موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    جماهري يكتب: الجزائر... تحتضن أعوانها في انفصال الريف المفصولين عن الريف.. ينتهي الاستعمار ولا تنتهي الخيانة    أسطول "لارام" يتعزز بطائرة جديدة    الزمامرة والسوالم يكتفيان بالتعادل    استفادة أزيد من 200 شخص من خدمات قافلة طبية متعددة التخصصات    إعطاء انطلاقة خدمات 5 مراكز صحية بجهة الداخلة وادي الذهب    حزب الله يطلق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل وبوريل يدعو من لبنان لوقف النار    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    دعوات لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الفلسطينيين بالمدارس والجامعات والتصدي للتطبيع التربوي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    نظام العالم الآخر بين الصدمة والتكرار الخاطئ.. المغرب اليوم يقف أكثر قوة ووحدة من أي وقت مضى    الدرهم "شبه مستقر" مقابل الأورو    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    نهيان بن مبارك يفتتح فعاليات المؤتمر السادس لمستجدات الطب الباطني 2024    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    موجة نزوح جديدة بعد أوامر إسرائيلية بإخلاء حي في غزة    الأمن الإقليمي بالعرائش يحبط محاولة هجرة غير شرعية لخمسة قاصرين مغاربة    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    "طنجة المتوسط" يرفع رقم معاملاته لما يفوق 3 مليارات درهم في 9 أشهر فقط    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زاوية الشيخ... مدينة مهمشة توحد شبابها لمحاربة التهميش
رحلة في مدينة مهمشة توحد شبابها لمحاربة الفساد والدعارة
نشر في المساء يوم 07 - 02 - 2012

«عندما يتحالف الفساد وصراعات السياسيين والتهميش، ينبغي ألا ينضم إليها سكوت وصمت المواطنين أيضا، لا بد من صوت لوقف التواطؤ وكشف الفساد»
بهذه العبارة يلخص عضو في حركة «شباب زاوية الشيخ ضد الفساد»، أسباب ظهور حركة شبابية بالمدينة تناضل من أجل المدينة أولا، مدينة زاوية الشيخ بوابة جهة تادلة أزيلال الشمالية التي طمرها الفساد وصراعات السياسيين وانتشار الدعارة وأقبرها النسيان والتهميش «فلم تعد تشرف أحدا من سكانها».
يفاجأ القادم من مدينة فاس في اتجاه مراكش قبل الوصول إلى مدينة بني ملال، وبعد كيلومترات فقط من سد أحمد الحنصالي، بمدينة في سفح جبال الأطلس، حيث الخضرة والماء وشارع يتيم لا يسلم من مطبات عديدة وحفر كثيرة وأشغال ترقيعية لم تتوقف يوما، تختفي مظاهر البؤس كلما نظر القادم على يساره دون أن ينتبه لليمين، على اليسار يوجد منتزه تامدة السياحي، الذي شارفت الأشغال فيه على نهايتها، لكن عندما يوجه الزائر نظره إلى اليمين يتساءل عن بنايات توقفت الأشغال بها، منذ ما يقارب عقدين من الزمن، قبل أن يصل إلى مقاهي يرتفع منها دخان الشواء وأصوات الموسيقى الأمازيغية، يجد القادم نفسه محاطا بأسئلة اكتشاف هذه المدينة التي تفضح أشغال الترقيع وجها بئيسا.
