حصلت «المساء» على وثيقة سرية صادرة عن «المديرية العامة لحماية المؤسسات الوطنية»، التابعة ل«وزارة الدفاع الوطني» ب«الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية» المزعومة، تكشف وجود خلافات حادة داخل جبهة البوليساريو، وتعترف بأن الربيع العربي وصل إلى مخيمات تندوف، كما تعترف بوجود احتجاجات ومظاهرات داخل المخيمات. هذه الوثيقة، التي هي عبارة عن رسالة وجهها محمد الوالي اعكيك، «المدير العام لحماية المؤسسات الوطنية» بجبهة البوليساريو، إلى «جميع النواحي العسكرية وقيادة الدرك الوطني والولايات والدوائر والمؤسسات الحكومية» بالجبهة، وعُنونت ب«سري للغاية»، كشفت بأن هناك حراكا داخل مخيمات تندوف للإطاحة بمحمد عبد العزيز، زعيم ما يعرف بجبهة البوليساريو. وجاء في هذه الرسالة السرية، المؤرخة في 6 دجنبر 2011 ب«بئر لحلوفي» بتندوف، أياما قبل تنظيم المؤتمر الثالث عشر للجبهة، الذي انعقد ما بين 14 و22 دجنبر الماضي بتيفاريتي، أنه «في إطار التحضير الجيد للمؤتمر الثالث عشر ونظرا لحساسية الظرفية الحالية التي تمر منها القضية الوطنية وكذا الحراك الذي يعرفه المخيم من احتجاجات ومظاهرات، وهو ما يستغله العدو وبعض المحسوبين على القيادة من مسؤولين وأعيان، يرجى العمل على تكثيف ومضاعفة الجهود قصد إنجاح هذه المرحلة». وورد في هذه الرسالة الموجهة إلى كافة المصالح بجبهة البوليساريو ما يشبه أمرا لهذه المصالح بمواجهة كل ما يمكن أن يزحزح محمد عبد العزيز المراكشي من زعامة البوليساريو، التي يوجد على رأسها منذ عقود. إذ جاء في الرسالة «كما أنه بلغ إلى علمنا أن بعض الجهات في القيادة ومن بين شيوخ وأعيان القبائل من يدفع في اتجاه إفساد هذا المؤتمر من خلال الطعن في نتائجه وفي منتخبيه، كما أن هناك من يعمل على الدفع بأشخاص من داخل القيادة لمنافسة الأخ محمد عبد العزيز رئيس الدولة على الكتابة العامة للجبهة وكذا على رئاسة الجمهورية وهم معروفون لدينا، لذا وجب العمل على حث الناس بجميع الوسائل الممكنة والمتاحة على التصويت لصالح الأخ الرئيس والتضييق على كل من يعارض ذلك». وفي سياق متصل، شهدت المدن الجنوبية، خاصة مدينة السمارة، بعيد انتهاء المؤتمر، وبالتحديد يوم الأحد ما قبل الماضي، استنفارا أمنيا كبيرا جدا بسبب تنظيم مجموعة من الانفصاليين احتفالات بمناسبة اختتام المؤتمر الثالث عشر لجبهة البوليساريو الذي انعقد قبل أيام. وحسب مصادر أمنية، أعلنت مصالح الأمن عن دوام أمني مستمر طيلة اليومين الماضيين بعد دخول خمس سيارات من نوع «داسيا» و«كيا» تقل 24 انفصاليا صحراويا، قدموا للتو من تندوف بعد انتهاء مؤتمر الجبهة، حيث تمكنوا من دخول التراب المغربي جوا من الجزائر إلى الدارالبيضاء، قبل أن ينتقلوا إلى الجنوب، من أجل تنظيم جولة احتفالية في أعقاب المؤتمر. وأكدت المصادر نفسها أن الانفصاليين المذكورين دخلوا مدينة السمارة قبل يومين، بعدما نظموا احتفالات حاشدة في مدينة تيفاريتي منزوعة السلاح، والتي شهدت أشغال المؤتمر، ولم يغادروها حتى حدود الثانية عشرة من ظهر أمس الاثنين، متوجهين نحو طانطان وباقي المدن الجنوبية. وذكرت المصادر ذاتها أن هؤلاء الانفصاليين تمكنوا من الدخول إلى السمارة عبر الحاجز الأمني الذي تشكله عناصر الأمن بمدخل المدينة، دون أن يعترض سبيلهم أحد، رغم أنهم كانوا يحملون أعلام جمهورية البوليساريو المزعومة، مطلقين موسيقى صاخبة ومرددين شعارات تدعو إلى الانفصال وتتهم المغرب باستعمار الصحراء. وحسب المصادر ذاتها، ظل الناشطون الصحراويون المذكورون يجوبون شوارع مدينة السمارة، على مدى اليومين الماضيين، حيث أقاموا حفلا كبيرا رددوا خلاله أناشيد موالية للبوليساريو، إضافة إلى عبارات تهاجم المغرب ورموزه، كما قاموا بتنظيم احتفالات بأحياء السمارة دعوا خلالها سكان المدينة إلى رفض ما أسموه «استعمار الصحراء من طرف المغرب». وذكرت المصادر الأمنية أن هذه الاحتفالات حركت جميع المصالح الأمنية والاستخباراتية بالسمارة، في الوقت الذي وردت تعليمات صارمة من الإدارة العامة للأمن الوطني بعدم التدخل ضد هؤلاء الانفصاليين وتجنب أي احتكاك أو اشتباك معهم. وفي السياق ذاته، علمت «المساء» من مصادر مطلعة أن المؤتمر الثالث عشر لجبهة البوليساريو تمخض عن صعود حوالي 12 شخصا من انفصاليي الداخل، والمقيمين بشكل كبير في المدن الجنوبية والدارالبيضاء، إلى أجهزة الجبهة ولجانها المختصة، التي تشكلت خلال المؤتمر. وأفادت المصادر نفسها أن حالة فرح عارم شملت انفصاليي الداخل بعد ارتفاع عدد ممثليهم بالجبهة، حيث أضحوا أعضاء بأجهزة تقريرية بجبهة البوليساريو، رغم أنهم يقيمون فوق التراب المغربي.