لأول مرة خارج أوروبا.. الرباط تحتضن الاجتماع السنوي لشبيبة الحزب الشعبي الأوروبي    المغرب و الاتحاد الإفريقي .. من تعزيز الحكم الذاتي إلى دعم تنمية الساحل    بينهم 9 محكومون بالمؤبد.. إسرائيل تفرج السبت عن 90 أسيرا فلسطينيا    "ديب سيك" الصينية في مواجهة قانونية تهدد علامتها التجارية في أميركا    شركة تركية عملاقة تؤسس فرعا بالمغرب لتعزيز تصميم وصناعة الدرونات العسكرية    ترمب يصر على تهجير سكان غزة رغم رفض مصر والأردن    السيتي في مواجهة الريال.. مواجهات نارية في قرعة الدور الفاصل في دوري أبطال أوروبا    مشاركة وازنة للاعبات المغربيات إلى جانب نخبة من النجمات العالميات في الدورة ال 28 لكأس للا مريم للغولف    الكعبي : لا مستحيل في كرة القدم .. وهدفنا التتويج بالدوري الأوروبي    دنيا بطمة تخرج من سجن الأوداية بعد انتهاء عقوبتها    دنيا بطمة تعانق الحرية بعد سنة من سجنها    بعد عام من الإعتقال .. دنيا بطمة تعانق الحرية    مندوبية السجون: انحسار حالات الإصابة ب"بوحمرون" بعد حملة تلقيح واسعة النطاق    أخطاء كنجهلوها.. الطريقة الصحيحة لقيادة السيارة في أجواء البرد القارس (فيديو)    المحكمة التجارية بالدار البيضاء تجدد الإذن باستمرار نشاط مصفاة "سامير"    وفود تمثل كبريات الحواضر العربية ستحل بطنجة    في سرية تامّة.. دنيا بطمة تغادر أسوار سجن الأوداية بمراكش    "كاف" يمدد فترة تسجيل اللاعبين ويغير لوائحه لتتناسب مع نظيرتها الأوروبية    أعضاء مقاطعة عين السبع يطالبون بإقالة الرئيس يوسف لحسينية بسبب "الانتكاسة" التدبيرية    الرباط: وزير الخارجية اليمني يجدد التأكيد على موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمملكة    الرئيس الانتقالي في سوريا: نعمل على وحدة البلاد وتحقيق السلم الأهلي    توقيف شخص بطنجة مبحوث عنه وطنيا متورط في قضايا سرقة واعتداء    إعادة فتح معبري سبتة ومليلية.. ضغط إسباني وتريث مغربي    استئناف النقل البحري بين طنجة وطريفة بعد توقف بسبب الرياح العاتية    حكم بالسجن على عميد شرطة بتهمة التزوير وتعنيف معتقل    توقعات بتصدير المغرب 90 ألف طن من الأفوكادو في 2025    "مجموعة العمل من أجل فلسطين" تحتج أمام البرلمان وفاء للشهيد محمد الضيف    حصيلة النشاط القضائي بالقنيطرة‬    انخفاض بنسبة 0.2% في أسعار إنتاج الصناعات التحويلية بالمغرب    أداء إيجابي في بورصة الدار البيضاء    أسعار النفط ترتفع إلى أزيد من 76 دولارا للبرميل    التمرينات الرياضية قبل سن ال50 تعزز صحة الدماغ وتقلل من الزهايمر    التعاون السعودي يعلن ضم اللاعب الصابيري خلال فترة الانتقالات الشتوية الحالية    اللجنة التأديبية الفرنسية تقرر إيقاف بنعطية 6 أشهر    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي تعزز وعي الجيل المتصل في مجال الأمن الرقمي    الفلاحون في جهة طنجة تطوان الحسيمة يستبشرون بالتساقطات المطرية    نهضة بركان يواصل التألق ويعزز صدارته بفوز مهم على الجيش الملكي    كيوسك الجمعة | 97 % من الأطفال المغاربة يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    سانتو دومينغو.. تسليط الضوء على التقدم الذي أحرزه المغرب في مجال التعليم    العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة التي تحطمت في واشنطن    نتفليكس تطرح الموسم الثالث من مسلسل "لعبة الحبار" في 27 يونيو    أجواء ممطرة في توقعات طقس الجمعة    ارتفاع أسعار الذهب    الدولي المغربي حكيم زياش ينضم رسميا للدحيل القطري    وتتواصل بلا هوادة الحرب التي تشنها جهوية الدرك بالجديدة على مروجي '"الماحيا"    «استمزاج للرأي محدود جدا » عن التاكسيات!    