زاوية الشيخ ترحب بكم
«كلما توغلت أكثر في الجهة الغربية للمدينة إلا ووجدت نفسك وسط قرية كبيرة جدا لم تستحق يوما أن تنصب على واجهتها لافتة «مرحبا بكم في مدينة زاوية الشيخ» شوارع تغيب عنها أدنى مقومات الشوارع، وأحياء أزقتها مبعثرة وبيوت مختلفة الهندسة، كل الأحياء هنا تتشابه بداية من حي الزاوية القديمة مرورا بحي ما زالت البيوت الطينية فيه جنبا إلى جنب مع عمارات حديثة، «هنا الأصالة والمعاصرة.. لا فرق بين تراب وإسمنت ولا بين رصيف وشارع» يقول (رشيد.ن) أحد أبناء زاوية الشيخ ساخرا من وضع مدينة «كانت تستحق أن تكون من أرقى وأنقى مدن الجهة لولا صراعات السياسيين وتهميش المسؤولين»، ينصح رشيد كل غريب عن المدينة بالقول «الجولان عبر سيارة في أحياء القرية - المدينة الصغيرة - قد يعرضك للمشاكل لذلك يستحسن أن تمضي راجلا قبل أن تتعطل سيارتك»، حقيقة تتأكد كلما اخترقت أزقة زاوية الشيخ غربا باتجاه المسبح البلدي المعطل منذ بنائه، بينما تنبعث روائح مياه الصرف الصحي في مدينة يخترقها أحد أهم المجاري المائية بالجهة «عين تامدة» لا أثر هنا لسبعة ملايير و100 مليون سنتيم التي تم الاتفاق حولها بحضور كاتب الدولة المكلف بالماء والبيئة لإنجاز شبكة للتطهير السائل في مدينة زاوية الشيخ بشراكة مع المكتب الوطني للماء الصالح للشرب والوكالة والمجلس الجماعي لزاوية الشيخ، قبل ثلاث سنوات ونصف.
المشروع اتفق على تمويله من طرف المكتب الوطني للماء الصالح للشرب بنسبة 70 في المائة (7 .49 مليون درهم) عبر دعم ممنوح من طرف البنك الأوروبي للاستثمار والاتحاد الأوروبي، و30 في المائة سيتم تمويلها من طرف الجماعة (12 مليون درهم)، ووكالة الحوض المائي أم الربيع (3 .9 ملايين درهم)، المحطة التي قيل إنها ستمكن من «تحسين الظروف الصحية لساكنة زاوية الشيخ وحماية الوسط الطبيعي، خاصة واد أم الربيع، الذي يوجد عليه سد آيت مسعود الموجه لتأمين التزويد بالماء الصالح للشرب بتادلة وهضبة الفوسفاط ويوجه لإنجاز شبكة لتصريف مياه الأمطار من خلال أحواض جوية، ووضع قنوات للصرف على امتداد ثلاثة كيلومترات وإنشاء محطة للمعالجة على شكل أحواض طبيعية على مساحة تبلغ أربعة هكتارات»، لكن مر 15 شهرا، وهي المدة التي حددت لنهاية المشروع، أي بحلول سنة 2010، بل مر اليوم 44 شهرا على الاتفاقية دون أن تظهر على أرض الواقع في سنة 2012.
منشآت من زمن الاستعمار
كلما اقتربت أكثر من الجهة الغربية للمدينة إلا وتزكمك روائح كريهة لا تتبين مصدرها «الروائح هنا كريهة جدا لكن ليل المدينة لا يطاق بفعل الرياح الغربية التي تهب على المدينة محملة بكل النفايات والفضلات والحشرات»، وأنت تقترب أكثر تصدمك المناظر التي تواجهها، بناية مهترئة تنبعث منها روائح نتنة، ودماء وفضلات حيوانات مرمية هنا وهناك «لقد وعدونا منذ سنوات بنقلنا من هذا السجن الذي نتذوق فيه مختلف أنواع العذاب»، يقول رجل ملطخ بالدماء، قبل أن يضيف بسخرية مرة «مرحبا بكم لتنالوا نصيبكم من العذاب إنها المجزرة التي تزود المدينة والقرى المجاورة باللحوم». الولوج إلى المجزرة يزيد من هول الصدمة، لا قنوات هنا لصرف الدماء والفضلات، ولحوم مرمية وسط كل أنواع الأوساخ، وروائح تزكم الأنوف «إن كل أشكال التعذيب لا تبلغ مدى ما نعيشه يوميا في هذه الظروف، أولى أن يغلقوا هذا المحل، الذي لا ينتبه أحد إلى خطورة الأضرار الصحية التي يمكن أن يسببها، عوض أن نستمر في الاشتغال بانتظار وعود لن تتحقق» يضيف شاب ملطخ بالدماء ومنشغل بسلخ خروف وسط المجزرة، تزداد الدهشة عندما تأتي شاحنة نقل اللحوم، أصر الجزارون على أن نعاينها لنقف على حجم «العناية بالمواطنين والحفاظ على صحتهم في مدينة زاوية الشيخ»، شاحنة مهترئة بدورها ومرقعة في الوقت الذي يفترض أن تكون مجهزة لحفظ اللحوم، لكنها «أكبر ضرر على اللحوم وأكبر ملوث وأولى أن ننقل اللحوم على ظهر الدواب عوض نقلها على متن هذه الشاحنة».
