سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
علي الشعباني: لا يمكن للعلم تغيير أو تفسير الظواهر الخارقة التي تظهر لدى بعض الناس الباحث في علم الاجتماع قال إن هناك طاقات كبيرة مخزونة في الجسم لا يستطيع الإنسان اكتشافها
- ما هي مبررات الظواهر الخارقة التي تظهر على بعض المغاربة، وبالأخص الروحية منها؟ هذه الظواهر هي، في الأصل، نابعة من الثقافة السائدة في المجتمع المغربي، والتي هي ثقافة روحية أساسا، هذه الثقافة لا تساعد الناس على استعمال العقل أو امتلاك المقدرة على إدراك الحقائق، الأمر الذي يجعل غالبية الأشخاص يعتمدون في تفسير مثل هذه الظواهر باتّباع أسلوب التأويل الخرافي أو التأويل الأسطوري، أو بالاحتماء بالدين. - هناك مغاربة لديهم قوى جسدية كبيرة تجعلهم قادرين على جر شاحنات وطائرات وبواخر.. كيف يمكن تفسير هذه القوى التي يمتلكها هؤلاء؟ هناك قوى لا يستطيع العلم نفسُه أن يبرهن عليها أو يكشف من أين يأتي بها الإنسان، كما رأينا مع الشاب المكناسي الذي يجر حافلة تزن أكثر من 15 طنا بشعره أو من يتحكم في أشياء بأسنانه، أو مع الأشخاص الذين يأكلون الزجاج وغيرهم.. هذه بعض «الحالات» التي لا يستطيع العلم ذاته تغييرها أو تفسيرها ومعرفة أسبابها، لذلك فإن الذين يتوفرون على مثل هذه الطاقات والقدرات يفسرون ذلك اعتمادا على الفكر الخرافي أو الأسطوري لتبرير مثل هذه التصرفات، فلا يمكننا علميا أن نصل إلى الأسباب الحقيقية أو إلى تفسيرات علمية واقعية وعقلانية لمثل هذه الأمور، فلا يبقى أمام الإنسان إلا الاقتناع بالخرافة والأسطورة لتبريرها. - أنتم، كعلماء اجتماع، كيف تعاملتم مع هذه الظواهر الخارقة؟ وما تفسيركم لها؟ علماء الاجتماع هم كالعلماء الآخرين، لأن العوامل الواقعية، بصفة عامة، هي التي تُعتمَد للبرهنة على مثل هذه الأشياء، لذلك يجب أن يكون تبرير عالم الاجتماع مختلفا عن التبريرات التي تقدمها العلوم الأخرى، لهذا نجد أن علماء الاجتماع لا ينظرون إلى المسألة في حد ذاتها، وإنما ينظرون بشكل أكثر دقة إلى آثارها الاجتماعية وإلى تأثيراتها على المحيط، بشكل خاص، والناس بصفة عامة، وكيف يتم التعامل مع الأشخاص الذي يتصفون بهذه القدارت الخارقة وردود الفعل الجماعي حولها.. كما أننا، كعلماء اجتماع، ندرس صيرورة وعقيلة الإنسان وكيف يمكن أن يدرك هذه الطاقات الزائدة أو الاستثنائية التي يمكن أن تظهر لدى بعض المغاربة. - ما تفسير وصف مغاربة بهذه الظواهر بكونها لا تعدو أن تكون مظاهر دجل وشعوذة؟ كون ردود الفعل متباينة، وهي نابعة من الانبهار بالفرجة، لذلك عندما نشاهد هذا الشخص يؤتي مثل هذه الأشياء الخارقة، نلاحظ بعض النساء يزغردن وأطفالا ومواطنين يُصفّقون، معربين عن إعجابهم بمثل هذه «الإنجازات»، وهذا إما بفعل الإعجاب أو التعجب، وفي هذا الإطار، يمكن ترويج بعض الإشاعات التي يمكن أن تُضلّل الناس، في محاولة للتأثير عليهم بمثل هذه الأمور، إذن فردود الفعل متباينة و تنطلق من الفرجة، كما نلاحظ في مواسم عيساوة وحمادشة، حينما يضرب الأشخاص الذين ينتمون إلى الطائقفتين جباههم بالسواطير ويأكلون الصبّار أو يشربون الماء الساخن، أو بشكل أكثر خطورة، يثقبون شفاههم وأذقانهم بالإبر أو بغيرها، فهي عند الناس بمثابة حجة وإعجاز يبهرهم ويكون سببا وراء استغرابهم وتعجبهم من مثل هذه الأشياء. ويتطلب إظهارها هذه الظواهر الخارقة، في نفس الوقت، تمرينا وتدريبا، ولكنْ باستعمال الطاقات الداخلية التي يتوفر عليها الإنسان، لأن الطاقات متعددة لديه، وحتى علماء النفس وعلماء الدماغ وغيرهم يقولون إن الإنسان لا يستعمل من طاقته إلا نسبة قليلة جدا، لا تتعدى 25 في المائة، بمعنى أن هناك طاقات مخزونة كبيرة لا يستطيع الإنسان حتى اكتشافها، لهذا ففي مثل هذه «الحالات» يكونون قد وصلوا إلى درجة استطاعوا معها اكتشاف تلك الطاقات «المخزونة» لديهم وإظهارها للناس. - هل تدخل العبقرية والذكاء ضمن نطاق هذه الطاقات التي يتوفر عليها الإنسان؟ كما قلت، فإن الطاقات كثيرة ومتعددة، وهي نوعان: نوع يتعلق بالطاقة الجسدية ونوع آخر له ارتباط بالطاقة الذهنية، كمن يستطيع حل العمليات الرياضية المعقدة أو يمتلك القدرة على التحمل ومواجهة بعض الصعوبات.. هذه أشياء تختلف، منها ما ينتمي إلى الطاقات الذهنية ومنها ما ينتمي إلى الطاقات الجسدية، ولكنها كلها طاقات توجد داخل الإنسان ولا تأتيه من الخارج، فقط هناك من يستطيعون أن يظهروها، كمسألة العبقرية والذكاء. فالطاقات إذن هي جزء لا يتجزأ من شخصية الإنسان، الفارق الوحيد هو أن هناك من يستطيعون أن يكتشفوها ويعرفوا كيف يستعملونها، ومن يكتفون فقط بالأولويات «العادية»، التي يجتمع فيها الناس قاطبة..