فتح الدولي السابق، يوسف شيبو، النار على مسؤولي الجامعة وحملهم مسؤولية «فضيحة» الغابون التي ربطها بالتسيير الهاوي للقيمين على دواليب الجهاز الوصي على اللعبة، الذي قال إن كرة القدم الوطنية تدفع ضريبته غاليا. وهاجم شيبو الجامعة من خلال اتهام بعض أعضائها بالسعي وراء تحقيق الأرباح المادية والظفر بالامتيازات على حساب مصلحة كرة القدم الوطنية، فضلا عن إماطته اللثام عن الظلم والتهميش والحيف الذي قال إنه يطال اللاعبين القدامى، الذين أوضح أن المسؤولين يتفادون تواجدهم لغاية قال إنها في نفس يعقوب، داعيا في السياق ذاته الدخلاء إلى الابتعاد عن المجال الرياضي من منطق احترام الاختصاصات. وكشف شيبو في حواره مع «المساء» العوامل التي جعلت المنتخب الوطني يعود بخفي حنين من المسابقة القارية نتيجة الاختيارات والقرارات غير الصائبة للبلجيكي غيريتس، الذي قال إنه باع الوهم للمغاربة بعد تصريحاته التي ذهب من خلالها حد الإشارة إلى أنه ذاهب إلى عمق إفريقيا من أجل العودة باللقب القاري ولا شيء غير ذلك. - ما هو تعليقك على الإقصاء المبكر للمنتخب الوطني من كأس إفريقيا؟ لا أعتقد أنه يوجد ولو مغربي واحد لم يتأثر بالوجه الباهت والمذل الذي ظهرت به العناصر الوطنية بعدما خيبت الآمال وخالفت كل التوقعات، وهي الصدمة التي لم تقتصر على الشارع المغربي، الذي انخرط في موجة من الأحلام جراء التصريحات التي كان يلقيها ربان سفينة المنتخب بكل ما تحمله الخطوة من تطمينات بخصوص حالة المنتخب وقدرته على الظفر باللقب القاري، خصوصا في ظل الغياب الوازن لمنتخبات اعتادت دخول المنافسة كطرف أساسي في معادلة التتويج، غير أن كل تلك الوعود تبددت مع أول مباراة أمام منتخب تونسي عادي، قبل أن تحكم علينا مباراة الغابون الثانية بالخروج الصاغر والمذل من مسابقة أخطأ البعض حينما وضعنا ضمن قائمة المنتخبات المرشحة للظفر بها، للأسف تعرضنا لإقصاء مذل كشف النقاب عن مجموعة من العيوب. راكمت تجارب مهمة رفقة المنتخب الوطني، وخبرت جيدا الأجواء الإفريقية وطبيعة التباري بالقارة السمراء، في نظرك أين يكمن الخلل؟ الأمر لا يتعلق بخلل بقدر ما يتعلق بمجموعة من الاختلالات، التي ومع كامل الأسف دفعت سمعة كرة القدم الوطنية ضريبتها، وجاءت لتكرس السياسة الكروية الفاشلة التي تشوبها الكثير من النواقص وتتضمن العديد من الثغرات التي تستوجب إيجاد حلول لها لوضع حد لمسلسل التواضع، الذي أدخل المنتخب الوطني في حالة إنعاش تستوجب فتح تحقيق والقيام بتشخيص دقيق لوضع الأصبع على مكامن الداء لاستئصاله قبل أن يتفاقم الوضع ويزيدنا الواقع المرير جراحا ونكسة بعد الخيبات المتتالية. - دعنا نسمي الأشياء بمسمياتها، ما هي الأخطاء التي ارتكبها المنتخب الوطني خلال المسابقة التي غادرها من الباب الضيق بعد هزيمتين متتاليتين؟ أولا، يجب أن يعلم الجميع أن بوادر الفشل لاحت في الأفق وبدت واضحة قبل شد الرحال صوب الغابون للمشاركة في العرس القاري نتيجة الأخطاء الكثيرة التي ارتكبت وعلى مستويات عديدة تؤكد كلها جهل البلجيكي بخصائص الكرة الإفريقية انطلاقا من اختيار إقامة المعسكر الإعدادي بمدينة ماربيا، ذات المناخ المتوسطي، والتي تتميز خلال هذه الفترة بانخفاض ملموس في درجة الحرارة، خصوصا أثناء الليل تصل أحيانا خمس أو أربع درجات، عكس ما تشهده المدن التي تحتضن العرس القاري والتي تتميز برطوبة عالية ودرجة حرارة مرتفعة، وهي النقطة التي أثارت حينها الكثير من المخاوف نتيجة التباين الكبير في طبيعة الأجواء التي تدور فيها التحضيرات مع تلك التي من المنتظر أن تشهدها النهائيات. يجب أن لا نغفل كذلك إشكالية قلة تنافسية لاعبي المنتخب الوطني، والتي كان لها انعكاس سلبي كبير على مستوى المردود العام للمجموعة، وهو ما شكل بدوره مصدر إزعاج وكان محط انتقادات لاذعة، لأن العطالة وقلة التنافسية يقودان بالضرورة إلى تحقيق النتائج السلبية، وهو ما دفعنا ضريبته بحصد هزيمتين قاسيتين ومذلتين جعلتنا نغادر المسابقة من بابها الضيق، وهو ما لا يعتبر تشكيكا في قيمة اللاعبين، كل ما في الأمر أن غيريتس جنى على نفسه وجنى على اللاعبين قبل أن يجني علينا نحن كمغاربة ويحكم على أحلامنا بالانكسار مع أول موجة افريقية رغم عدم قوتها. بما ذا تفسر إقدامه على التشبث - والاستعانة بلاعبين يعيشون العطالة جراء افتقادهم للتنافسية؟ هي أمور غير مفهومة بالمرة ولا يمكن تقبلها بأي شكل من الأشكال من المنظور الكروي، وبتجربتي البسيطة أؤكد أنه لا يمكن للاعب غاب عن التباري لما يفوق سبعة أشهر أن يلعب أساسيا في مسابقة من هذا الحجم، وأنا هنا لست بصدد التشكيك في قدرات القنطاري الذي أحترمه كلاعب وكشخص ظهر بمستوى جيد خلال فترة سابقة قبل أن يتعرض للإصابة، المدرب من يتحمل المسؤولية الكاملة في اختياراته، الكوثري شارك في المباريات الاقصائية وبصم على مباريات كبيرة ووضعه الصحي ولياقته البدنية أحسن بكثير من زميله القنطاري، فضلا عن وجود مدافعين آخرين قادرين على شغل المنصب كلمراني الذي خاض مجموعة من المباريات رفقة فريقه الذي توج معه بلقب كاس الاتحاد الإفريقي على حساب النادي الإفريقي التونسي، وهو ما ينطبق أيضا على المدافع بوخريض الذي وقع بدوره على مباريات كبيرة، خصوصا خلال دورة «إل جي» الودية، غير أن غيريتس ركب رأسه واستعان بلاعب بعيد كل البعد عن مستواه للأسباب السالفة الذكر. - هناك من يرى أن غيريتس همش البطولة الوطنية؟ بكل تأكيد التهميش واضح، لقد فضل غيريتس الاستعانة بلاعبين إما يشاركون رفقة أنديتهم من خلال دكة الاحتياط أو آخرين غابوا عن التنافسية إما بسبب انتهاء البطولات التي يمارسون بها أو معاناتهم من تبعات إصابة ألمت بهم خلال إحدى الفترات السابقة، نتحدث عن رغبة جامحة في الرفع من قيمة المنتوج الكروي الوطني حتى يرقى إلى المستوى المطلوب في وقت نقوم فيه بالتنقيص من أهمية البطولة الوطنية واللاعبين المحليين، لاعبو الفتح فازوا الموسم الماضي باللقب الإفريقي على حساب الصفاقسي التونسي، وهو الإنجاز ذاته الذي قام به لاعبو المغرب الفاسي خلال هذا الموسم، فضلا عن مشاركة قطبي البيضاء الرجاء والوداد في مسابقة عصبة الأبطال الإفريقية، الأخير بلغ المباراة النهائية وانهزم خلالها بشق الأنفس بعدما كان قريبا من الظفر بلقبها، وهو ما خول للاعبي هذه الأندية خوض العديد من المباريات بالعديد من البلدان الإفريقية مما جعلهم يستوفون الشروط التي تخول لهم التواجد رفقة المجموعة التي