«إننا نشتغل في ظروف صعبة لا علاقة لها بالدراسة ويمكن أن توصف بأي وصف إلا العلم والتعلم، إذ العديد من المرافق غير مكتملة وأشغال البناء متواصلة ببطء والآلات تتحرك داخل الساحة وخارجها والأتربة، من الرمل والإسمنت والأحجار تتطاير، إضافة إلى الأوحال وحركات العمال والبنائين، كل هذا ونحن داخل الفصل ووسط الساحة وقبل أثناء الدخول وقبل الخروج».. تحكي بعض التلميذات ل»المساء» عند باب الثانوية التأهيلية محمد عابد الجابري في وجدة. وأضاف تلاميذ آخرون، بعد أن طالبوا بإلحاح بأخذ صور لهم وسط ورشات البناء، إن الدراسة انطلقت والمؤسسة لم تكتمل بعدُ وما زالت تفتقر إلى العديد من المرافق الصحية، في الوقت الذي ما زالت الأشغال مستمرة: «ما تزال الثانوية في طور البناء، فلا ماء ولا كهرباء ولا حارس ولا منظفات ولا أعوان إداريين ولا مكاتب إدارية تسمح للطاقم الإداري بتنظيم شؤونه وشؤون الأساتذة والتلاميذ». وقد استقبلت الثانوية التأهيلية محمد عابد الجابري، وهي في طور البناء، حوالي 230 تلميذة وتلميذا، مُوزَّعين على ثمانية أقسام، 3 أدبية و5 علمية، يؤطرهم 18 أستاذا وأستاذة ويشرف عليهم طاقم إداري مكون من 4 أطر إدارية فقط، مدير ومقتصد وحارس عامّ ومعيدة، يشتغلون في أركان قاعة تُستغَل كذلك كقاعة الأستاذة، وسط ركام من الملفات المُكدَّسة. تفتقر المؤسسة إلى مرافق صحية كالمراحيض، بحكم أنها غير مستعملة في غياب الواد الحار وانعدام الماء والإنارة، اللهم من أسلاك متدلية فوق رؤوس الوافدين عليها، إضافة إلى الأخطار المحدقة بهم جراء استمرار الأشغال وما يصاحبها من آفات، دون الحديث عن افتقار المؤسسة إلى ملاعب رياضة، رغم تواجد أستاذ رياضة، وحرمان التلاميذ من التجارب العلمية الخاصة بالدروس التطبيقية في العلوم الطبيعية والفيزيائية والكيمائية، رغم توفر المؤسسة على كلّ الوسائل والمستلزمات لذلك، إذ إن القاعات غير مُهيَّأة، كما لا تتوفر المؤسسة على خزانة، مع أن الأخيرة تعد الرئة والمُتنفَّس للدراسة والتحصيل، كما تغيب عنها قاعة متعددة الوسائط. «أهذه هي مدرسة النجاح؟ أين هو البرنامج الاستعجالي الذي خُصِّصت له ملايير الدراهم؟ هل هذه ظروف تربوية وتعليمية سليمة وصحية لإنجاز العملية التعليمية -التعلمية بنجاح؟ أين هو تكافؤ الفرص في مدرسة النجاح؟ ألا تتطلب هذه العملية النبيلة التركيز والهدوء؟ لماذا يتم الزجّ بنا، تلاميذَ وأساتذة وإداريين، في هذه خضم هذه الكارثة؟ إنه الضحك على الأذقان والسخرية من أبناء المواطنين وأساتذتهم»، يقول أحد الأساتذة، بكلّ حسرة وغضب. وبدورهم، عبّر العديد من آباء وأمهات وأولياء تلاميذ ثانوية محمد عابد الجابري، الكائنة قبالة كلية الطب، عن استيائهم العميق وتذمّرهم من هذه الوضعية، التي لا تساعد بتاتا على الدراسة والتحصيل، بل تضع أبناءهم وبناتهم في حالة استنفار قصوى من الأخطار التي تُهدّدهم جراء الأشغال المتواصلة بجميع بالوسائل، ودعوا إلى الجمع العامّ التأسيسي لجمعية آباء وأمهات وأولياء تلاميذ الثانوية يوم الأحد، 23 أكتوبر الجاري. وأشار الآباء إلى أن الثانوية ما تزال مفتوحة من كل الجهات في الليل والنهار، إذ تنعدم الأبواب، كما ينعدم وجود حراس، مما يجعلها عرضة للسرقة وتعشيش أوكار الفساد وقطاع الطرق، كما يُعرّض الأجهزة والآلات والوسائل العلمية التي تم اقتناؤها مؤخرا من طرف مقتصد الثانوية للتلف والسرقة، خصوصا أنها مكدسة في قاعة من قاعات المؤسسة ولا يتم الاشتغال أو العمل بها نظرا إلى انعدام الكهرباء. واعتبر هؤلاء الأولياء إلى أن الوضع المزري الذي تعرفه هذه الثانوية، التي تحمل اسم علم من أعلام المغرب وهو الفيلسوف العربي المغربي محمد عابد الجابري، لا ينسجم مع فكرة تكريم هذا الفيلسوف بإطلاق اسمه على ثانوية خربة، فر منها نصف تلاميذها ،لانعدام المرافق الحيوية والضرورية التي من شأنها أن تجعل السير الدراسي عاديّا، كما هو في باقي ثانويات المدينة. وفي الأخير، دعا أباء وأمهات تلاميذ المؤسسة الوزارة الوصية وكل الإدارات التي لها علاقة بهذا التأخر إلى إتمام أشغال الثانوية واتخاذ التدابير اللازمة المستعجلة كي يستقيم سير الدراسة وتتوفر كل الظروف البيئية والصحية والإدارية والأمنية في المؤسسة.