هناك اليوم بيننا في عالم السينما المغربية من لازال يرى في مهرجان السينما بمراكش مجرد «عراضة» فخمة وعطلة مجانية... وطيلة11 سنة من عمر المهرجان لم يستطع أي مخرج مغربي بأموال المركز السينمائي المغربي أن يصل إلى مرحلة تتويج متقدمة، أو أن ينتج فيلما مغربيا في مستوى الأفلام العالمية المشاركة في مهرجان مراكش... فطيلة 11 سنة من هذا المهرجان العالمي أنتجنا بفضل الأموال العمومية، التي ظل يرميها نور الدين الصايل من النوافذ، أفلاما مثل «كازانيغرا» اكتشف المغاربة مع أمهاتهم وأبنائهم يوم شاهدوه أن السينما عند لخماري تعني العادة السرية... وأنتجنا أيضا فيلما اسمه «الخطاف» قرر صاحبه الناصري يوما المشاركة به في مهرجان القاهرة، فربح سخرية النقاد وضحك كالبكاء من طرف الصحافة المصرية لمستواه الخرافي في العبث بفن راق اسمه السينما. «فلوس» الدعم الخيالية، التي يتراقص من أجلها المخرجون المغاربة أمام أعتاب المركز السينمائي المغربي، لو اجتمعت بأكملها أو لو اقتسمت بين مخرجين اثنين في مشروع فيلم ضخم أو فيلمين اثنين لاستطاع المغرب بعزيمة إبداعية أن ينتج الكيف عوض الكم, ولكان لنا اليوم، بعد انصرام عقد من الزمن على انطلاقة مهرجان مراكش الدولي، فيلم مغربي على الأقل يضاهي ما يعرض، ويكون له شأن دولي من خلال الأموال والإمكانات التقنية التي رصدت له, لأن بلدا ينظم بكعب عال تظاهرة سينمائية دولية بحجم مهرجان مراكش لا يسمح له أن تكون لديه سينما حافية القدمين. السينما في المغرب تشبه كثيرا كرة القدم في الاستثمار في بناء الملاعب بمواصفات دولية مع عدم التوفر على فرق في المستوى... و في مراكش استطاع المغاربة صناعة تظاهرة ثقافية وإبداعية بمواصفات تسيل لعاب أكثر الدول تقدما في أوربا, لكن بدون التوفر على صناعة سينمائية وطنية تستطيع لبس ثوب العالمية ودخول البساط الأحمر برأس مرفوع... فقط لأن لدينا مركزا سينمائيا يوزع الدعم بمنطق ألعاب عاشوراء على سينمائيين حتى ينتجوا أفلاما توزع في «درب غلف» عوض القاعات والمهرجانات الدولية، وحتى إن وصلت إلى القاعات تعافها أعين وآذان المغاربة. الأفلام المغربية لم يكن باستطاعتها طيلة 11 سنة اقتحام منصة التتويج في تظاهرة مغربية كمهرجان مراكش، ومع ذلك لم تخجل أصوات مسؤولي المركز السينمائي المغربي من القول طيلة عقد من الزمن بأن السينما المغربية بألف خير... و كيف لسينما مغربية لم تقدر حتى على اللعب في مهرجان بعقر دارها أن تصل إلى العالمية ؟ الجواب عن ذلك أن صناع السينما في المغرب لازالوا يعتبرون الفن السابع فرصة لعرض الملابس والمجوهرات وتوزيع الابتسامات وتبادل الصفعات واللكمات في العلب الليلية و«التحنقيز» على البساط الأحمر كما يفعل «دياولنا» في مهرجان مراكش, وليست «كتابة معاصرة بالمداد والضوء», كما كان يصفها دائما جون كوكتو, الشاعر والسينمائي والفنان التشكيلي الفرنسي. منطق وسياسة المركز السينمائي المغربي مع السينما الوطنية هو «عدي بالنْعالة حتى يجيب الله السبَّاط»... ومهرجان مراكش في كل هذا رسم طريقه وابتعد بسنوات ضوئية عن السينما المغربية التي تكتفي بحق «العراضة» في مهرجان المدينة الحمراء... وذاك الطفل الذي رافق والديه في ليلة شتوية من سنة 2001 لحضور أول دورة من عمر مهرجان مراكش وكان عمره 9 سنوات فقط... هو الآن شاب في العشرين من عمره يقرر في مستقبل بلده عبر المشاركة في الانتخابات... لكن في بلد لم يستطع حتى الآن إنتاج فيلم واحد «يحمَّر الوجه».