جمعية هيئات المحامين بالمغرب تعلن التوقف الشامل عن ممارسة مهام الدفاع من فاتح نونبر إلى إشعار آخر    نقابة "البيجيدي" تحتج أمام البرلمان ضد غلاء الأسعار    مقتل أربعة جنود إسرائيليين في جنوب لبنان ولقاء بالدوحة لإحياء مفاوضات الهدنة بغزة    إيران تتهم أمريكا بمشاركة إسرائيل في الهجوم عليها    المنتخب السعودي يضطر إلى معاودة التعاقد مع هيرفي رونار    نحو آفاق جديدة لدعم القضية الوطنية.. انطلاق الجولة الدولية للمسيرة الخضراء بالدراجات النارية في دول الخليج    وزير التعليم الجديد برادة يبدأ أول نشاط له بتدشين المركب الرياضي والثقافي لاكازابلونكيز    لامين يامال يسجل اسمه في تاريخ الكلاسيكو كأصغر هداف    جرسيف: توقيف شخص ضمن شبكة متورطة في النصب والاحتيال    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    فيلم "عصابات" يتوج بالجائزة الكبرى للدورة ال 24 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة    الشاعر البحريني قاسم حدّاد يفوز بجائزة الأركانة العالميّة للشعر    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أربعة جنود    ماكرون يزور المغرب غداً وهذه تفاصيل برنامج زيارته    البواري يطلق عملية الزرع المباشر من إقليم الحاجب    وفاة طالب طب بسبب "ضغط المقاطعة" تعيد المطالب بحل عاجل.. وترقب لمخرجات أول لقاء مع الوزير الجديد    المحامون يصعدون ويتوقفون عن ممارسة مهام الدفاع ابتداء من الجمعة    5 قتلى وعشرات الجرحى في عملية دهس شمال تل أبيب    عشرات الإصابات في عملية دهس قرب مقر الموساد في تل أبيب    السلطات الإسبانية تحقق في واقعة اعتداء رجل أمن على مواطن مغربي داخل قنصلية مورسيا    ارتفاع حصيلة الضربات الإسرائيلية على إيران وإدانة واسعة للهجوم..    هذا هو الثمن الغالي الذي ستدفعه إسرائيل وأميركا    افتتاح معهد البحرين للموسيقى في أصيلة    اختتام فعاليات مهرجان ليكسا للمسرح في دورته الخامسة عشرة بمدينة العرائش    المحامون يصعّدون في وجه وهبي.. إضراب مفتوح وتوقف شامل عن المرافعات    طقس الأحد.. أمطار رعدية بعدد من المناطق    المنتخب الوطني لكرة القدم الشاطئية ذكور يتوج باللقب للمرة الثالثة على التوالي    لفتيت: أزيد من 12 مليار درهم لإنجاز أوراش تنموية مهيكلة ستجعل جهة فاس مكناس قطبا اقتصاديا وسياحيا رائدا على المستوى الوطني    موثقو إفريقيا يشيدون بنظرائهم المغاربة    آلاف الأشخاص يتظاهرون في لشبونة احتجاجا على عنف الشرطة    فوز ثمين لنهضة بركان على الوداد    تجار: استيراد اللحوم الحمراء لن يخفض اسعارها الا في حدود 80 درهم    جهة طنجة تحافظ على المرتبة الثانية في دينامية إحداث المقاولات بالمغرب    حجز 72 كلغ من الكوكايين خلال عمليتين منفصلتين بميناء "طنجة ميد" والكركارات    تسجيل حالة إصابة جديدة بفيروس "كوفيد-19"    بسبب ضعف الإقبال... سعيدة فكري تغيب عن سهرة لها بأكادير    "أدباء العراق" يحتفي بالشاعر بنيس    البواري يعلن عن تدابير لدعم الفلاحين    فيلم "عصابات" لكمال الأزرق يتوج بالجائزة الكبرى للدورة ال 24 لمهرجان الفيلم بطنجة    البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة 8) .. نهضة بركان يفوز على مضيفه الوداد الرياضي (1-0)    مؤزارا بضباط الشرطة... مجلس المنافسة يقتحم مقر شركة لتوصيل الطلبات قال إنه يشتبه "ارتكابها ممارسات