وجهت جماعة العدل والإحسان رسالة إلى حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية في أول خروج إعلامي لها بعد تشكيل حكومة عبد الإله بنكيران، اعتبرت فيها أن ما حصل في بلادنا لم يرق إلى مستوى التغيير المطلوب، وأن مهمة الحكومة الحالية هي الالتفاف على المطالب الحقيقية للشارع. كانت الرسالة شديدة اللهجة، وإن حافظت على شعرة معاوية مع الحركة والحزب عندما وصفت أعضاء التنظيمين بالإخوان واعترفت لهم بالصدق في العمل، إلا أن خروج الجماعة في هذا التوقيت وبرسالة «حررها» عبد السلام ياسين شخصيا، كما تردد في الكواليس، يطرح تساؤلات كثيرة، فهل يتعلق الأمر برغبة الجماعة في تسجيل ابتعادها عن التجربة الحكومية لحزب العدالة والتنمية حتى تعفي نفسها من أي فشل محتمل قد يحسب ضد الإسلاميين بمختلف تلاوينهم؟ أم إن الجماعة تريد التأكيد على أنها فتحت مرحلة جديدة في تصعيدها السياسي ضد الدولة، وهذه المرة عبر بوابة حكومة بنكيران؟ قد يرى البعض في هذه الرسالة محاولة من جماعة الشيخ عبد السلام ياسين المراهنة على فشل حكومة عبد الإله بنكيران منذ الآن، مما يدفعها إلى التموقع في صف المعارضة الراديكالية، بينما قد يرى فيها البعض الآخر محاولة للتهرب من الاستحقاقات التي فوتتها مع حركة 20 فبراير التي انسحبت منها بشكل مفاجئ، مكتفية ببيان مقتضب زاد الأمور غموضا أكثر مما زادها توضيحا. ما زالت العدل والإحسان تلك الجماعة التي تكتفي برمي الإشارات السياسية فقط دون تدقيق خطابها السياسي، ولعل هذا «الغموض» المفترض في الخطاب هو الذي أشار إليه الراحل محمد البشيري عندما اعترف، في كلمة الطلاق مع الجماعة، بأنه لا يفهم ما الذي يريده عبد السلام ياسين. والرسالة الأخيرة الموجهة إلى التوحيد والإصلاح والعدالة والتنمية من شأنها أن تعيد طرح نفس الرؤية القديمة حول تصور الجماعة للتغيير المنشود، وحول طبيعة المعارضة التي تريد الانخراط فيها حاليا، وهل انتقلت من معارضة الحكم كما كانت تقول في الماضي إلى معارضة الحكومة التي يقودها حزب إسلامي اليوم؟ المستقبل وحده الكفيل بتقديم الأجوبة.