الحرب في أوكرانيا.. بوتين يعلن هدنة لمدة ثلاثة أيام    مصر تفتتح "الكان" بفوز مهم على جنوب إفريقيا    المغرب يشارك في الدورة السابعة من القمة الثقافية بأبوظبي    مزور يؤكد التزام المغرب بتعزيز علاقاته الاقتصادية مع الصين    الأداء الإيجابي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    ترايل أمزميز.. العداؤون المغاربة يتألقون في النسخة السابعة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    منتجع سيدي بوزيد.. الدرك يفكك وكرا للدعارة    تكريم سعيد بودرا المدير الإقليمي السابق لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالمضيق الفنيدق    الرباط .. انطلاق أشغال النسخة الثالثة من منتدى الحوار البرلماني جنوب-جنوب    الدورة ال 30 للمعرض الدولي للكتاب تستقطب أكثر من 403 آلاف زائر    ندوة توعوية بوجدة تفتح النقاش حول التحرش الجنسي بالمدارس    "البيجيدي" يحسم أسماء أعضاء الأمانة العامة والمعتصم رئيسا للمجلس الوطني    انطلاق جلسات استماع في محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية    منظمات حقوقية تنتقد حملة إعلامية "مسيئة" للأشخاص في وضعية إعاقة    هيئة حقوقية تدين حملات التشهير ضد ساكنة بن أحمد    انتشال جثة فتى من وادي ملوية بعد اختفائه    الأمن الوطني يوقف مروّج وشاية كاذبة حول جريمة قتل وهمية بابن أحمد    خط جوي مباشر يربط الدار البيضاء بكاتانيا الإيطالية    الذهب يهبط وسط انحسار التوتر بين أمريكا والصين    حزب الاستقلال بالحسيمة يكتسح الانتخابات الجزئية بفوزه بأربعة مقاعد    عبد الله البقالي يترأس أشغال المجلس الاقليمي لحزب الاستقلال بالحسيمة    نزهة بدوان رئيسة لمنطقة شمال إفريقيا بالاتحاد الإفريقي للرياضة للجميع    أسعار النفط تستقر مع بداية الأسبوع    كيم جونغ يقر بإرسال قوات إلى روسيا    مقتل 68 مهاجرا في قصف أمريكي    متصرفو قطاع التربية الوطنية يطالبون بتدخل عاجل من أخنوش    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    بريطانيا .. آلاف الوفيات سنويا مرتبطة بتناول الأغذية فائقة المعالجة    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    بنكيران وحزب العدالة والتنمية.. زعامة تتآكل وسط عزوف القيادات وهروب إلى المجهول    تيزنيت : الوقاية المدنية و الهلال الاحمر درعا السلامة و الأمان ب"سباق النصر النسوي"    رد حكيم من بوريطة.. إسكات استفزازات العالم الاخر ومسه بسيادة العراق    الصين: المغرب ضيف شرف النسخة ال11 لمؤتمر رواد الأعمال لمنتدى التعاون الصيني العربي    كيوسك الاثنين | قرار وزاري يضع حدا لتعقيدات إدارية دامت لسنوات    ثروة معدنية هائلة ترى النور بسيروا بورزازات: اكتشاف ضخم يعزز آفاق الاقتصاد الوطني    المرزوقي يدعو التونسيين لإسقاط نظام قيس سعيد واستعادة مسار الثورة    المشتبه به في قتل مصلّ بمسجد في جنوب فرنسا يسلم نفسه للشرطة الإيطالية    فريق نهضة بركان يتأهل لنهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية    شهادات تبسط مسار الناقدة رشيدة بنمسعود بين الكتابة والنضالات الحقوقية    مي حريري تطلق " لا تغلط " بالتعاون مع وتري    "جرح صعيب".. صوت عماد التطواني يلامس وجدان عشاق الطرب الشعبي    العرائش: عزفٌ جنائزي على أوتار الخراب !    التنسيقية الصحراوية للوديان الثلاث وادنون الساقية الحمراء واد الذهب للدفاع عن الارض والعرض تستنكر… ارض الصحراويين خط أحمر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    فوزي لقجع يهنئ نهضة بركان بعد تأهله إلى نهائي كأس الكونفدرالية    الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب يختتم فعالياته على وقع النجاح    والد لامين يامال: كنت مدريديًا… لكن برشلونة وفر لي لقمة العيش    الأوغندي أبيل شيلانغات والمغربية رحمة الطاهري يتوجان بلقب ماراطون الرباط    منصة رقمية تواكب منتجي الحبوب    بعد ارتفاع حالات الإصابة به .. السل القادم عبر «حليب لعبار» وباقي المشتقات غير المبسترة يقلق الأطباء    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    "المرأة البامبارية" تُبرز قهر تندوف    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من المشروعية الانتخابية إلى مشروعية الإنجاز