منافية" للمنافسة    تساقطات مطرية محليا قوية يوم السبت والأحد بعدد من أقاليم المغرب    توقعات بتسجيل تساقطات مطرية وانخفاض في درجات الحرارة بالمغرب    السينغال تحرز لقب "كان الشاطئية"    الملك محمد السادس يهنئ الرئيس الفيدرالي لجمهورية النمسا بمناسبة العيد الوطني لبلاده    ارتفاع عدد حالات التسمم الغذائي في "ماكدونالدز" بالولايات المتحدة الأميركية    انخفاض مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي بميناء طرفاية    وهبي: القانون الدولي يخدم البلدان القوية .. و"التأويلات المفرطة" تستدعي اليقظة            بعد وفاة شخص وإصابة آخرين إثر تناولهم "برغر" من "ماكدونالد" بأمريكا.. السبب هو البكتيريا الإشريكية القولونية    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    فرط صوديوم الدم .. الأعراض والأسباب    التغير المفاجئ للطقس بيئة خصبة لانتقال الفيروسات    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شريط «أياد خشنة» لمحمد العسلي.. مشروع سينمائي وطني
نشر في المساء يوم 30 - 01 - 2012

أفرزت الدورة ال13 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، المنتهية فعالياتها الأسبوع المنصرم، مشروعين سينمائيين مختلفين:
أولا: مشروع سينمائي عبثي لا عقلاني (بالأحرى لا مشروع) ينطلق من إيديولوجية الهدم التي تنبني، من جهة، على تشويه المغربي ومعتقداته، حيث يصور كمتطرف ومتخلف أو منحرف، وعلى استفزاز مشاعر المواطن، ثم على الجنس والشذوذ الجنسي، وعلى تقديم المرأة كبضاعة جنسية، وعلى إعطاء صورة قاتمة عن المغرب من خلال استغلال تيمات المهمش والدعارة والانحراف والفقر؛ وتنبني، من جهة أخرى، على تقديم المصلحة الشخصية ولو على حساب الوطن وثوابته الثقافية والعقائدية والاجتماعية، فهاجس البحث بأي ثمن عن الدعم قائم، وخاصة الدعم الخارجي. وكما هو معلوم، فأي منتج أجنبي يفرض شروطه ورؤيته الثقافية (ذات الخلفية الاستشراقية) على المخرج المغربي. وهذا التوجه، وإن حقق أحيانا تألقا فنيا، سار في التغريب والقطيعة الثقافية والفنية مع المجتمع، مما أعطانا أشرطة بدون هوية مغربية وبدون ملامح وطنية يجد المشاهد نفسه فيها.
على أن هذا التوجه (الغالب على الساحة) ليس وليد اليوم بل برز مع تسعينيات القرن الماضي، وتقوى في السنوات الأخيرة بفضل الدعم الذي قدم إليه على جميع المستويات. ورغم ذلك، فهذا المشروع لم يحقق نجاحا كبيرا بفضل مقاومة الجمهور له ووعيه بإبداعه الهجين والدخيل على المجتمع الذي يرى في أصحابه أناسا يعيشون خواء فكريا وروحيا، علما بأن الإبداع الحقيقي نابع من الروح المتفاعلة مع محيطها الاجتماعي والحضاري. كما أن النقاد والمهتمين بالإبداع السينمائي سئموا من النمطية التي يقدم بها هذا التوجه المجتمع المغربي.
وهذه النتيجة العكسية هي ما أشار إليه الفيلسوف إدكار موران (رئيس لجنة التحكيم في المهرجان الوطني للفيلم) في محاضرته حول السينما حينما أكد أن نجاح فيلم ما أو مخرج ما مرتبط بمدى تزكية هذا الأخير لثقافة الجمهور وقناعاته وليس الإتيان بضدها.
قد يكون من بين أصحاب هذا التوجه من يعتقد أنه يحسن صنعا باعتبار أنه يتطرق لما يسمى بالطابوهات والمسكوت عنه في المجتمع، لكنه يقع في فخ «المستورد» (أكان تصورا سينمائيا أم ثقافيا) الذي يسقطه على بيئتنا التي تختلف اختلافا كبيرا عن بيئة «بلدان الاستيراد».
