ما هو تعليقك على الأسماء التي شملها العفو الملكي الأخير؟ بشكل عام، كانت هناك توقعات لاستكمال مبادرة 14 أبريل الماضي، وهي المبادرة التي استفاد بموجبها مجموعة من الشيوخ من العفو، أبرزهم محمد الفيزازي وعبد الكريم الشاذلي، وآنذاك طرحت تساؤلات عديدة حول استفادة هذين الرمزين من رموز السلفية في حين تم استثناء آخرين، وقيل آنذاك إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعمل على استكمال المبادرة، بإعداد لائحة ثانية، وطبعا باءت الأحداث التي قام بها بعض السلفيين في سجن سلا، بنوع من الشغب، بمناسبة تخليد ذكرى 16 ماي 2003، ما دفع البعض إلى القول بأنه أصبح من الصعب استكمال المبادرة، على اعتبار أن السلفيين المعتقلين لم تصدر عنهم أية مؤشرات تفيد أنهم يسعون إلى المصالحة مع الدولة، ولكن، رغم ذلك، مع انتخابات 25 نونبر التي منحت العدالة والتنمية الصدارة، وهو الذي كان يجعل من الدفاع عن المعتقلين قضية مركزية، وكثير من العائلات كانت تراهن على وصوله إلى الحكومة، أعتقد أن تمتيع الشيوخ حسن الكتاني وأبو حفص وعمر الحدوشي بالعفو هو بمثابة هدية مقدمة للحزب لمساعدته على بداية مشوار حكومته بداية تبعث كثيرا من الأمل. ألا ترى أن العفو عن عمر الحدوشي شكل مفاجأة، بالنظر إلى مواقفه المتشددة التي لا يخفيها؟ أعتقد أنها مبادرة شجاعة من طرف الدولة بعثت بها نحو السلفيين، مفادها أن باب الاستفادة ما زال مشرعا، وبالتالي يمكن في الأيام المقبلة أن يستفيد آخرون من العفو، لأن عمر الحدوشي قيل عنه الكثير، خاصة في ما يتعلق بتشدده وهو ما يجعل منه بالفعل شخصا متطرفا لم يقدم على أي مراجعات، ولكن بصرف النظر عن الحدوشي، فالعفو عنه يفيد أن الدولة، في إطار صلاحيات الملك بتمتيع السجناء بالعفو، بصدد تبني مقاربة جديدة مع هؤلاء السلفيين، وتمتيع الحدوشي الذي يقدم إلى الرأي العام على أنه للتطرف، يفيد أن الدولة بدأت تدرك أن مطالبة أشخاص يوجدون في السجن بمراجعة مواقفهم أمر صعب، وبأن السبيل الوحيد لإدماج هؤلاء هو إبعادهم عن السجون ليندمجوا فعلا في المجتمع الذي ينتمون إليه.اعتقد أن إطلاق سراح الحدوشي، بالخصوص، يفيد أننا أمام خطوات وقرارات ستفضي في الأيام المقبلة إلى طي هذا الملف الذي ظل مفتوحا منذ 2002. هناك من يربط بين تمتيع الشيوخ بالعفو ورغبة الدولة في تحجيم حضور العدل والإحسان؟ قرار العفو الملكي عن شيوخ كعمر الحدوشي هو في نهاية المطاف قرار سياسي متعدد الأبعاد ولا يمكن أن نتعامل معه انطلاقا من بعد واحد وكل قرار يسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف. وأعتقد أن الإشكالات الحقيقية المطروحة أمام الدولة هي إعادة ترتيب المعادلات الدينية والمعادلات السياسية، وقد نقرأ مثل هذه القرارات، من ناحية ترتيب المعادلات الدينية، على أنها محاولة للتعاطي بشكل ما مع جماعة العدل والإحسان رغبة في تحجيم دورها، ومن جهة أخرى الرغبة في مواجهة المد الشيعي في المغرب، ولكن من زاوية ترتيب المعادلات السياسية يمكن أن نقول إن هذا التيار السلفي إذا ما نجح في تشكيل أحزاب سياسية قد تسعى الدولة من خلاله إلى خلق توازنات في مواجهة حزب العدالة والتنمية في المستقبل. باحث في الحركات الإسلامية