الرئيس الفرنسي يشيد "بالطموح غير المسبوق" للشراكة التي تم بناؤها مع المغرب    مرسى ماروك تستثمر في محطة نفطية جديدة في دجيبوتي.. لتعزيز سلاسل الإمداد اللوجيستي في شرق إفريقيا    موعد مباراة برشلونة ضد بيلباو في نصف نهائي كأس السوبر الإسباني والقنوات المجانية الناقلة    تصريحات خطيرة من سعيد بنسديرة تثير الجدل مجددًا: دعوات للإبادة واتهامات بالتورط في التحريض ضد الشعب القبائلي    بنشريفة مدرباً جديداً للمغرب التطواني    سلطات إفران تكثف الجهود لفتح الطرقات المغلقة بالثلوج    المنصوري تكشف أرقاما جديدة حول طلبات الاستفادة من دعم السكن    محمد بنشريفة مدربا للمغرب التطواني خلفا لعزيز العامري    المغرب: جسر حيوي بين إفريقيا وأوروبا في ظل نمو التبادلات التجارية    إقليم إفران: السلطات معبأة لفتح المحاور الطرقية بعد التساقطات الثلجية    الكونغرس الأمريكي يصادق على فوز ترامب    ترامب يدعو إلى ضم كندا بعد استقالة ترودو    انعقاد مجلس للحكومة يوم الخميس المقبل    الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور    ماحقيقة فيروس الصين الجديد الذي أثار الفزع حول العالم؟    ماكرون يدخل على خط قضية بوعلام صنصال المحتجز في الجزائر    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    التهراوي يبرر أسباب إلغاء صفقات عمومية .. وحموني يفضح مصحات خاصة    بورصة البيضاء تنهي التداولات بارتفاع    أسعار النفط ترتفع إلى أعلى مستوياتها منذ أكتوبر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    فتح تحقيق لمعرفة أسباب نشوب حريق ضخم بضواحي تطوان    عقد الصلح يؤخر محاكمة أيت مهدي    تعديلات مدونة الأسرة والجدل المرافق لها!    "ذا بروتاليست" و"إميليا بيريز" يتصدران الفائزين بجوائز غولدن غلوب    عاصفة ثلجية تلغي أزيد من 1300 رحلة جوية في الولايات المتحدة    الأوقاف تعلن عن فتح تسجيل الحجاج إلكترونيا لموسم 1447 هجرية    ميناء طنجة المتوسط يتقدم للمركز الثالث في تصنيف عالمي لسنة 2024    مجلس النواب يؤجل مناقشة تعديلات "مدونة الأسرة"    موكوينا على كف عفريت … بعد شرطه للرحيل عن الوداد … !    ماكرون يشيد "بالطموح غير المسبوق" للشراكة التي تم بناؤها مع المغرب    الشعب يفرح بالمطر والحكومة أيضا..    مقاطعة أم انهيار: غياب ممثلي «جمهورية تندوف» في الخارج عن ندوة «لحمادة» للعلاقات الخارجية    المغرب يشارك في مسابقة "le Bocuse d'Or" وكأس العالم للحلويات وكأس العالم للطهاة    تزنيت تحتفي بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975    أوكايمدن تكتسي البياض وتنعش السياحة الجبلية في الأطلس الكبير    رسميا | الكاف تعلن موعد قرعة كأس إفريقيا للاعبين المحليين    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام -3-    رفع نزاعه إلى الفيفا لعدم احترام بنود فسخ العقد البوسني سفيكو يؤكد أن إدارة الرجاء لم توفر له ظروف العمل وإقالته أضرت بسعته    البرد يقتل رضيعا ثامنا في غزة    صدور العدد 25 من مجلة "محاكمة"    أزمة الرجاء تتفاقم .. هجوم لاذع من كورفا سود على الإدارة والمنخرطين    تفاصيل انتشار فيروس يصيب الأطفال بالصين..    بعد أن ارتفعت أسعار اللحوم البيضاء إلى أثمنة قياسية    المغرب وجهة لتصوير أفلام عالمية.. مخرج بريطاني يختار المملكة لتصوير فيلم سينمائي جديد    ساركوزي أمام المحكمة في قضية القذافي    "الحاج الطاهر".. عمل كوميدي جديد يطل على المغاربة في رمضان    مقتل 3 إسرائيليين في عملية إطلاق نار شمال الضفة الغربية    تحذير أممي من اتساع رقعة الأراضي القاحلة بسبب الجفاف    الدولار يتراجع وسط ترقب البيانات الاقتصادية الأمريكية    كأس الكونفدرالية الإفريقية: نهضة بركان يبلغ ربع النهائي بفوزه على مضيفه الملعب المالي (1-0)    رثاء رحيل محمد السكتاوي    وضعية القطارات المتهالكة التي تربط الجديدة والبيضاء تخلق الجدل    آية دغنوج تطرح "خليك ماحلّك" باللهجة لبنانية    دراسة: التفاعل الاجتماعي يقلل خطر الإصابة بالنوبات القلبية    الصين تطمئن بشأن السفر بعد أنباء عن تفشي فيروس خطير في البلاد    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سورية على طريق العراق؟!
