق الاحتجاج المؤدي إلى الوظيفة العمومية لن يستمر، ما هو التعامل الجديد لحكومتكم تجاه مشكل بطالة الأطر العليا؟ التعامل واضح، الدولة ستسعى، بكل وسائلها، إلى توفير العدد الأقصى من مناصب الشغل، ولذلك فإنها أفردت في الميزانية الحالية 26 ألف منصب شغل، وهو العدد الذي لم نصل إليه منذ عشر سنوات. والمنطق الجديد يقوم على إجراء مباريات الاستحقاق، وسيتقدم إليها من يشاء. والأخ رئيس الحكومة يعتزم تكوين لجنة مشرفة على كل هذه المباريات، وسيدعو المجتمع المدني إلى أن يكون بدوره مراقبا فيها، لنوفر كافة الضمانات في ما يخص الشفافية والوضوح لمن يستحق أن يجتاز المباراة بنجاح. في نفس السياق، سنعمل على دعم القطاع الخاص بتوجيهات حكومية لاستقطاب الشباب الكفء، وسنحفز، بما هو متاح، المقاولات الصغرى والمتوسطة التي تساهم في تشغيل الشباب العاطل، لنساهم جميعا في حل هذه المعضلة. - نقلت بعض وسائل الإعلام انتقادكم لأحزاب الأغلبية الحكومية لأنها لم تقدم مرشحات للاستوزار في حكومة عبد الإله بنكيران؛ ما هي حيثيات هذه التصريحات التي بإمكانها أن تؤثر على انسجام مكونات الأغلبية؟ أولا، ينبغي على الصحافة أن تتأكد مما تقوله، أنا لم أنتقد أي حزب من أحزاب الأغلبية الحكومية، ولم أذكر أي حزب بالاسم. لما طرح علي سؤال غياب المرأة في التشكيلة الحكومية، قلت إن العدالة والتنمية لا يمكن أن يساءل عن الموضوع لأنه قدم المرأة الوحيدة في الحكومة، بالرغم من أنه كان علينا تقديم أكثر من اسم واحد، فلو أن باقي أحزاب الأغلبية قدمت على الأقل اسما نسائيا واحدا في لائحتها لكانت الحكومة تتوفر على أربعة نساء. وطبعا، هناك انسجام تام بين الأحزاب المشكلة للحكومة، وهناك تضامن إيجابي، والكل يشتغل بحماس، وإن كانت بعض الفئات داخل الأحزاب تطالب بتعديل حكومي لضمان المشاركة النسوية أو الشبابية، وهناك أيضا نقابات تابعة لأحزاب الأغلبية تريد أن تناور ضد الحكومة، والأمر -في اعتقادي- عادي جدا لأنه من صميم العمل السياسي. - في موضوع المشاورات الحكومية، هناك من يقول إنك رفضت الاشتغال بجوار نزار بركة، ورفضت كذلك أن تصبح وزارة المالية برأسين؛ ما صحة هذه الأخبار؟ الأكيد أن تدبير المفاوضات الحكومية اعترضته الكثير من المشاكل. بالنسبة إلى وزارة المالية، كان مفروضا أن تؤول برمتها إلى حزب العدالة والتنمية، لكن وقع ما وقع، حينما صعب على الإخوة في حزب الاستقلال التفريط في هذه الوزارة لأسباب تاريخية... وتم فتح النقاش معهم بشأن وزارات أخرى، فأشاروا إلى وزارة المالية، وحزبنا كذلك لم يرد أن يفرط في هذه الوزارة، فتقرر تقسيمها إلى وزارتين، وبالتالي فقد صارت برأسين. أنا رجل اقتصاد وأشتغل في المالية، والوزارات التي كان من الممكن أن أشغلها هي الوزارة التي أسيرها حاليا لأنها تتكلف بالمقاصة والحكامة والاقتصاد الاجتماعي والعلاقات مع المؤسسات الدولية. ولو لم أكن في هذا الوزارة، لم أكن لأقبل الاشتغال في أي وزارة أخرى بحكم نوع الخبرة التي أتوفر عليها. - تشغلون وزارة الحكامة والشؤون العامة؛ ما هي استراتيجيتكم الجديدة في تدبير ملفات هذا القطاع، خاصة ما يتصل بمحاربة الريع الاقتصادي؟ ينبغي تأكيد أن هناك إجماعا عالميا على أن النمو يمر عبر الحكامة، فالحكومة الحالية اقتبست فلسفة هذا الموضوع، وبالتالي وضعت لهذه الوزارة مهمة جديدة هي الحكامة، وما يمكن أن نلخص به الفكرة هو الحكامة في التدبير العمومي، بمعنى أننا سنعمل على ضمان ما يسمى بالتقائية القطاعات الحكومية، إذ لم يعد مسموحا لأي قطاع حكومي أن يدبر أموره بشكل انفرادي، حيث هناك رئيس للحكومة مسؤول عن كل القطاعات التي يشرف عليها. الشيء الثاني الذي يعد من اختصاص هذه الوزارة هو وضع سياسة عمومية للاستثمار، ستحاول بموجبها أن تجمع مختلف الأجهزة التي تشتغل في المجال الاستثماري على أساس أن تكون هي المخاطب الوحيد في ما يخص تدبير السياسات الاستثمارية، وما يرتبط بالتنفيذ فهو من اختصاص الوكالات الموجودة حاليا. ثم على صعيد توفير مناخ الأعمال الذي له علاقة مباشرة بالفساد وبالرشوة في الإدارات والمحسوبية واقتصاد الريع، فإن الوزارة ستعد خطة تقدمها إلى رئيس الحكومة للمصادقة عليها، وهي تقضي بمحاربة جل هذه الإشكالات التي تمس عمق الاقتصاد المغربي وتدبير الأجهزة الإدارية والاقتصادية. ولدينا نصوص سنعمل على إنجازها تتصل بالصفقات العامة وامتيازات النقل في أعالي البحار. وكل ذلك في إطار التصور الدستوري الذي أفرد للحكامة حيزا هاما وقسمها إلى مؤسسات الحكامة الاقتصادية ومؤسسات أخرى للمرأة والشباب..
أدعو 20 فبراير إلى الحوار مع الحكومة - رفضت حركة عشرين فبراير التحاور مع حكومتكم بالرغم من أن رئيس الحكومة مد إليها اليد مبديا الاستعداد للحوار؛ ألا يمكن أن تشكل هذه الحركة ضغطا إضافيا إلى جانب التحديات الكثيرة التي ستواجهكم، وكيف ستتعاملون معها في حال الاستمرار في رفض دعوات الحوار؟ نحن نقدر أن الحراك الشبابي هو حراك إيجابي، الشباب ينادون بإسقاط الفساد والاستبداد، ولا أحد ينكر أن الانتخابات مرت في أجواء سليمة وديمقراطية، وحسب علمي لم يشكك أو يطعن فيها أحد. وأرى، في ما يخص محاربة الاستبداد، أن المغرب تقدم خطوات كبيرة إلى الأمام، إذ لم تعد الانتخابات تزوّر كما كان يقع في السابق. بطبيعة الحال، ما يزال هناك فساد، حيث لم تبدأ الحكومة بعدُ عملَها بشكل سريع؛ فإذا خرج الشباب للتنديد بالفساد فهو حق مكفول لهم، والحكومة لن تمنع أحدا من الخروج، لكن جزءا من 20 فبراير استوعب أنه لا بد من إعطاء الوقت للحكومة لمباشرة مهامها، حيث إذا اشتغلت الحكومة في أجواء مريحة فإن فعاليتها يمكن أن تكون كبيرة، وبالمقابل فإنها إذا لم تجد إطارا مريحا للعمل فإنها ستكون بحاجة إلى وقت طويل ومجهودات أكثر لتحقيق هدفها. وفي حال ما إذا استمرت حركة عشرين فبراير في المطالبة بإسقاط الفساد والاستبداد، فلن يختلف معها أحد، لكن أن تدخل في صراع مع حكومة رفعت نفس الشعار، فالأمر ينطوي على خلل ما: الحكومة تريد إسقاط الفساد والحركة كذلك، إذن لماذا كل هذا التعارض، فالأولى أن ندخل في حوار لتحقيق هذا المبتغى، أما أن يستمر الاحتجاج على الحكومة دون آليات للتنفيذ، علما بأن الحكومة تتوفر على هذه الآليات، فهذا سيؤثر قليلا على البلاد. ومن هنا أدعو حركة عشرين فبراير إلى تغيير منهجية اشتغالها ومن ثم الجلوس إلى طاولة الحوار؛ وفي حال ما إذا حصل التوافق فذاك سيكون أمرا جيدا، أما إذا لم يحصل فسنحاول التعاون في ما بيننا دون أن نتصارع.