إطلاق النسخة الأولى من مهرجان "ألوان الشرق" في تاوريرت    وفاة الكاتب الصحفي والروائي المصري محمد جبريل    مع الشّاعر "أدونيس" فى ذكرىَ ميلاده الخامسة والتسعين    المَطْرْقة.. وباء بوحمرون / الحوز / المراحيض العمومية (فيديو)    علاج غريب وغير متوقع لمرض "ألزهايمر"    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زاوية الشيخ... مدينة مهمشة توحد شبابها لمحاربة التهميش
رحلة في مدينة مهمشة توحد شبابها لمحاربة الفساد والدعارة
نشر في المساء يوم 07 - 02 - 2012

«عندما يتحالف الفساد وصراعات السياسيين والتهميش، ينبغي ألا ينضم إليها سكوت وصمت المواطنين أيضا، لا بد من صوت لوقف التواطؤ وكشف الفساد»
بهذه العبارة يلخص عضو في حركة «شباب زاوية الشيخ ضد الفساد»، أسباب ظهور حركة شبابية بالمدينة تناضل من أجل المدينة أولا، مدينة زاوية الشيخ بوابة جهة تادلة أزيلال الشمالية التي طمرها الفساد وصراعات السياسيين وانتشار الدعارة وأقبرها النسيان والتهميش «فلم تعد تشرف أحدا من سكانها».
يفاجأ القادم من مدينة فاس في اتجاه مراكش قبل الوصول إلى مدينة بني ملال، وبعد كيلومترات فقط من سد أحمد الحنصالي، بمدينة في سفح جبال الأطلس، حيث الخضرة والماء وشارع يتيم لا يسلم من مطبات عديدة وحفر كثيرة وأشغال ترقيعية لم تتوقف يوما، تختفي مظاهر البؤس كلما نظر القادم على يساره دون أن ينتبه لليمين، على اليسار يوجد منتزه تامدة السياحي، الذي شارفت الأشغال فيه على نهايتها، لكن عندما يوجه الزائر نظره إلى اليمين يتساءل عن بنايات توقفت الأشغال بها، منذ ما يقارب عقدين من الزمن، قبل أن يصل إلى مقاهي يرتفع منها دخان الشواء وأصوات الموسيقى الأمازيغية، يجد القادم نفسه محاطا بأسئلة اكتشاف هذه المدينة التي تفضح أشغال الترقيع وجها بئيسا.
زاوية الشيخ ترحب بكم
«كلما توغلت أكثر في الجهة الغربية للمدينة إلا ووجدت نفسك وسط قرية كبيرة جدا لم تستحق يوما أن تنصب على واجهتها لافتة «مرحبا بكم في مدينة زاوية الشيخ» شوارع تغيب عنها أدنى مقومات الشوارع، وأحياء أزقتها مبعثرة وبيوت مختلفة الهندسة، كل الأحياء هنا تتشابه بداية من حي الزاوية القديمة مرورا بحي ما زالت البيوت الطينية فيه جنبا إلى جنب مع عمارات حديثة، «هنا الأصالة والمعاصرة.. لا فرق بين تراب وإسمنت ولا بين رصيف وشارع» يقول (رشيد.ن) أحد أبناء زاوية الشيخ ساخرا من وضع مدينة «كانت تستحق أن تكون من أرقى وأنقى مدن الجهة لولا صراعات السياسيين وتهميش المسؤولين»، ينصح رشيد كل غريب عن المدينة بالقول «الجولان عبر سيارة في أحياء القرية - المدينة الصغيرة - قد يعرضك للمشاكل لذلك يستحسن أن تمضي راجلا قبل أن تتعطل سيارتك»، حقيقة تتأكد كلما اخترقت أزقة زاوية الشيخ غربا باتجاه المسبح البلدي المعطل منذ بنائه، بينما تنبعث روائح مياه الصرف الصحي في مدينة يخترقها أحد أهم المجاري المائية بالجهة «عين تامدة» لا أثر هنا لسبعة ملايير و100 مليون سنتيم التي تم الاتفاق حولها بحضور كاتب الدولة المكلف بالماء والبيئة لإنجاز شبكة للتطهير السائل في مدينة زاوية الشيخ بشراكة مع المكتب الوطني للماء الصالح للشرب والوكالة والمجلس الجماعي لزاوية الشيخ، قبل ثلاث سنوات ونصف.
