انتقد عبد العزيز النويضي، رئيس جمعية عدالة، «البطء الشديد الذي يطبع مسلسل الإصلاحات الحقوقية في المغرب»، وعبر عن خيبة أمله من عدم إعمال أي توصية من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي «يفترض أن إجماعا قد وقع عليها، وان تنفيذها يشكل التزاما أخلاقيا على عاتق السلطات المخولة دستوريا»، في إشارة إلى الملك محمد السادس. ووجه النويضي دعوة إلى الملك، باسم الديمقراطيين وأنصار حقوق الإنسان، لإعطاء دفعة قوية لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي صادق عليها منذ ما يقارب ثلاث سنوات، والتي كان من بينها الدعوة إلى المصادقة على معاهدة روما المتعلقة بإحداث محكمة جنائية دولية، من أجل «تعميق الديمقراطية، وإحداث قطيعة مع الماضي، ووضع حد للإفلات من العقاب». واعتبر النويضي خلال الندوة التي نظمتها جمعية عدالة عشية أول أمس بالرباط، حول «المحكمة الجنائية الدولية وتأهيل النظام القانوني والقضائي بالمغرب»، أن الدولة المغربية «تتماطل في تنفيذ التزاماتها الدولية، بعد أن استغرق إدماج جريمة التعذيب في التشريع المغربي 13 سنة من تاريخ مصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، في الوقت الذي لم تستغرق المصادقة على قانون الإرهاب سوى أسابيع». وأكد النويضي أن تغيير الحكومة في خريف 2002 وضع حدا للجهود التي كانت تبذل من أجل المصادقة على المحكمة الجنائية الدولية، بعد الرسالة التي وجهها الوزير الأول الأسبق عبد الرحمان اليوسفي ، إلى وزير العدل عمر عزيمان آنذاك، يطلب فيها إعداد مشاريع قوانين تهم تعريف الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية إلى جانب جريمة التعذيب، وأضاف النويضي: «أملنا كبير في مصادقة المغرب على المحكمة الجنائية الدولية، رغم استمرار هيمنة عقلية، ومصالح وهياكل، تعد هي نفسها منتجة للخروقات، وكذا التهويلات والتحذيرات، التي يكون مصدرها بعض المسؤوليين الذين يفترض فيهم تشجيع المغرب على الانخراط في منظومة حقوق الإنسان». من جهة أخرى، أكد الدكتور شريف بسيوني، أستاذ القانون الجنائي بجامعة «دي بول» بشيكاغو، أن «الدول العربية ومن بينها المغرب تتخذ من تعارض المعاهدة مع بعض الاتفاقيات الثنائية ونصوص الدستور حجة للامتناع عن المصادقة، في حين أن لدى هذه الدول تخوفات مرتبطة بسلوكات منهجية تمارسها، ومن بينها التعذيب والعقاب السياسي الذي تمارسه في حق بعض الجماعات، وبالتالي فإن امتناعها عن المصادقة ينبع من وجود تخوف من أن تحاكم المسؤولين عن ذلك، أو أن يتم إرغامها على إجراء المحاكمة». واعتبر بسيوني أن «احترام الفرد هو السبيل الوحيد نحو تحقيق التقدم»، وأن «الديمقراطية يجب أن تنبني على احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان»، وأضاف: «لا يمكن أن نتصور عالما يعيش العولمة بما تتضمنه من حرية لتنقل الأشخاص والبضائع في الوقت الذي يصر فيه البعض على التشبث بمبدأ السيادة المطلقة للدولة». من جهته، عبر السفير الهولندي، في كلمة قصيرة، عن رغبة بلاده في انضمام المغرب إلى الدول التي صادقت على معاهدة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، وأكد السفير أن الدول الأوربية تولي «اهتماما كبيرا لهذه المحكمة، التي ستساعد على تحقيق العدالة وضمان احترام حقوق الإنسان». واعتبر السفير الهولندي أن دعم بلاده لهذه الندوة يأتي من أجل «تحسيس المشاركين وأصحاب القرار بأهمية هذه المحكمة، التي ستمكن من محاسبة الذين ارتكبوا جرائم فظيعة وتعذرت محاكمتهم في بلدانهم». وفي سياق متصل، أكد هشام الشرقاوي، منسق الائتلاف المغربي من أجل المحكمة الجنائية الدولية في تصريح ل«المساء»، أن مصادقة المغرب على المحكمة الجنائية «لا تعني فتح ماضي الانتهاكات الجسيمة التي ميزت سنوات الستينات والسبعينات»، وأن «المحكمة الجنائية الدولية لن تهدد مناصب المتورطين في هذه الانتهاكات، في إطار إعمال مبدأ عدم رجعية القوانين». وأضاف الشرقاوي أن «استدعاء خبير دولي للمشاركة في هذه الندوة يأتي لتفنيد هذه الادعاءات الواهية التي يتمسك بها المغرب للامتناع عن المصادقة، كوجود عراقيل دستورية وقانونية في حين أن هناك دولا لها نفس النظام وصادقت على المحكمة». الندوة تميزت بحضور مكثف للجمعيات والناشطين الحقوقيين إضافة إلى مسؤولين من وزارة العدل من بينهم محمد ليديدي الكاتب العام للوزارة.