التجوال في أحياء المدينة يكشف حجم التهميش والمعاناة التي يعيشها سكانها، انطلاقا من حي الزاوية القديمة مرورا بحي تاداوت، وتيقشمرين، ووصولا إلى بوحابو، والمطالب، وحي السعادة، وحي إقور – الوادي اليابس، وحي تاسلافت وحي أباشا، وحي أجيون ، قبل الوصول إلى حي تيقبرين الذي ألحق مؤخرا بالمدار الحضري للمدينة القروية «عوض أن يلحقونا بحي تيقبرين ألحقوه بنا ليسمى ضمن مدار حضري كله قرية كبيرة» يقول شاب من حركة شباب زاوية الشيخ ضد الفساد.
صراعات المجلس البلدي
لم يكن تأجيل دورة المجلس البلدي، صباح الخميس الماضي، الحدث الأول والأخير من الصراع بين مكونات المجلس البلدي الذي أصاب المدينة بالشلل، تحولت المعارضة إلى أغلبية وتحولت الأغلبية التي تسير المجلس إلى أقلية فشلت في تمرير الحساب الإداري ومشروع الميزانية منذ انتخاب المجلس في شتنبر من سنة 2009، كانت مطالب المعارضة واضحة من خلال بياناتها المطالبة بكشف ما تسميه «اختلالات في التسيير وتجاوزات الرئيس وصفقات مشبوهة شملت كل أنشطة المجلس البلدي» وكان رد الرئيس تقديم استقالة سرعان ما توقف الحديث عنها بعد رجوعه إلى مباشرة مهامه ومطالبته بدوره بحلول قضاة المجلس الجهوي للحسابات، تضيع مصالح المواطنين الذين لا يعرفون طبيعة الصراع داخل المجلس البلدي المشلول منذ سنوات، لم يحرك بركة المياه الآسنة فيه حلول قضاة المجلس الجهوي للحسابات في مناسبتين، ولا حلول لجان التفتيش من وزارة الداخلية بالمدينة، ترى المعارضة داخل المجلس البلدي أنها تملك ملفات ووثائق خطيرة عن طبيعة الاختلالات، ويرى الرئيس وموالوه أن تلك الملفات يجب أن تكون معروضة على القضاء. يتساءل أعضاء المعارضة عمن يحمي رئيس المجلس في الوقت الذي تم قبول استقالات كثيرة داخل إقليم بني ملال، ويقدمون أمثلة للتجاوزات خلال السنوات الماضية، ويرد الرئيس بأنه بريء من اتهامات المعارضة ومن تبذير المال العام وبأن عيون الداخلية لا تنام. ضاق المواطنون ذرعا بالصراع الدائر بين أعضاء المجلس البلدي وقرروا مطاردة رئيس المجلس وباشا المدينة صبيحة صلاة عيد الأضحى الأخير، حيث هرب الاثنان حافيين من المصلى وسط الأوحال.
لرفع التهميش ومحارب الفساد
بالتزامن مع موجة الربيع العربي انطلقت بمدينة زاوية الشيخ دعوات لمجموعات شبابية عبر الأنترنت قبل أن تظهر علنا هذه الحركات التي أطلقت على نفسها «شباب زاوية الشيخ ضد الفساد»، حركة شبابية انطلقت بداية لاستنكار الجرائم التي تعرفها المدينة وغياب الأمن بها، قبل أن تعلن انخراطها في خطوة أكبر بمحاربتها لأوكار الدعارة المنتشرة ببعض أحياء المدينة خصوصا بحي الزاوية القديمة، «طفح بنا الكيل وودعنا زمن السكوت ضاق شباب مدينة زاوية الشيخ ذرعا بتفشي الدعارة وبتواطؤ المسؤولين وصمت السلطات»، يقول شاب من أعضاء الحركة التي دعت إلى الاحتجاج في بداية شتنبر الماضي قبل أن يستجيب لطلبها مئات المواطنين والشباب في خطوة فاجأت من دعا لها أولا قبل أن تفاجئ السياسيين والمتتبعين بالمدينة التي كانوا يعتبرونها ميؤوسا منها ، قبل أن يضيف «وكأننا نعاقب بصمتنا عن مطالبتنا بحقوقنا، لكن بعد كل الذي وقع لا صمت بعد اليوم». باشر شباب المدينة محاربة ظاهرة الدعارة بأيديهم وتطوعوا لتكوين فرق أمنية كانت تواجه الوافدين على المدينة بشكل مباشر، كانت الأرقام مخيفة