المشروع اتفق على تمويله من طرف المكتب الوطني للماء الصالح للشرب بنسبة 70 في المائة (7 .49 مليون درهم) عبر دعم ممنوح من طرف البنك الأوروبي للاستثمار والاتحاد الأوروبي، و30 في المائة سيتم تمويلها من طرف الجماعة (12 مليون درهم)، ووكالة الحوض المائي أم الربيع (3 .9 ملايين درهم)، المحطة التي قيل إنها ستمكن من «تحسين الظروف الصحية لساكنة زاوية الشيخ وحماية الوسط الطبيعي، خاصة واد أم الربيع، الذي يوجد عليه سد آيت مسعود الموجه لتأمين التزويد بالماء الصالح للشرب بتادلة وهضبة الفوسفاط ويوجه لإنجاز شبكة لتصريف مياه الأمطار من خلال أحواض جوية، ووضع قنوات للصرف على امتداد ثلاثة كيلومترات وإنشاء محطة للمعالجة على شكل أحواض طبيعية على مساحة تبلغ أربعة هكتارات»، لكن مر 15 شهرا، وهي المدة التي حددت لنهاية المشروع، أي بحلول سنة 2010، بل مر اليوم 44 شهرا على الاتفاقية دون أن تظهر على أرض الواقع في سنة 2012.
منشآت من زمن الاستعمار
كلما اقتربت أكثر من الجهة الغربية للمدينة إلا وتزكمك روائح كريهة لا تتبين مصدرها «الروائح هنا كريهة جدا لكن ليل المدينة لا يطاق بفعل الرياح الغربية التي تهب على المدينة محملة بكل النفايات والفضلات والحشرات»، وأنت تقترب أكثر تصدمك المناظر التي تواجهها، بناية مهترئة تنبعث منها روائح نتنة، ودماء وفضلات حيوانات مرمية هنا وهناك «لقد وعدونا منذ سنوات بنقلنا من هذا السجن الذي نتذوق فيه مختلف أنواع العذاب»، يقول رجل ملطخ بالدماء، قبل أن يضيف بسخرية مرة «مرحبا بكم لتنالوا نصيبكم من العذاب إنها المجزرة التي تزود المدينة والقرى المجاورة باللحوم». الولوج إلى المجزرة يزيد من هول الصدمة، لا قنوات هنا لصرف الدماء والفضلات، ولحوم مرمية وسط كل أنواع الأوساخ، وروائح تزكم الأنوف «إن كل أشكال التعذيب لا تبلغ مدى ما نعيشه يوميا في هذه الظروف، أولى أن يغلقوا هذا المحل، الذي لا ينتبه أحد إلى خطورة الأضرار الصحية التي يمكن أن يسببها، عوض أن نستمر في الاشتغال بانتظار وعود لن تتحقق» يضيف شاب ملطخ بالدماء ومنشغل بسلخ خروف وسط المجزرة، تزداد الدهشة عندما تأتي شاحنة نقل اللحوم، أصر الجزارون على أن نعاينها لنقف على حجم «العناية بالمواطنين والحفاظ على صحتهم في مدينة زاوية الشيخ»، شاحنة مهترئة بدورها ومرقعة في الوقت الذي يفترض أن تكون مجهزة لحفظ اللحوم، لكنها «أكبر ضرر على اللحوم وأكبر ملوث وأولى أن ننقل اللحوم على ظهر الدواب عوض نقلها على متن هذه الشاحنة».