اختارها غيريتس للذهاب إلى الغابون، بل منها من يستحق المشاركة في المنافسة من خلال بوابة الرسمية طالما أنهم اكتشفوا عن قرب الأجواء الإفريقية وخبروا الظروف التي تجرى فيها المباريات، بالقدر الذي رفعوا فيه من مستوى الجاهزية بعد خوضهم مجموعة من المباريات، وهما المعطيين اللذين كانا ينقصان، وللأسف، العديد من اللاعبين المحترفين. - دائما ما يطفو على السطح مشكل تهميش المحليين كلما تعلق الأمر باستحقاق يخوضه المنتخب الوطني، كيف تعلق على هذا الموضوع؟ بالفعل، إشكالية تهميش اللاعب المحلي ترخي بظلالها كثيرا حينما يتم الاعتماد بنسبة كبيرة جدا على اللاعبين المحترفين، كما أنها تبلغ حدتها حينما يتعلق الأمر بمحترفين غير جاهزين ومفتقدين للتنافسية، وهو ما يصيب اللاعب المحلي بالإحباط ويجعله يفقد الأمل في الدفاع عن القميص الوطني، الشيء الذي يدفعه إلى التفكير في ولوج عالم الاحتراف إن أراد ضمان المناداة عليه للمنتخب، وهنا سأفتح القوس وأطرح تساؤلا عميقا حول مدى أهمية البطولة إن كنا سنهمش لاعبيها عوض تشجيعهم ومنحهم فرصتهم الكاملة للتعبير عن مستواهم وذلك بغض النظر عن البطولة ومستواها، لقد لعبنا في المنتخب انطلاقا من البطولة التي كانت أيضا نقطة انطلاقنا نحو الاحتراف بعدما رفع المنتخب أسهمنا. - الشارع المغربي يتهم غيريتس ببيعه الوهم للمغاربة من خلال التصريح بأنه ذاهب للعودة باللقب، هل أنت مع هذا الطرح؟ بكل تأكيد، لقد باعنا الوهم وباع جلد الدب حتى قبل أن يقتله ويسلخه، لقد أخطأ حينما شرع في إطلاق العنان لتصريحات لم يتوان في توزيعها يمينا وشمالا تتحدث عن عزمه العودة باللقب، وعليه أن يتحمل مسؤوليته الكاملة في الإخفاق، وكذا مسؤوليته التاريخية بعدما أنزل مستوى وقيمة منتخبنا إلى الحضيض، لقد كانت لديه ثقة كبيرة ومفرطة في قدرته على إنجاز المهمة، وهذا في نظري خطأ كبير لا يرتكبه المدربون الكبار، لأنه حتى لو كان متأكدا من قدرته على القيام بالأمر لم يكن حريا به أن يقول إنه ذاهب من أجل الفوز بلقب البطولة، وهو ما يؤكد افتقاده للخبرة الكافية، خصوصا أن المباريات الاقصائية، التي يكون فيها هامش التعويض قائما، ليست هي المباريات النهائية التي تلعب على جزئيات صغيرة، هذه الأخيرة أكدت عدم قدرته على تجاوز مخلفات الهزيمة الأولى وتفادي تحقيق نتيجة مماثلة في المباراة الثانية ما عكس محدوديته كمدرب للمنتخبات، كنا ننتظر منه الشيء الكثير لكن للأسف خاب ظننا. - فضل غيريتس إقحام السعيدي المصاب أساسيا في مباراة غاية في الأهمية أمام منتخب تونسي عنيد، هل ترى أن دخوله كان ضروريا ولا محيد عنه؟ أظن أن إقحام السعيدي المصاب في مباراة افتتاحية تعتبر بمثابة مفتاح التأهل هو العبث بنفسه، ولا يتحمل وحده المسؤولية بل يتقاسمها مع الطاقم الطبي الذي يتحمل بدوره جزءا منها إذ لم ينبهه بعدم جاهزية اللاعب، ذلك أنه لا يعقل أن يتم إقحام لاعب غاب لفترة بسبب إصابة في الظهر غيبته عن فريقه لمدة من الزمن، قبل أن تعاوده إصابة أخرى في الكاحل جعلته يغيب عن العديد من الحصص الإعدادية بمعسكر ماربيا تجاوزت الخمسة أيام، فضلا عن عدم مشاركته في المبارتين الإعداديتين، وهو الاختيار الذي فاجأ الجميع بسبب تعنت غيريتس وإصراره