وتكشف ما يعانيه شباب المدينة في صمت من جرح لكبرياء شموخ شباب الأطلس، فقد أحصوا أزيد من 1200 وافد على حي الزاوية القديمة، خلال يومين فقط، من زبناء سوق الدعارة. حمل شباب المدينة السلطات المسؤولية عن عدم الوفاء بالالتزامات السابقة بإخلاء مجموعة من دور الدعارة بالمدينة، بعد أن تقدموا سابقا بعرائض تحمل مئات التوقيعات من أجل حمل عناصر الدرك والسلطات المحلية على القيام بواجبها في محاربة الظاهرة، قبل أن يدخل شباب مدينة زاوية الشيخ في مواجهات مباشرة مع الوافدين على المدينة والمشتبه في قدومهم للاستفادة من الخدمات الجنسية بها. يتم القبض على الوافدين وتسليمهم بعد ذلك إلى السلطات ورجال الدرك الذين رفعوا أسماء بعضهم في مسيرات احتجاجية واتهاموهم، بالتستر على الظاهرة مقابل عمولات أسبوعية وإتاوات يتلقونها مقابل صمتهم وتشجيعهم للدعارة.
فتيل الاحتجاجات بالمدينة
كانت النداءات التي توجهها الفعاليات بالمدينة وفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مثل صيحة في وادي اللامبالاة، «نساء يلدن تحت ضوء الشموع بدار الولادة بزاوية الشيخ، وغياب كل التجهيزات الطبية بالمركز الصحي الوحيد الذي كان يوجد به طبيب واحد لأزيد من 30 ألف نسمة، واختلالات كثيرة يعرفها المركز الصحي على مستوى التطبيب والتمريض والتجهيزات خصوصا بدار الولادة»، لكن الحقوقيين بالمدينة انتبهوا إلى دور الشباب قبل أن يتحالفوا جميعا في تنسيقية دعت السكان إلى الاحتجاج بالآلاف قبل أن يتلقوا وعودا بتحقيق مطالبهم، وهي وعود لم يكتب لها أن تخرج إلى حيز الوجود، بعد مرور شهر على إطلاقها، قبل أن تفاجئ وفاة شاب بالمدينة الجميع، فوفاة الشاب حدثت داخل المركز الصحي بسبب غياب الأوكسجين وغياب التجهيزات الطبية، لتشتعل المدينة بالاحتجاجات التي أوقفت حركة السير وشلتها نهائيا خلال أربعة أيام من الاحتجاجات والاعتصامات، قبل أن يتم الاتفاق بين المحتجين والسلطات على مجموعة من المطالب. يخوض سكان زاوية الشيخ اليوم، في نظر نور الدين عرفاوي الناشط الحقوقي والجمعوي «نضالهم بشكل مرحلي بمنهجية النقطة تلو الأخرى، مع متابعة الالتزامات التي قدمتها اللجنة الموسعة للساكنة في اللقاء التفاوضي الأخير، وننظر حاليا في مطلب تمكين زاوية الشيخ، التي يعاني أغلب سكانها من الهشاشة، من الربط المجاني بشبكة التطهير السائل، ونعتبر ذلك أقل ما يمكن في إطار جبر الضرر الجماعي عن التهميش الذي عانته المدينة»، ربيع لمدينة زاوية الشيخ بالتزامن مع الربيع العربي تجسد في «العودة القوية للاهتمام بالشأن العام بزاوية الشيخ، حيث أصبحت كل مشاغل المدينة تحت أعين المجتمع المدني وشباب المدينة»، فهل يكون ربيع مدينة زاوية الشيخ إعلانا عن نهاية تهميش المدينة التي أصابها الشلل بفعل صراعات السياسيين وتهميش السلطات لبوابة جهة تادلة أزيلال الشمالية؟


الحركة الشبابية تحمل مطالب السكان في الاحتجاجات الشعبية؟
اهتمام متزايد ذلك الذي أصبح لسكان مدينة زاوية الشيخ بالبيانات، التي يصدرها شباب زاوية الشيخ وفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والتنسيقية ضد الفساد المحلية،، بعد موجة الاحتجاجات التي عرفتها المدينة منذ بداية شتنبر الماضي، قبل أن تتزايد في وسط نونبر، وانتهاء بالاعتصامات الشهيرة في نهاية دجنبر الماضي.