التجوال في أحياء المدينة يكشف حجم التهميش والمعاناة التي يعيشها سكانها، انطلاقا من حي الزاوية القديمة مرورا بحي تاداوت، وتيقشمرين، ووصولا إلى بوحابو، والمطالب، وحي السعادة، وحي إقور – الوادي اليابس، وحي تاسلافت وحي أباشا، وحي أجيون ، قبل الوصول إلى حي تيقبرين الذي ألحق مؤخرا بالمدار الحضري للمدينة القروية «عوض أن يلحقونا بحي تيقبرين ألحقوه بنا ليسمى ضمن مدار حضري كله قرية كبيرة» يقول شاب من حركة شباب زاوية الشيخ ضد الفساد.
صراعات المجلس البلدي
لم يكن تأجيل دورة المجلس البلدي، صباح الخميس الماضي، الحدث الأول والأخير من الصراع بين مكونات المجلس البلدي الذي أصاب المدينة بالشلل، تحولت المعارضة إلى أغلبية وتحولت الأغلبية التي تسير المجلس إلى أقلية فشلت في تمرير الحساب الإداري ومشروع الميزانية منذ انتخاب المجلس في شتنبر من سنة 2009، كانت مطالب المعارضة واضحة من خلال بياناتها المطالبة بكشف ما تسميه «اختلالات في التسيير وتجاوزات الرئيس وصفقات مشبوهة شملت كل أنشطة المجلس البلدي» وكان رد الرئيس تقديم استقالة سرعان ما توقف الحديث عنها بعد رجوعه إلى مباشرة مهامه ومطالبته بدوره بحلول قضاة المجلس الجهوي للحسابات، تضيع مصالح المواطنين الذين لا يعرفون طبيعة الصراع داخل المجلس البلدي المشلول منذ سنوات، لم يحرك بركة المياه الآسنة فيه حلول قضاة المجلس الجهوي للحسابات في مناسبتين، ولا حلول لجان التفتيش من وزارة الداخلية بالمدينة، ترى المعارضة داخل المجلس البلدي أنها تملك ملفات ووثائق خطيرة عن طبيعة الاختلالات، ويرى الرئيس وموالوه أن تلك الملفات يجب أن تكون معروضة على القضاء. يتساءل أعضاء المعارضة عمن يحمي رئيس المجلس في الوقت الذي تم قبول استقالات كثيرة داخل إقليم بني ملال، ويقدمون أمثلة للتجاوزات خلال السنوات الماضية، ويرد الرئيس بأنه بريء من اتهامات المعارضة ومن تبذير المال العام وبأن عيون الداخلية لا تنام. ضاق المواطنون ذرعا بالصراع الدائر بين أعضاء المجلس البلدي وقرروا مطاردة رئيس المجلس وباشا المدينة صبيحة صلاة عيد الأضحى الأخير، حيث هرب الاثنان حافيين من المصلى وسط الأوحال.
لرفع التهميش ومحارب الفساد
بالتزامن مع موجة الربيع العربي انطلقت بمدينة زاوية الشيخ دعوات لمجموعات شبابية عبر الأنترنت قبل أن تظهر علنا هذه الحركات التي أطلقت على نفسها «شباب زاوية الشيخ ضد الفساد»، حركة شبابية انطلقت بداية لاستنكار الجرائم التي تعرفها المدينة وغياب الأمن بها، قبل أن تعلن انخراطها في خطوة أكبر بمحاربتها لأوكار الدعارة المنتشرة ببعض أحياء المدينة خصوصا بحي الزاوية القديمة، «طفح بنا الكيل وودعنا زمن السكوت ضاق شباب مدينة زاوية الشيخ ذرعا بتفشي الدعارة وبتواطؤ المسؤولين وصمت السلطات»، يقول شاب من أعضاء الحركة التي دعت إلى الاحتجاج في بداية شتنبر الماضي قبل أن يستجيب لطلبها مئات المواطنين والشباب في خطوة فاجأت من دعا لها أولا قبل أن تفاجئ السياسيين والمتتبعين بالمدينة التي كانوا يعتبرونها ميؤوسا منها ، قبل أن يضيف «وكأننا نعاقب بصمتنا عن مطالبتنا بحقوقنا، لكن بعد كل الذي وقع لا صمت بعد اليوم». باشر شباب المدينة محاربة ظاهرة الدعارة بأيديهم وتطوعوا لتكوين فرق أمنية كانت تواجه الوافدين على المدينة بشكل مباشر، كانت الأرقام مخيفة وتكشف ما يعانيه شباب المدينة في صمت من جرح لكبرياء شموخ شباب الأطلس، فقد أحصوا أزيد من 1200 وافد على حي الزاوية القديمة، خلال يومين فقط، من زبناء سوق الدعارة. حمل شباب المدينة السلطات المسؤولية عن عدم الوفاء بالالتزامات السابقة بإخلاء مجموعة من دور الدعارة بالمدينة، بعد أن تقدموا سابقا بعرائض تحمل مئات التوقيعات من أجل حمل عناصر الدرك والسلطات المحلية على القيام بواجبها في محاربة الظاهرة، قبل أن يدخل شباب مدينة زاوية الشيخ في مواجهات مباشرة مع الوافدين على المدينة والمشتبه في قدومهم للاستفادة من الخدمات الجنسية بها. يتم القبض على الوافدين وتسليمهم بعد ذلك إلى السلطات ورجال الدرك الذين رفعوا أسماء بعضهم في مسيرات احتجاجية واتهاموهم، بالتستر على الظاهرة مقابل عمولات أسبوعية وإتاوات يتلقونها مقابل صمتهم وتشجيعهم للدعارة.