على إقحام لاعب غير جاهز، وهو ما أكده الشوط الأول الذي شارك فيه أمام المنتخب التونسي والذي بصم خلاله على أسوء أداء له مع المنتخب، نحترم رغبة اللاعب في المشاركة ومساعدة المنتخب، لكن لا أعتقد أن لاعبا مصاب وغير جاهز بدنيا سيفي بالغرض في مباريات من هذا الحجم، مسؤولية الاختيارات يتحملها المدرب الذي تبقى له الكلمة الأولى والأخيرة في تحديد من يراه مناسبا. - هذا على مستوى ما يقع داخل المجموعة، بالموازاة مع ذلك هل تعتقد أن هناك عوامل أخرى ساهمت في هذه النكبة؟ بكل تأكيد محيط المنتخب ليس سليما، هناك صراع مصالح على حساب مصلحة المنتخب، ذلك أنه عوض مساهمة كل واحد بطريقته الخاصة في توفير الأجواء المناسبة عاش المنتخب صراعا من أجل الظفر بمنصب ترأس البعثة لتحقيق بعض المآرب الشخصية على حساب انتظارات الشعب المغربي «كل واحد كيضرب على راسو»، الكل أراد أن يستغل الحدث لتلميع صورته، للأسف هناك أشخاص لم يقدموا أي شيء للمنتخب بل على العكس أساؤوا إليه وعليهم أن يتشبعوا بثقافة الاستقالة بعدما رغبوا في تحقيق أهداف مادية على حساب خدمة الرياضة، هم أشخاص غرباء على المجال الرياضي وتاريخهم يشهد على ذلك، ماذا قدموا لأنديتهم حتى يقدموه للمنتخب الوطني؟ بل منهم من لم يكمل حتى سنة داخل النادي، إنه العبث بكل تجلياته، أناس قدموا من مجال الماء والكهرباء والاسمنت ليسيروا كرة القدم كما لو أنه ليست هناك طاقات بإمكانها القيام بالمهمة، يجب احترام الاختصاصات وإعطاء كل ذي حق حقه، نمتلك لاعبين دوليين سابقين مارسوا في كبريات البطولات العالمية وعاشوا الاحتراف في أقصى تجلياته، فازوا بالعديد من الألقاب وقدموا خدمات جليلة للرياضة الوطنية، فضلا عن كون مجموعة منهم تكونت على أعلى المستويات ونالت العديد من الشواهد، لماذا لا نستعين بخدماتهم؟ ولماذا لا نمنحهم الفرصة لإغناء المنظومة الكروية الوطنية من خلال تقديم أفكار جديدة بعقليات جديدة لإيجاد الحلول الكفيلة بالدفع بعجلة كرة القدم الوطنية إلى الأمام لترقى إلى مصاف نظيراتها من خلال إستراتيجية محكمة وواضحة المعالم ومبنية على أسس مدروسة، إنه لمن العيب والعار أن يخلو الطاقم التقني للمنتخب من إطار وطني، من مساعدين للمدرب من المدرجات يعاينون الأشياء التي يصعب على المدرب ملاحظتها من دكة الاحتياط، لماذا نستمر في سياسة تهميش جيل 1986 كالظلمي والتيمومي وبودربالة وغيرهم، لماذا نهمش جيل 1998 هل هناك من دوافع؟ إننا لا نرغب في تحقيق مكاسب مادية و كل ما نسعى إليه هو نقل تجاربنا للجيل الصاعد، لماذا يستمرون في إبعادنا عن محيط الفريق؟ ألم يكن من الأفضل أن نكون إلى جانب اللاعبين لنحفزهم ونمدهم بالنصائح التي نستمدها من خلال التجارب الكبيرة التي راكمناها على امتداد سنوات طويلة؟ لقد قال لي خرجة لماذا تبتعدون عنا ولا تكونون بجانبنا لدعمنا، للأسف هؤلاء المسؤولون يحاربوننا ويقولون لنا إننا نسبب فقط المشاكل، صحيح أن غيريتس أخطأ وأنه مدرب براتب مرتفع جدا لكن المسؤولية الكاملة يتحملها المسؤولون الذي جاؤوا به بالقدر الذي يتحملون فيه مسؤولية إبعاد رموز كرة القدم وفرض الحصار عليها لغاية في نفس يعقوب وهو ما جعلنا، مع كامل الأسف، ندفع ضريبة التسيير الهاوي.