البيانات تخبر بكل جديد في مطالب السكان وحجم استجابة السلطات المحلية وتنزيلها لبنود الاتفاق، الذي أعقب مفاوضات بين شباب المدينة المحتج ووفد من ولاية جهة تادلة أزيلال. بيانات تخبر عن اجتماعات عادية للجنة التنسيق المحلية ولقاءاتها باللجان المخولة بالتفاوض، كما تخبر السكان بالمكتسبات التي حققتها الاحتجاجات الشعبية، فكان أبرزها في في مجال الصحة تلقي وعود بإضافة طبيبين داخليين وطبيب للوقاية المدنية وبذلك ينتقل عدد أطباء المركز من 1 إلى 4، إضافة 4 ممرضين من القطاع الخاص، وتنظيم زيارات بعض الأطباء المختصين، حسب الحالات التي تدعو إلى ذلك، وتشغيل المختبر في غضون أسبوع، وستستفيد منه مرحليا النساء الحوامل وذوو الأمراض المزمنة.
ومن المكتسبات التي تم تحقيقها أيضا وعد بتجهيز المركز الصحي بجهاز الكشف بالأشعة خلال سنة 2012، و الرفع من حصة الأدوية بنسبة 21% مع إشهار لائحتها، توفير تقني في الترويض الطبي بصفة مؤقتة، في انتظار تعيين تقني خلال الموسم المقبل، وتجهيز المؤسسة الصحية بالأوكسجين ومكيفات الهواء، وخاصة دار الولادة، وتفعيل اللجنة المحلية لحفظ الصحة والصحة المدرسية.
أما في مجال الخدمات، فقد تم الاتفاق على «بناء مفوضية للشرطة قرب المركز الصحي في غضون الأشهر القليلة القادمة، مع احتمال إحداثها بمقر دار الطالب مرحليا»، وتلقى المحتجون وعدا بدراسة إمكانية بناء قاعة للجلسات بمحكمة السدد بالمدينة عوض التنقل لمدينة قصبة تادلة للتقاضي.
أما في مجال التعليم والتكوين، فقد تلقى سكان زاوية الشيخ المحتجون وعودا ب«إمكانية إحداث مؤسسة للتكوين المهني في الموسم الدراسي المقبل بمقر المركز الصحي القديم»، واستفادة الطلبة من السكن بالحي الجامعي.
ولم يكتف المحتجون بالخدمات الاجتماعية، بل نقلوا احتجاجاتهم إلى المطالبة بوضع حد للشلل الذي خلفه الصراع بين مكونات المجلس البلدي للمدينة في تدبير الشأن المحلي، وتم الاتفاق على إنجاز تصميم التهيئة للحد من مشاكل التوسع العمراني، والمصادقة على المشاريع المتضمنة في المخطط الجماعي للتنمية، والتسريع في إنجاز أشغال الحد من الفيضانات بالأزقة المتضررة، والعمل على توفير مجزرة تتوفر فيها شروط الذبح ونقل اللحوم في ظروف جيدة، وإيفاد لجنة إقليمية لدراسة الملفات العالقة الخاصة بالربط بشبكتي الماء والكهرباء، وإلزامية تشغيل 70% من اليد العاملة المحلية بالأوراش التي تنجز بمالية الجماعة الحضرية. مطالب السكان لم تكن ليتلقوا عنها وعودا لولا الذكاء الذي مارسه شباب زاوية الشيخ ضد الفساد بمشاركة فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وفعاليات جمعوية بالمدينة رأت أن المناسبة كانت فرصة ل»جبر الضرر الجماعي من جراء التهميش الذي عانت منه الساكنة»، واستغلال ثرواتها المائية من طرف المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، وهو ما يوضحه أحد أعضاء التنسيقية، ب«حسن توظيف المشاكل الاجتماعية التي تتخبط فيها المدينة وغضب سكانها الطبيعي من انتشار الدعارة وتجارة المخدرات وتحويل مدينة تنعم بالثروة المائية إلى مزبلة كبيرة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.