- ما هو تقييمك لقرار المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري القاضي بإنذار القناة الأولى وتبرئة دوزيم؟ < لما طلبت من المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري (الهاكا) الإشهاد على خرق القناتين العموميتين للقانون ولدفاتر التحملات، ومنح الدفاع حق الجواب، كنت أدرك أنني أضع المجلس في امتحان عسير، هو امتحان المصداقية والاستقلالية، في ملف بالغ الحساسية من الناحية السياسية، ولكنه بالغ الوضوح من الناحية القانونية. فالقناتان هما أداتان في يد السلطة لشرعنة سياساتها وتمرير أطروحاتها وإقصاء خصومها. وقد عالج المجلس هذا الإشكال عبر «تخريجة» تعب على ما يبدو في الوصول إليها: فقد اضطر من جهة إلى تحميل القناة الأولى مسؤولية خرق بعض القواعد ووجه إليها إنذارا، ولكنه سعى في نفس الوقت إلى تبرئة القناة الثانية كلية، مع تبرئة االقناتين معا من انتهاكات متعددة باللجوء إلى مبررات غير مقبولة، حتى يتسنى له رفض منح الدفاع حق الجواب. - كيف تم ذلك؟ < حتى يتلافى المجلس إعطاءنا كدفاع حق الجواب، اعتبر أن التغطية الإعلامية موضوع الطلب ليس فيها أي مس بشرف الأطراف المشتكية ولا تعد مخالفة للحقيقة، بحكم أن مضامينها في نظر المجلس تحيل على ادعاءات جهات رسمية تتحمل وحدها مسؤوليتها عن ذلك. والحالة أن القناتين لم تكتفيا ببث البلاغات الرسمية، بل انخرطتا في تغطيات متكررة ومروجة لوجهة النظر الرسمية، بحيث تجاوز سلوكها المس بالشرف والسمعة عندما قدمت أساتذة محترمين كإرهابيين في عصابة إجرامية تسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار و تتهيأ لاغتيال شخصيات مغربية بارزة من وزراء و مسؤولين وضباط سامين. وأن التحقيق كشف عن وجود علاقة بين حزب البديل الحضاري الذي يتزعمه المصطفى المعتصم وحزب الأمة الذي يقوده محمد المرواني و بين الخلية الإرهابية المذكورة. إن هذه التغطية خرقت التزامات القناتين المنصوص عليها في القانون وفي دفاتر التحملات، لأنها انتهكت مبدأ احترام كرامة الإنسان، ومبدأ قرينة البراءة، ومبدأ سرية التحقيق، ومبدأ التعددية والحياد و النزاهة، ومبدأ احترام استقلال القضاء وعدم التشويش على سلطته أثناء تغطية قضايا معروضة على أنظاره. - ألم تكتف «الهاكا» بالتصرف وفق ما يمليه عليها القانون؟ < «الهاكا» كسلطة إدارية ليست فوق القانون، نعم إن القانون يخولها عدة سلطات، غير أن هذه السلطة وإن كانت تتضمن هامشا تقديريا فإنها ليست مفتوحة على التحكمية. فالمجلس مقيد باعتبارات القانون والواقع وبمبدأ التناسب بين الضرر والجزاء بالنسبة إلى المسؤول عنه، وبين الضرر وكيفية جبره بالنسبة إلى المتضرر. وهذه الاعتبارات هي ما يخول القاضي الإداري بسط رقابته عليه حتى لا ينحرف عن التقيد بالقانون وبالمعطيات الحقيقية التي يبني عليها قراراته. * محام بهيئة الرباط