تحولت وقفة احتجاجية في بلدة غفساي، في ضواحي تاونات، قبل أسبوعين، إلى مسيرة شارك فيها المئات من المواطنين من مختلف الأعمار، احتجاجا على «تفشي الإجرام وارتفاع فواتير الماء والكهرباء وتنامي زراعة القنب الهندي في المنطقة». وقد قصد المتظاهرون مقر مكتب الماء والكهرباء والمكتب الوطني للكهرباء ومحكمة غفساي وإدارة الدرك ثم مقرَّي البلدية وباشوية غفساي، ورددوا شعارات مناوئة. وفي الوقت الذي تشير معطيات للسلطات المحلية إلى تراجع في المساحات المزروعة من القنب الهندي في هذه الضواحي، بعد انتقال «العدوى» إليها من منطقة «كتامة»، قال تقرير لفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن انتشار زراعة القنب الهندي يعتبر عاملا رئيسيا في تطور الجريمة بكل أنواعها بشكل سريع. وتعاني هذه البلدة، حسب المحتجين، من غياب بنيات تحتية ومن تردي خدمات المرافق العامة وتعرض البيئة للتدمير وانتشار البطالة وارتفاع الإجرام و»تراخي» السلطات، بمختلف مكوناتها، في مواجهة هذه الأوضاع. ومن أبرز المشاكل التي تعاني منها البلدة وجود شبكة طرقية صارت غير صالحة للاستعمال، رغم حداثة تشييد بعضها. كما تفتقر العديد من القرى التابعة لها إلى قناطر، ما يُصعّب تنقل السكان لقضاء أغراضهم، خاصة في فصل الشتاء، حيث يرتفع علو المياه في مختلف الوديان والمجاري المائية التي «تعزل»، في غالب الأحيان، الدواوير عن بعضها. ويضطر سكان دائرة غفساي إلى التنقل إلى تاونات أو فاس وباقي المناطق المرتبطة بالمنطقة إداريا وجهويا للتطبيب، في ظل غياب ما يكفي من تجهيزات وأطر إدارية لاستقبالهم. وأشار تقرير للجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى أن من بين المؤشرات الأكثر خطورة في المنطقة ارتفاع نسبة العزوف عن التمدرس ونسبة الأمية. وكانت أغلب الأسر في المنطقة، قبل انتشار زراعة القنب الهندي، تعاني من تردي أوضاعها، لكن عائدات «الكيف» ساهمت في تغير مستوى معيشة عدد من الأسر والأفراد في هذه البلدة، خصوصا في القرى والدواوير التي لا «تخضع» لحملات اللجنة الإقليمية لمحاربة زراعة القنب الهندي. ولم تؤثر هذه العائدات بشكل إيجابي على المستوى التعليمي، ويتجلى ذلك بالملموس في نسب النجاح في مختلف الأقسام النهائية. وتعيش الساحات المجاورة لعدد من المؤسسات التعليمية مشاكل أمنية كبيرة، يجد معها بعض أولياء الأمور صعوبات في إرسال بناتهم لمواصلة التعلم. وتشهد المنطقة ترويج المخدرات والتحرش الجنسي بالتلميذات والاعتداءات بالسلاح الأبيض. وقال التقرير الذي رصد هذه الأوضاع إن عددا من المواطنين يعمدون إلى اقتناء السلاح من أجل الصيد وفي نفس الوقت ل»حماية» أسرهم. وقد ارتفع عدد الحاصلين على رخص الصيد بشكل كبير، وعلى سبيل المقارنة، فإن عدد المواطنين الحاملين السلاح في إقليم تاونات يناهز 1500 من عدد سكان الإقليم (حوالي 600 ألف نسمة)، مقابل 3200 حاملا للسلاح في مدينة الدارالبيضاء، التي يبلغ عدد سكانها ما يناهز خمسة ملايين نسمة.. ويتعرض الوضع البيئي والإيكولوجي في المنطقة للتدهور، وتعتبر المجالات الغابوية من أكبر المجالات المستهدَفة، بغرض تحويل أراضيها لزراعة القنب الهندي، فيما تتعرض المياه الجوفية والسطحية للتلويث ب»مرجان» مطاحن الزيتون المنتشرة على طول المجاري المائية للمنطقة.