يعود المركز المغربي للظرفية لبحث سبل إنعاش الصادرات المغربية، في ظل السياق المحلي الجديد المتسم بالدستور الجديد الذي يمنح لرئيس الحكومة سلطة قيادة السياسة الاقتصادية، وفي ظل سياق دولي متسم بالأزمة التي تطال أوروبا، والتي وصلت تداعياتها إلى بعض البلدان الآسيوية، بما لذلك من تداعيات على صعيد الطلب الموجه إلى المغرب. ولا حظ المركز المغربي للظرفية، في ورقة تقديمية للندوة السنوية، التي سينظمها غدا الثلاثاء بالدار البيضاء حول «تنافسية ودينامية الصادرات أية استراتيجية مستقبلية؟» أنه عبر توقيع المغرب على اتفاقيات للتبادل الحر راهن على الصادرات من أجل الحصول على نمو إضافي، الذي يعتبر المقدمة الأساسية لتحسين مستوى عيش الساكنة، غير أن متوسط النمو السنوي بين 1998 و2010 لم يتعد 4.3 في المائة، وهو المعدل الذي تحقق بفعل الطلب الداخلي بحوالي 4.7 في المائة، مقابل مساهمة سلبية للطلب الخارجي في حدود 0.40 في المائة. كما يتم تقييمها عبر الرصيد الخارجي لمبادلات السلع والخدمات. وتفسر هاته المساهمة السلبية بغلبة الواردات بمساهمة سلبية ب2.4 نقطة كنمو مقابل مساهمة إيجابية لا تتعدى نقطتين كنمو بالنسبة إلى الصادرات. ويشدد المركز على أن اندماج المغرب في الاقتصاد العالمي، الذي راكم 88 في المائة من الناتج الداخلي الخام في 2008 يأتي بفعل الواردات ب51 في المائة من الناتج الداخلي الخام أكثر من الصادرات، التي تمثل 37 في المائة من الناتج الداخلي الخام، أي عجزا في حدود 14 نقطة من الناتج الداخلي الخام، مما يعني أن معدل التغطية ما فتئ يتراجع كي يمثل 72 في المائة في 2009 مقابل 101 في المائة في 2008. ورغم تشكل دينامية الواردات من مواد التجهيز والمنتوجات نصف المصنعة التي يصعب الضغط عليها، فإن التدهور المقلق للمبادلات التجارية يعود إلى ضعف الصادرات، مما يؤثر على الحسابات الخارجية. ويطرح المركز التساؤل حول المحددات التي تتسبب في الضعف المتواصل لمجموع الموازين الخارجية، حيث يشير التفسير الأول إلى تفاقم العجز التجاري، الذي مرده، على المدى المتوسط والطويل، إلى عوامل ذات صلة بالنظام الإنتاجي ذاته. إذ يؤكد أنه قبل التصدي للتصدير يجب إنتاج السلع والخدمات التي تستجيب لانتظارات الأسواق المستهدفة، والحال أنه حسب العديد من الفاعلين، يجب تحميل المسؤولية للعجز الوطني من السلع والخدمات. ويتساءل المركز عن السبب الذي يحول دون توفير المقاولات الوطنية عرضا متنوعا يمكنها من ولوج الأسواق الكبيرة والتكيف مع متطلبات الطلب الخارجي في سياق العولمة الزاحفة. ذلك ما سيحاول المركز مقاربته عبر الاستناد إلى شريحة من البلدان ذات الاقتصاديات المماثلة بهدف قياس تموقع الاقتصاد المغربي في الأسواق الأوروبية والاقتصاديات الصاعدة. ويرتقب أن يتيح هذا البحث الإحصائي الحصول على معلومات حول طبيعة المنتوجات المصنعة من قبل المقاولات وحدود أدائها على مستوى حجم الصادرات. ويذهب تفسير آخر إلى أن تفاقم العجز التجاري يضعف الإطار المؤسساتي والآليات التحفيزية، مما يعني أن خيار فتح الحدود ونهج سياسة هجومية في الأسواق الدولية من أجل تكريس صورة المغرب، ليس فقط كمصدر للسلع، بل كذلك كمستقطب للاستثمارات الخارجية المباشرة، يفترض نهج سياسة ملائمة في مجال إنعاش مبيعات السلع والخدمات في الخارج، مما يستدعي التساؤل حول درجة تنسيق التدخلات التي تقوم بها المؤسسات المتخصصة وفعالية الإجراءات التحفيزية في ظرفية معينه، غير أن المركز يوصي بالسعي إلى تحسين التنافسية، على المدى القصير، عبر تليين الإكراهات ذات العلاقة بالتكاليف التي تحول دون تنافسية المقاولات المغربية.