رغم مرور 200 عام على صدور رواية «Sense and Sensibility» للروائية الإنجليزية جين أوستن، فإن جمهورها العريض ما يزال يشعر كأن الرواية صدرت بالأمس القريب فقط. فقد شهد الحفل السنويُّ ل»جمعية عشاق جين أوستن في أمريكا الشمالية» هذا العام حضور ما يقارب 800 من عشاق رواياتها، ومعظمهم من النساء، إلى مدينة فورت وورث في ولاية تكساس الأمريكية، ليتأملوا في مزاياها من خلال المحاضرات وحفلات إحياء الذكرى وارتداء أبهى الملابس. لقد انتشر الطابع الروائي لأوستن في أنحاء العالم كافة، ولاسيما في أوربا وأستراليا ونيوزيلندا والبرازيل والأرجنتين، إذ قام الكثيرون باستلهام رواياتها وفي بريطانيا. وتأتي روايتها «Pride and Prejudice» كأحسن رواية يفضلها الجمهور البريطاني بعد رواية «Lord of the Rings» لتولكاين، وهناك من ينظرون إليها باعتبارها معشوقة جماهير القراء والسينما من المراهقين. وتقوم قناة «بي بي سي 2» بعرض فيلم بعنوان»The Many Lovers of Miss Jane Austen»» (عشاق جين أوستن) يوم الجمعة المقبلة. والفيلم من إعداد آماندا فيكاري، أستاذة التاريخ الحديث في كلية كوين ماري في جامعة لندن. وأجمل ما في روايات جين أوستن، على قلتها، تلك الأجواء المنزلية العائلية الطبيعية الخالية من التكلّف، وبفضائلها كلها، وهذا في حد ذاته الدرس الذي نتعلمه من رواياتها. في القرن ال20، نالت أوستن شهرة واسعة باعتبارها ناقدة لاذعة لأحوال المجتمع. وفي العام 1948، منحها الكاتب والمفكر البريطاني الشهير إف. إر. ليفيز لقب «أم التقاليد العظيمة في الرواية الإنجليزية». وفي العام 1970، أنجزت الكثير من الدراسات الأدبية النسائية أظهرت أوستن في شكل «بطلة مُدمِّرة «. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: لماذا ظلت أوستن حاضرة في الأذهان حتى الآن، في الوقت الذي سقطت من الذاكرة كافة الأسماء الأدبية المعاصرة لها، أمثال سوزان فيرير وماريا إيدورث وجين بورتر وليدي مورغان؟.. وتقول المؤرخة الأدبية أماندا فيكاري إن «سر عبقرية أوستن يكمن في أن رواياتها تعد بمثابة مرآة لكل جيل». كما تقول إن «أهمَّّ ما يُميّز أوستن أنها تترك مساحة في ما تكتبه للقارئ كي يمارس ذكاءه ويُحلّق بخياله، وهذا في حد ذاته ما يُحدِث تأثيره الخارق في الأجيال الجديدة التي ترى نفسها في مرآة كتاباتها. وتختتم فيكاري تحليلها للراحلة أوستن بقولها إنه «بعد مرور 200 عام من الآن، سوف يكون هناك جيل من القراء يرى نفسه في كتاباتها.. إن رواياتها هي، بحق، مرآة الأجيال». كاتيا حداد