لقد أثارت مجموعة من الصحف الوطنية النقاش في الفترة الأخيرة حول الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري. وأكدت جل المقالات والملفات الصادرة أن خللا وأزمة حقيقية يدبان في هذه المؤسسة التي يرجى من ورائها السهر على تحرير قطاع السمعي البصري في مغرب اختار منذ سنة 2003 حسب المسؤولين أن يحرر فضاءه الإعلامي. ولعل ما يقع داخل الهيئة يدل أننا بعيدين كل البعد عن التحرير المطلوب. لقد دخلت الرهان إلى قلب الهيئة وجاءت بمعطيات توضح بجلاء بأن الممارسات الشاذة والخرق الواضح للقانون يعدان الميزة الأساسية لهذه المؤسسة. لا قانونية المجلس: "إذا أصبح منصب عضو بالمجلس شاغرا لأي سبب من الأسباب، وجب تعيين سلف له داخل الخمسة عشر يوما التالية لتاريخ الشغور الذي يثبته رئيس المجلس". إنه مقتطف من المادة التاسعة من الظهير المؤسس للهيئة العليا شللاتصال السمعي البصري. إنه البند الذي يلاحظ الجميع أنه تم خرقه بالواضح بعد أن رحل عن المجلس المكون من تسعة أعضاء كل من أحمد العبادي ومحمد الناصري. الأول غادر الهيئة إلى رأس مديرية الشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قبل أن يتم تعيينه رئيسا للرابطة المحمدية للعلماء. والثاني عين وزيرا للعدل في التعديل الحكومي الجديد. لقد مرت مدة تفوق الخمسة عشر يوما ولم يتم تعيين أحد في المناصب الفارغة. وهذا الأمر يجعلنا نطرح السؤال: هل المنصب الفارغ يساوي المنصب الشاغر؟ هل هناك دور لأعضاء المجلس في القرارات المتخذة؟ أم أن الغياب يشبه الحضور؟ "يضم المجلس الأعلى للاتصال تسعة أعضاء، يتولى جنابنا الشريف تعيين الرئيس وأربعة أعضاء منهم. ويعين الوزير الأول عضوين منهم لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. كما يعين كل من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين عضوا لنفس المدة ووفق شروط تجديد الانتداب المنصوص عليها فيما يخص الأعضاء الذين يعينهم الوزير الأول". إنها المادة السادسة من الفصل الثاني للظهير المؤسس لل"هاكا". لقد مرت مدة طويلة تتجاوز بالكثير الخمس سنوات على تعيين الوزير الأول السابق ادريس جطو لنعيم كمال الصحفي المعروف بقربه من وزارة الداخلية، وبالأساس فؤاد عالي الهمة عندما كان كاتبا للدولة في عهد تعيينه. وجاء بعد ذلك الفاسي ولم يجدد هذا المنصب. نفس الأمر ينطبق على الحسان بوقنطار الذي يشغل منصبا بالهيئة، عينه به صديقه الاتحادي عبد الواحد الراضي عندما كان على رأس مجلس النواب. ويضاف إلى هؤلاء نور الدين أفاية الذي كان قد عينه مصطفى عكاشة الرئيس السابق لمجلس المستشارين، فجاء بنقدور وجاء الشيخ بيد الله ولم يأت معهم تغيير المنصب بمجلس الهيئة أو تجديده. وهذا الأمر يدل على أن المجلس بعيدا على أن يكون قانونيا بل إنه يخرق الظهير المؤسس. شركة الوسائط الرقمية تضع الهاكا في موضع حرج وتؤكد عدم استقلالية القرار داخلها: في صيف السنة الماضية تلقت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري رسالة من شركة "أقلام ميديا ديجيتال للاتصال والتواصل وفن التسويق" تخبرهم فيها أن مجموعة من المستثمرين الشباب قاموا بإنشاء باقة من القنوات المغربية تبث من دول ألمانيا وقبرص عبر استخدام تقنيات عالية في مجال الأنترنت. في نفس الرسالة أعرب هؤلاء المستثمرين عن رغبتهم في أن تتعاون معهم الهيئة لإنجاح مبادرتهم. في هذه الباقة نجد كل من قناة أطلس المغرب للثقافة والفن وقناة الحكيم. ويذكر أن هاتين القناتين تبثان من مركز للبث خارج المغرب تابع لشركة إسمها "دي تي في" www.ditve.com عبر القمر الاصطناعي عرب سات. ويذكر في هذا الإطار أن القناتين السابقتي الذكر كانتا قد باشرتا البث البث التجريبي. بعد هذا الإعلان تفاجئ هؤلاء المستثمرين برسالة وجهها لهم رئيس "الهاكا" أحمد الغزالي يخبرهم فيها بأنه لا يجوز إحداث وبث خدمة سمعية بصرية بأي تقنية كانت إلا بعد الحصول على ترخيص لهذا الغرض من طرف المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري الذي يرأسه. بعد ذلك راسل المدير العام للشركة المذكورة نور الدين بحتر الهيئة وقدم لهم توضيحا مضمونه أن القنوات لا تبث من داخل أرض المغرب وبالتالي فهي لا يطبق عليها القانون المغربي. وأبرز لأعضاء المجلس أن كل ما تقوم به شركته هو صياغة وتحضير برامج وإرسالها عبر الأنترنت إلى مراكز البث الموجودة خارج المغرب. وبالتالي فإن الأمر يتعلق بشركة للإنتاج تتدخل فيها قوانين المركز السينمائي المغربي وليس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري. كما نجد في الرسالة أن الشركة لن تقوم بالبث من داخل المغرب إلا بعد حصولها على الترخيص من مجلس الهاكا. وفي ختام الرسالة صرح نور الدين بحتر أنه سيرسل نسخة من رسالته إلى الملك ليطلعه على الأمر.