التمويل الخارجي لن يوقف استنزاف احتياطيات العملة الصعبة بسبب ارتفاع الواردات من السلع والخدمات اعتبرت المندوبية السامية للتخطيط أن النموذج الاقتصادي الوطني، الذي يرتكز على تلبية جزء كبير من الطلب الداخلي بالواردات، بدأ يؤثر سلبا على التوازنات الخارجية، مما يدفع المندوبية إلى الدعوة إلى تنويع بنيات الإنتاج والرفع من تنافسية المقاولات، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي. وقالت المندوبية السامية للتخطيط، في المذكرة الإخبارية التي تنصب على الميزانية الاقتصادية الاستشرافية، التي تراجع توقعات السنة الجارية وترسم آفاق السنة القادمة إن «التمويل الخارجي عبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة والقروض الخارجية سوف لن يوقف الاستنزاف الذي تعرفه الاحتياطيات من العملات الأجنبية التي يتوفر عليها المغرب، حيث سيعرف صافي الموجودات الخارجية تراجعا، ليمثل 6 أشهر من الواردات من السلع والخدمات سنة 2011 عوض 7 أشهر خلال سنة 2010». وأشارت إلى أن تعزيز الطلب الداخلي، بعد تباطئه الظرفي خلال سنتي 2009 و2010، يؤدي إلى تفاقم عجز المبادلات الخارجية خلال سنتي 2011 و2012. وبالتالي سيؤدي تحسن مستوى استهلاك الأسر، مصحوبا بانتعاش الاستثمارات، إلى ارتفاع الواردات من السلع والخدمات، مما سيفرز تفاقما في عجز الميزان التجاري. وأخذا بعين الاعتبار تباطؤ صافي المداخيل الواردة من باقي العالم، سيتقلص الاحتياطي من العملة الصعبة، مما سيؤثر على الإمكانيات التمويلية للاقتصاد الوطني. واعتبرت المندوبية أن الارتفاع المتوقع لأسعار الواردات بمستوى أعلى من زيادة أسعار الصادرات، سيؤدي إلى تفاقم وضعية ميزان المبادلات الخارجية، حيث سينتقل عجز الموارد من 10,8 % من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2010 إلى 12,7 % سنة 2011. مؤكدة أنه رغم تحسن ميزان التحويلات الذي سيغطي جزءا من هذا العجز، فإن الحاجيات التمويلية للمعاملات الجارية لميزان الآداءات، ستبلغ 4,3 % من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2011. وتفسر المندوبية هذا العجز في التمويل بالفرق بين معدل الادخار الوطني المتوقع في حدود 30,4 % من الناتج الداخلي الإجمالي ومعدل الاستثمار المقدر بحوالي 34,7 %. وتترقب المذكرة أن تسجل المبادلات الخارجية، من جديد في السنة القادمة، مساهمة سالبة في النمو، بحوالي 0,3 نقطة، ويعزى ذلك إلى تسارع وتيرة زيادة الواردات، نتيجة التأثير المضاعف لدينامية الطلب الداخلي، خاصة الاستثمار. وبالأسعار الجارية، ستواصل الصادرات من السلع والخدمات منحاها التصاعدي، لترتفع ب 10,6 %. غير أن زيادة الواردات بحوالي 10,5 %، ستفرز ارتفاعا طفيفا لعجز الموارد، الذي سينتقل من 12,2 % من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2011 إلى 12,6 % سنة 2012. وتوقعت المندوبية السامية للتخطيط، أن يصل النمو الاقتصادي في السنة القادمة إلى 4. 5 في المائة، متراجعا عن المستوى الذي تترقب أن يصل إليه في السنة الجارية والذي حددته في 4. 8 في المائة. غير أنه يبدو أن الأسعار سوف ترتفع خلال السنة القادمة، حيث يرتقب أن يصل معدل التضخم إلى 5. 2 في المائة، مقابل توقع في حدود 6. 1 في السنة الحالية. و تعتمد الفرضيات المعتمدة في توقعات سنة 2012، على متوسط إنتاج حبوب يقدر ب70 مليون قنطار خلال الموسم الفلاحي القادم وعلى نفس السياسة المالية المتبعة خلال سنة 2011، خاصة فيما يتصل بالمقتضيات الجبائية ونفقات الاستثمار والتسيير ونفقات دعم أسعار الاستهلاك.