نشر في المساء يوم 01 - 02 - 2012

الحرب الأهلية الطائفية بدأت واستفحلت في سورية، في وقت تتآكل فيه هيبة النظام وسيطرته على أطراف دمشق العاصمة ومحافظات أخرى، مثل حمص وحماة وأدلب وغيرها. ومثلما لم يستطع كل فقهاء السياسة ومفكريها التكهن باندلاع ثورات الغضب الشعبي ضد الأنظمة الديكتاتورية، فإننا نتحدى هؤلاء، أو غيرهم، أو من يقفون خلفهم أن يحددوا لنا، أو يتنبؤوا بما يمكن أن يحدث في سورية بعد عام أو عامين، أو حتى بعد شهر من اليوم.
عندما تقوم جماعات علوية محسوبة على النظام بمهاجمة حي كرم الزيتون وتذبح أسرة من 14 شخصا، من بينهم خمسة أطفال أصغرهم لا يزيد عمره على ثمانية أشهر، فلن نستبعد أن تقوم مجموعات محسوبة على الطائفة السنية بالهجوم على أحياء علوية وتقتل بعض أبنائها كرد فعل انتقامي.
بعد عقود من التعايش تحت القمع ومصادرة الحريات، وانتهاك حقوق الإنسان، وتغوّل أجهزة النظام الأمنية، ها نحن نفيق على انفراط العقد الاجتماعي السوري، وإسدال الستار على مفهوم ينقرض بسرعة اسمه الوحدة الوطنية، فالصبر له حدود، والقدرة على التحمل لها حدود أيضا.
سورية تنزلق إلى الهاوية العراقية، حيث تتآكل الهوية الوطنية الجامعة، لمصلحة الهويات الطائفية والمذهبية والعرقية، فمثلما يقول الرجل الأقوى في العراق السيد نوري المالكي، رئيس الوزراء، إنه شيعي أولا، وعراقي ثانيا، أي أنه يقدم المذهب على الهوية الوطنية، سنرى أبناء سورية في المستقبل القريب يقدمون أنفسهم بالطريقة نفسها، حيث الولاء للطائفة والمذهب يتقدم على الولاء للوطن.
لنكن صرحاء ونعترف بأن الشرخ الطائفي في سورية يتسع بسرعة خرافية، ويلعب النظام والمعارضة دورا كبيرا في هذه الكارثة، ويتقاسمان المسؤولية كاملة، بمساعدة قوى خارجية على رأسها جامعة الدول العربية.
نحن لا نساوي هنا بين النظام والمعارضة، ولا يمكن أن نفعل ذلك، فالمسؤولية الأكبر تقع على عاتق النظام الذي دفع بالبلاد إلى هذه الهوة بلا قاع، بعناده وغطرسته وتمترسه خلف الحلول الأمنية الدموية، اعتقادا منه أنه يستطيع، بما يمتلكه من قوة، أمام شعب ضعيف أعزل، أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، وأن ما كان يصلح في عام 1982 عندما قمع انتفاضة حماة يمكن أن يصلح بعد ذلك بأربعين عاما تقريبا.
سنخسر سورية مثلما خسرنا العراق، ومثلما نخسر ليبيا حاليا، حيث يمكن أن تكون معظم الدول العربية في الأيام المقبلة «دولا فاشلة» تماما، تسودها الفوضى: فوضى السلاح، فوضى الطوائف والمذاهب، وفوضى التشظي والتفتيت الجغرافي.