فتيل الاحتجاجات بالمدينة
كانت النداءات التي توجهها الفعاليات بالمدينة وفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مثل صيحة في وادي اللامبالاة، «نساء يلدن تحت ضوء الشموع بدار الولادة بزاوية الشيخ، وغياب كل التجهيزات الطبية بالمركز الصحي الوحيد الذي كان يوجد به طبيب واحد لأزيد من 30 ألف نسمة، واختلالات كثيرة يعرفها المركز الصحي على مستوى التطبيب والتمريض والتجهيزات خصوصا بدار الولادة»، لكن الحقوقيين بالمدينة انتبهوا إلى دور الشباب قبل أن يتحالفوا جميعا في تنسيقية دعت السكان إلى الاحتجاج بالآلاف قبل أن يتلقوا وعودا بتحقيق مطالبهم، وهي وعود لم يكتب لها أن تخرج إلى حيز الوجود، بعد مرور شهر على إطلاقها، قبل أن تفاجئ وفاة شاب بالمدينة الجميع، فوفاة الشاب حدثت داخل المركز الصحي بسبب غياب الأوكسجين وغياب التجهيزات الطبية، لتشتعل المدينة بالاحتجاجات التي أوقفت حركة السير وشلتها نهائيا خلال أربعة أيام من الاحتجاجات والاعتصامات، قبل أن يتم الاتفاق بين المحتجين والسلطات على مجموعة من المطالب. يخوض سكان زاوية الشيخ اليوم، في نظر نور الدين عرفاوي الناشط الحقوقي والجمعوي «نضالهم بشكل مرحلي بمنهجية النقطة تلو الأخرى، مع متابعة الالتزامات التي قدمتها اللجنة الموسعة للساكنة في اللقاء التفاوضي الأخير، وننظر حاليا في مطلب تمكين زاوية الشيخ، التي يعاني أغلب سكانها من الهشاشة، من الربط المجاني بشبكة التطهير السائل، ونعتبر ذلك أقل ما يمكن في إطار جبر الضرر الجماعي عن التهميش الذي عانته المدينة»، ربيع لمدينة زاوية الشيخ بالتزامن مع الربيع العربي تجسد في «العودة القوية للاهتمام بالشأن العام بزاوية الشيخ، حيث أصبحت كل مشاغل المدينة تحت أعين المجتمع المدني وشباب المدينة»، فهل يكون ربيع مدينة زاوية الشيخ إعلانا عن نهاية تهميش المدينة التي أصابها الشلل بفعل صراعات السياسيين وتهميش السلطات لبوابة جهة تادلة أزيلال الشمالية؟


الحركة الشبابية تحمل مطالب السكان في الاحتجاجات الشعبية؟
اهتمام متزايد ذلك الذي أصبح لسكان مدينة زاوية الشيخ بالبيانات، التي يصدرها شباب زاوية الشيخ وفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والتنسيقية ضد الفساد المحلية،، بعد موجة الاحتجاجات التي عرفتها المدينة منذ بداية شتنبر الماضي، قبل أن تتزايد في وسط نونبر، وانتهاء بالاعتصامات الشهيرة في نهاية دجنبر الماضي.
