رحل كفيل الإسلاميين لدى القصر عبد الكريم الخطيب والحزب في المعارضة يحاول دخول معركة الإصلاح الدستوري والسياسي بعد أن انتصب فؤاد عالي الهمة خصما للحزب يحشد جبهة «ليبرالية» لمواجهة الإسلاميين في الانتخابات الجماعية القادمة سنة 2009 ومن أجل الحد من طموحات إخوان بنكيران في انتخابات 2012. فهل وصل الحزب إلى الدوحة التي يستقي فيها عن شبكة علاقات الخطيب بالقصر وأجهزة الدولة أم إن رحيله سيترك فراغا كبيرا داخل الحزب؟ الجنرال حسني بنسليمان، قائد الدرك الملكي، يتدخل بدوره في السياسة.. ووزير الداخلية لا يطمئن لتقارير الجهات المستقلة عن وزارته.. ورموز «السلفية الجهادية» يستشيرون مع رجال القصر ويطلبون وساطتهم.. والإسلاميون قد يكونون أكثر ملكية من الملك في المحطات الحاسمة.. إنها بعض الحقائق التي كشف عنها رحيل الدكتور عبد الكريم الخطيب، الذي ترك فراغا كبيرا في العلاقة بين القصر والإسلاميين المغاربة بمختلف توجهاتهم. ففي أواسط السبعينات كان قد فتح أبواب حزبه في وجه نشطاء «الشبيبة الإسلامية» بطلب من زعيمها عبد الكريم مطيع الذي غادر المغرب بعد اغتيال أتباعه للقيادي الاتحادي عمر بنجلون.. وقبل ذلك كانت علاقته وطيدة بتنظيم الإخوان المسلمين الذي اعتبره مؤسسا لفرعه بالمغرب بعد وفاته. أما في نهاية التسعينات فقد توجه صاحب الفصل 19 الذي لقب الملك ب«أمير المؤمنين» المنصوص عليها في الدستور إلى مخيمات المقاتلين الأفغان والتقى بالشيخ عزام – زعيم الأفغان العرب-، وقام بإرسال المساعدات المالية التي جمعتها جمعيته إلى هؤلاء. وحين عاد أبو حذيفة – شيخ المغاربة الأفغان- إلى المغرب ومنع من مغادرته مجددا لم يجد شخصا آخر يطلب وساطته مع «لادجيد»، المسؤولة عن منعه من السفر، كما يقول، سوى الخطيب. أما حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي فقد طرقتا أبواب الرجل، الذي طلب من الحسن الثاني السماح له بتأسيس حزب إسلامي قبل أن يسخر منه ويقول له إن عليه الذهاب لتأسيس زاوية، للاندماج في حزبه من أجل الدخول إلى المؤسسات النيابية بعدما منعتهما الداخلية من تأسيس حزبي «الوحدة والتنمية» و«التجديد الوطني».. ووقتها كان أبرز من يستشيرهم الخطيب ابن أخته الجنرال حسني بنسليمان. وبموازاة ذلك كان إدريس البصري، وزير داخلية الحسن الثاني، قد طلب من الرميد، القيادي في العدالة والتنمية حاليا، أن يعد له تقريرا حول «مسار الحركة الإسلامية المغربية». وعندما تم إعفاء إدريس البصري من منصبه سنة 1999، التقى بالرميد به فسأله عن خلفيات تلك اللقاءات التي عقدها معه وملابساتها، فأجاب البصري بأن الراحل الحسن الثاني هو الذي كلفه بأن يقدم إليه معطيات عن الحركات الإسلامية المغربية. وقال له البصري إنه عندما تحدث إلى الحسن الثاني حول مشاركة الإسلاميين، وجه الملك إليه سؤالا واحدا هو: «كم من المقاعد سيحصلون عليها في حالة مشاركتهم في الانتخابات؟»، فأجابه البصري بأنهم سيحصلون على «ما بين 10 و14 مقعدا»، فأذن له بمشاركة الإسلاميين. لكن قبل أن يحدث هذا الاندماج كان الخطيب خلال المرحلة التي كان فيها حزبه داخل الثلاجة، يفكر في إدماج جماعة العدل والإحسان في حزبه، فقام بزيارة عبد السلام ياسين، المرشد الذي كان تحت الحصار في بيته بسلا، وانصب النقاش حول كيفية انخراط الجماعة في العمل السياسي المشروع، وبعد نقاش طويل، يقول مصدر حضر اللقاء، كان رد عبد السلام ياسين بأن الجماعة لا تعترف بإمارة المؤمنين في شكلها القائم. فالخطيب الذي كان يجالس ابن أخته الجنرال بنسليمان وحفيد أخته الثانية حصار، الوزير المنتدب في الداخلية الذي حل مكان الهمة.. ظل يوصي إسلاميي التوحيد والإصلاح إلى آخر لحظة بالإمامة..أي إمارة المؤمنين، لكنه ترك هؤلاء الإسلاميين وجها لوجه مع القصر دون وسيط يمكنه أن يقول «لا» لرجال الملك حين تختلف التقديرات ووجهات النظر، حتى ولو تعلق الأمر بأكبر المبادئ التي يدافعون عنها، مثلما حدث مع الهمة حين قال عن حماس إنها حركة إرهابية، فلزم الجميع الصمت باستثناء الخطيب الذي ثار في وجهه قبل أن يصبح قريبه جالسا فوق نفس كرسيه.