تبادل اللوم بالمسؤولية، والانشغال به عن رؤية هذا المستقبل الكارثي، هو هروب من المسؤولية وتملص من تبعاتها، بل تواطؤ مع هذا المخطط الإجرامي الذي يريد تمزيقنا كأمة وكأبناء عقيدة واحدة، وتقديم الأحقاد والنزعات الثأرية على العقل والتبصر.
نحن أمة بلا حكماء، نقولها بكل مرارة وأسف، وإذا كان هناك حكماء فلا مكانة أو احترام لهم؛ وإن وجدوا فعلا وأرادوا أن يقولوا كلمة حق، فالاتهامات بالتخوين والعمالة والانحياز إلى هذا الطرف أو ذاك جاهزة، وسيوفها مشحوذة.
روسيا عندما تتمترس خلف النظام السوري، وتستخدم «الفيتو» لمنع أي عقوبات اقتصادية ضده، فإنها لا تفعل ذلك انطلاقا من مبدأ، وإنما من مصلحة استراتيجية، ولرفع سقف مطالبها؛ وإذا توصلت إلى السعر المناسب في المساومة علينا في سوق النخاسة العالمي، فستبيع سورية ونظامها، مثلما باعت النظامين العراقي والليبي.
والولايات المتحدة عندما تتبنى مبادرة الجامعة العربية وتدعمها، فإنها لا تفعل ذلك انتصارا لثورة الشعب السوري المشروعة، وإنما انتصارا لإسرائيل ومشروعها الأزلي في إذلال الأمة العربية وتسهيل الهيمنة الأمريكية على ثرواتها.
النظام السوري مجرم ارتكب مجازر ولا يزال في حق شعبه الثائر على الظلم والاضطهاد والفساد في أبشع صوره وأشكاله، نقولها لكل أولئك الذين ركبوا موجة الثورة متأخرين جدا، وأرادوا سرقتها من شهدائها، نحن الذين عارضنا هذا النظام منذ عهد عرابه الأكبر حافظ الأسد، وتعرضنا بسبب ذلك للتهديد والمنع والحجب، ولكن ما يهمنا الآن هو إنقاذ سورية وليس إنقاذ النظام، إنقاذها من الحرب الأهلية الدموية والتفتيت الجغرافي وتحويلها الى دويلات صغيرة متناحرة.
الرئيس بشار الأسد، إذا كان يحب سورية فعلا، عليه أن يقدم تنازلات حقيقية لشعبه، أو القسم الثائر منه، وأن يثبت جديته في هذا المضمار؛ وعليه أن يتذكر أن زمن الاضطهاد والفساد وإرهاب المواطن السوري من قبل أجهزة المخابرات قد ولى إلى غير رجعة، فلا مراجعة بعد اليوم لهذا الفرع أو ذاك، ولا تعذيب في الأقبية السفلية اللزجة بدماء الضحايا من الشرفاء، كما أن المعارضة السورية بكل أطيافها مطالبة بالتواضع قليلا والكف عن التهديد بالاستعانة بالأجنبي.
الجامعة العربية الفاشلة دائما في الانتصار لقضايا الأمة المصيرية في وجه الاستعمارين الإسرائيلي والأمريكي، بل والمتواطئة معهما دائما، سواء بصمتها أو بالدعم غير المباشر للأعداء، عليها أن تدرك جيدا أنه في الوقت الذي يتباكى فيه صقورها على ضياع العراق وسقوطه في سلة النفوذ الإيراني، سيرتكبون الخطأ نفسه، بل الكارثة نفسها في سورية، بتدويلهم للأزمة والاستعانة بالقوات الأجنبية، مثلما فعلوا في العراق وليبيا.
نحن نعيش المرحلة الأسوأ في تاريخنا هذه الأيام، فمراكز القرار العربي تتعرض للتدمير والتفتيت، ونحن نشير هنا إلى العراق وسورية، وندعو الله أن يحمي مصر من مؤامرات من يدّعون الحرص عليها في العلن ويتآمرون لإجهاض ثورتها في السر، وفي الغرف المغلقة.
الشعب السوري الذي قدم ستة آلاف شهيد يستحق نظاما ديمقراطيا عادلا، والنظام السوري الذي أوصل بلاده إلى هذه الكارثة مطالب بالاستماع إلى صرخات هذا الشعب وأنين ضحاياه، لأنه لن ينتصر على هذا الشعب الذي لم يتردد لحظة في تقديم الدم على مدى الأشهر العشرة الماضية لاستعادة كرامته وحريته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.