البيانات تخبر بكل جديد في مطالب السكان وحجم استجابة السلطات المحلية وتنزيلها لبنود الاتفاق، الذي أعقب مفاوضات بين شباب المدينة المحتج ووفد من ولاية جهة تادلة أزيلال. بيانات تخبر عن اجتماعات عادية للجنة التنسيق المحلية ولقاءاتها باللجان المخولة بالتفاوض، كما تخبر السكان بالمكتسبات التي حققتها الاحتجاجات الشعبية، فكان أبرزها في في مجال الصحة تلقي وعود بإضافة طبيبين داخليين وطبيب للوقاية المدنية وبذلك ينتقل عدد أطباء المركز من 1 إلى 4، إضافة 4 ممرضين من القطاع الخاص، وتنظيم زيارات بعض الأطباء المختصين، حسب الحالات التي تدعو إلى ذلك، وتشغيل المختبر في غضون أسبوع، وستستفيد منه مرحليا النساء الحوامل وذوو الأمراض المزمنة.
ومن المكتسبات التي تم تحقيقها أيضا وعد بتجهيز المركز الصحي بجهاز الكشف بالأشعة خلال سنة 2012، و الرفع من حصة الأدوية بنسبة 21% مع إشهار لائحتها، توفير تقني في الترويض الطبي بصفة مؤقتة، في انتظار تعيين تقني خلال الموسم المقبل، وتجهيز المؤسسة الصحية بالأوكسجين ومكيفات الهواء، وخاصة دار الولادة، وتفعيل اللجنة المحلية لحفظ الصحة والصحة المدرسية.
أما في مجال الخدمات، فقد تم الاتفاق على «بناء مفوضية للشرطة قرب المركز الصحي في غضون الأشهر القليلة القادمة، مع احتمال إحداثها بمقر دار الطالب مرحليا»، وتلقى المحتجون وعدا بدراسة إمكانية بناء قاعة للجلسات بمحكمة السدد بالمدينة عوض التنقل لمدينة قصبة تادلة للتقاضي.
أما في مجال التعليم والتكوين، فقد تلقى سكان زاوية الشيخ المحتجون وعودا ب«إمكانية إحداث مؤسسة للتكوين المهني في الموسم الدراسي المقبل بمقر المركز الصحي القديم»، واستفادة الطلبة من السكن بالحي الجامعي.
ولم يكتف المحتجون بالخدمات الاجتماعية، بل نقلوا احتجاجاتهم إلى المطالبة بوضع حد للشلل الذي خلفه الصراع بين مكونات المجلس البلدي للمدينة في تدبير الشأن المحلي، وتم الاتفاق على إنجاز تصميم التهيئة للحد من مشاكل التوسع العمراني، والمصادقة على المشاريع المتضمنة في المخطط الجماعي للتنمية، والتسريع في إنجاز أشغال الحد من الفيضانات بالأزقة المتضررة، والعمل على توفير مجزرة تتوفر فيها شروط الذبح ونقل اللحوم في ظروف جيدة، وإيفاد لجنة إقليمية لدراسة الملفات العالقة الخاصة بالربط بشبكتي الماء والكهرباء، وإلزامية تشغيل 70% من اليد العاملة المحلية بالأوراش التي تنجز بمالية الجماعة الحضرية. مطالب السكان لم تكن ليتلقوا عنها وعودا لولا الذكاء الذي مارسه شباب زاوية الشيخ ضد الفساد بمشاركة فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وفعاليات جمعوية بالمدينة رأت أن المناسبة كانت فرصة ل»جبر الضرر الجماعي من جراء التهميش الذي عانت منه الساكنة»، واستغلال ثرواتها المائية من طرف المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، وهو ما يوضحه أحد أعضاء التنسيقية، ب«حسن توظيف المشاكل الاجتماعية التي تتخبط فيها المدينة وغضب سكانها الطبيعي من انتشار الدعارة وتجارة المخدرات وتحويل مدينة تنعم بالثروة المائية إلى مزبلة كبيرة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.