ثانيا: مشروع سينمائي وطني بما تحمله هذه الكلمة من معنى، ينطلق من ثقافة المجتمع المغربي وقيم الجمال والذوق والأخلاق لديه، جاعلا من اللغة السينمائية «وسيلة» من أجل خدمة «الفكرة» وليس العكس، مع التركيز على جمالية هذه اللغة. ويعتبر شريط «أيادي خشنة» للمخرج محمد العسلي، الذي حقق الإجماع مرة أخرى بمهرجان طنجة بعدما حققه مع الشريط الأول «فوق الدار البيضاء الملائكة لا تحلق» (2004)، من الأشرطة التي تندرج في إطار هذا المشروع الهام، ذلك أن مخرج الفيلم قدم إلينا شريطا متماسكا شكلا ومضمونا، كتابة وإخراجا، إدارة وأداء، انطلاقا من رؤية فنية لا شك متأثرة بالسينما الإيطالية في واقعيتها واختيار شخوصها وإيقاعات سردها وتسلسل أحداثها، ولا شك أنها رؤية تهدف إلى تحبيب السينما للمشاهد (على طريقة شريط «الحياة جميلة» لروبرطو بنيني) من خلال تقديم صورته وثقافته وهواجسه وأحلامه فيها.
وهذه الرؤية الفنية تنطلق، بدون شك، من رؤية مجتمعية واضحة المعالم. وكما صرح المخرج الأمريكي أوليفر ستون في إحدى مقابلاته الصحفية، فإن «الفيلم في المقام الأول هو وجهة نظر»، يقول: «عندما أشاهد الخمس عشرة لقطة الأولى من فيلم طويل أعرف ما يدور في ذهن المخرج، على وجه الخصوص إن كان عنده شيء يقوله. فما يهمني هو نظرته إلى العالم والباقي ديكور».
نظرة المخرج العسلي لا تعتمد أساسا الصراع بين مكونات المجتمع بقدر ما تعتمد التكامل والمؤازرة، وهذا ما شهدناه في شريطه «أيادي خشنة» مع الطبقة الميسورة والمتحكمة في السلطة، كيف تساعد مصطفى الحلاق في أزماته وأزمات الآخرين، بمعنى: القوي يعين الضعيف والغني يعين البسيط؛ ولذلك نفهم لماذا انتقد البعض فقدان القوة في هذا الشريط عكس الشريط السابق. والحقيقة أنه ليس ثمة فقدان للقوة، لأن هذه الأخيرة نجدها في الطرح وفي تسلسل الأحداث بسلاسة، كما في البناء الدرامي وفي التمكن من الكتابة السيناريستية التي تعتمد أساسا على صناعة الشخصيات صناعة متميزة، حيث تجعل المشاهد يكتشف، مع مرور زمن السرد ومع كل حدث، جانبا من جوانب شخصيات القصة، الشيء الذي نفتقده في عدة أفلام أو عدة سيناريوهات حيث غالبية الشخصيات مسطحة ومنمطة. الحقيقة أن ما يمكن افتقاده في الشريط هو الإيقاع الدرامي أو بالأحرى التوتر الدرامي الذي يصاحب العقدة في الفيلم والذي يخلق عنصر التشويق ويشد المشاهد.
لكن الذي يتمعن في سينما العسلي يلاحظ أن الرجل ينطلق من نظرة تفاؤلية للحياة، يكون فيها الإنسان سيد مواقفه ومبتغاه، متغلبا على الصعاب وفق ما يؤمن به، دون رفع الإيقاع الدرامي. وهذا ما أحسسناه مع شخصية مصطفى الحلاق المفعم بالحيوية والتحدي (تعلم الكتابة والقراءة، البحث عن سيارة ديكابوطابل)، والرغبة في الحياة وفق مبادئه، والسعي إلى مساعدة الآخرين أي الشخصيات التي تدور في فلكه: أمه وأخوه أولا، ثم الأصدقاء والجيران، خاصة زكية التي تدور حولها قصة الشريط.
ناقد سينمائي


مصطفى الطالب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.