«في شهر ابريل الماضي من الموسم الدراسي 2010/2011، خلصت لجنة تقنية مختصة إلى عدم صلاحية الأقسام للتحصيل، وأغلقت ثلاث قاعات دراسية لخطورتها على حياة الناشئة ووعدتنا بتعويض تلك القاعات، على وجه الاستعجال، أو تعويض حجرتين على الأقل هذه السنة، إلا أن كل ذلك الكلام تبخر وبقي حبرا على ورق بعد أزيد من خمسة أشهر»، تلك شهادة أحد الأساتذة بمجموعة مدارس الطاهر السملالي بإقليم تيزنيت. وفي حل ترقيعي، يضيف المتحدث، حول الأساتذة مسكنا وظيفيا ومطعما دراسيا إلى قاعات، حيث ظروف التحصيل الدراسي غير مناسبة البتة، في الوقت الذي يرفض الآباء وأولياء التلاميذ السماح لأبنائهم الالتحاق بالمؤسسة الجماعتية من طرف السكان، إذ اختلطت المصالح السياسية والمصلحة التربوية. أما بالجماعة القروية لوجان بتيزنيت، فقد سلم مجموعة من السكان بقعة أرضية، مساحتها تبلغ تقريبا 900 متر مربعا للنيابة الإقليمية، منذ 10 سنوات تقريبا، من أجل بناء حجرتين دراسيتين ومسكن وظيفي ومرافق صحية، وبناء عليه أُبرمت الصفقة بين النيابة والمقاول الذي نقل أجهزته ووسائل العمل إلى المكان ذاته، منذ أربعة أشهر، خاصة أن الآجال القانونية لإنهاء الأشغال هو يوم 26 من الشهر الجاري، ليفاجأ عمال الورش بأحد سكان المنطقة يمنعهم من مواصلة الأشغال مدعيا بأن الأرض في ملكية أحد أصوله دون أن يقدم أية وثيق تبرر إدعاءاته، وأمام عجز رجال السلطة ومسؤولي الوزارة الوصية في حماية المقاول، غادر الأخير مكان الأشغال، وبالتالي تتبدد آمال عشرات الأطفال في تقريب المؤسسة إلى منازلهم. وبالوسط الحضري لمدينة تيزنيت، تبقى مدرسة ابن حزم حالة شاذة، ليس فقط بالمدينة بل بالإقليم، إذ لا أثر لها على أرض الواقع باستثناء أربعة أقسام تابعة لمدرسة المستقبل في الخلاء، أما باقي المرافق والتجهيزات من مرافق صحية وإدارة وملاعب وسكن وظيفي فهي توجد فقط على الورق، فالمدرسة معزولة عن الأحياء لسنوات، حيث لا تتوفر على سور يحميها من المشردين والمتسكعين والحيوانات والكلاب الضالة والأعاصير القوية، غير أنه مع بداية الموسم الحالي انطلقت أشغال بناء بعض الحجرات، إذ يشتغل المدرسون في ظروف غير مريحة أمام ضجيج أشغال البناء. وعلى عكس المؤسسات التعليمة بالوسط الحضري التي تعرف اكتظاظا من حيث عدد المتمدرسين، قد يصل في بعض الأقسام أزيد من 40 تلميذا، تعرف مؤسسات تعليمية أخرى في الوسط القروي كسادا في عدد التلاميذ، رغم التكاليف الباهظة التي شُيدت بها ووفق تصاميم جد حديثة كبناء حجرات سداسية الجدران، نموذج ثانوية المرغيتي بميرغت بسيدي احساين بإقليم سيدي إفني وثانوية عمر بن شمسي بوجان بإقليم تيزنيت. وبهذا الخصوص، أكد مصدر من النيابة الإقليمية للتعليم أن هذه الإشكالات ناتجة عن كون البرمجة والإحداث تعتمد على معطيات رقمية وإحصائيات متعلقة بعدد المتمدرسين، وبناء عليها تُبرمج هذه المؤسسات في هذه المناطق، غير أنه خلال المدة الفاصلة بين البرمجة والإحداث، أي الانتهاء من أشغال البناء والتي تستمر زهاء 3 أو 4 سنوات، يحدث تغير في عدد التلاميذ المستهدفين بالإحداث. بالإضافة إلى أن مجموعة من الإحداثات، خاصة بالعالم القروي، كانت تحت الطلب تلبية لأهداف سياسية محضة لمنتخبين وأضاف المصدر ذاته أنه من بين مشاكل إحداث المؤسسات التعليمية بالإقليم، من جهة، تخلي المستثمرين عن الصفقة لسبب ما، ما يؤجل أشغال البناء، وبالتالي مزيد من حرمان التلاميذ من الاستفادة من خدمات المدرسة، ومن جهة أخرى عدم بداية الأشغال في الأوقات المبرمجة، حيث تصادف أشغال البناء في كثير من الأحيان بداية انطلاق الموسم الدراسي، ما يجعل الناشئة تتلقى الدروس في ظروف تربوية غير ملائمة، نموذج مدرسة ابن حزم والثانوية الإعدادية إمام مالك بالوسط الحضري للمدينة، ناهيك عن الأزبال المتراكمة وسط الساحة وبوابة المدرسة. وعلاقة بالموضوع، أكد مصدر نقابي أن الأكاديمية والنيابات التعليمية تشيد بعشرات الملايين مؤسسات تعليمية في مناطق بعيدة عن الدوار والتجمعات السكنية، حيث تغيب الطريق والماء الصالح للشرب والمرافق الصحية، كما يجعل هذه المؤسسات وسكن الأساتذة عرضة للسرقة والتخريب. وأضاف المصدر ذاته أنه أثناء أشغال البناء، غالبا ما تشيد الأقسام أولا ثم سكن المدير أو الحارس، في الوقت الذي لا يُفكر في مساكن الأساتذة، خاصة أمام صعوبة إيجاد مسكن بالبادية، «كل تلك الأسباب مجتمعة تدفع غالبية الأساتذة والأستاذات بالخصوص إلى التنقل اليومي إلى المدينة، وما يرتبط بالظاهرة من عدم الالتحاق بالوقت وكثرة الغيابات في ظل قلة وسائل التنقل». إبراهيم أكنفار (تيزنيت)