نشر في المساء يوم 09 - 12 - 2011

ساعدت نتائج اقتراع 25 نونبر على إحداث نوع من الفرز في ما يرتبط بالأحزاب السياسية التي بإمكانها أن تشكل الأغلبية الجديدة وتلك التي بإمكانها أن تنخرط في معارضة بناءة من شأنها المساهمة في عقلنة المشهد السياسي، وهي نتائج لم تكن مفاجئة بشكل كبير باعتبار أنه قبل الاقتراع كانت هناك فرضيات أو سيناريوهات مختلفة بشأن الحزب الذي من المحتمل أن يفوز بالانتخابات التشريعية؛ وكان هناك شبه إجماع حول ثلاث هيئات سياسية، هي العدالة والتنمية والاستقلال والتجمع الوطني للأحرار. ولا شك أن نتائج الاقتراع لم تبتعد كثيرا عن هذا السيناريو، على اعتبار أن الأحزاب المشار إليها، حلت في الرتب الأولى، سواء تعلق الأمر بالعدالة والتنمية الذي جاء في الرتبة الأولى أو الاستقلال الذي حل ثانيا أو التجمع الوطني للأحرار الذي حل في الرتبة الثالثة؛ كما أن تلك النتائج لم تكن مفاجئة في ما يتعلق بالأحزاب السياسية التي سيكون لها دور سواء في الأغلبية أو في المعارضة؛ فرغم الانتقادات التي وجهت إلى الاستحقاقات الجماعية بتاريخ 12 يونيو 2009 حيث أفرزت ثمانية أحزاب سياسية اعتبرت «وازنة»، فإن اقتراع 25 نونبر رسخ هذا الاقتناع، حيث حصلت تلك الأحزاب الثمانية بدءا من حزب «العدالة والتنمية» وانتهاء بحزب «التقدم والاشتراكية» على أكثر من 95 في المائة من الأصوات والمقاعد، مع تغييرات في الترتيب.
إن العنصر الذي شكل عامل المفاجأة في هذه الانتخابات يتجلى في الفرق الشاسع بين الحزب الفائز بالرتبة الأولى والأحزاب الأخرى المتصدرة للمشهد الانتخابي والسياسي، رغم أنه من الصعب الحديث عن اكتساح حزب العدالة والتنمية لنتائج اقتراع 25 نونبر، فهو قد حصل على 27 في المائة من الأصوات والمقاعد، وهي نسبة منحته الرتبة الأولى، ولكنها رتبة قد تضعف وضعه وهو يبحث عن تحالفات لتشكيل الأغلبية الجديدة، وضع يجعله بين مطرقة حسابات بعض مكونات الكتلة الديمقراطية وسندان حسابات بعض مكونات التحالف من أجل الديمقراطية، خاصة بعدما قرر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الانتقال إلى صفوف المعارضة، وهو انتقال يساعد على توضيح الرؤى وإزالة الالتباس عما كان يقال حول إمكانية حدوث تحالف أو تنسيق بين الاتحاد الاشتراكي وحزب العدالة والتنمية منذ الإعلان عن تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة في غشت 2008.
ما هي الأسباب التي بإمكانها أن تفسر تصدر حزب العدالة والتنمية لنتائج اقتراع 25 نونبر؟ هناك مجموعة من الأسباب:
يعود السبب الأول إلى الحياد الإيجابي لسلطات الإدارة الترابية، وهو الحياد الإيجابي الذي أشارت إليه العديد من تقارير الملاحظين الانتخابيين، سواء كانوا من المغاربة أو من الأجانب. وهنا، يسجل أن هذه أول انتخابات تشريعية لم تتعرض لأي طعن سياسي من قبل الأحزاب السياسية المشاركة فيها، فكل تلك الأحزاب أشادت بمجريات العملية الانتخابية وهنأت الحزب الفائز، غير أن هذا لا يعني عدم وجود طعون قضائية في بعض الدوائر الانتخابية تقدم بها المترشحون المتنافسون أمام المجلس الدستوري.
ويكمن السبب الثاني في القوة التنظيمية لحزب العدالة والتنمية، فمما لا شك فيه أن الحزب بذل جهودا كبيرة على مستوى بناء أداته التنظيمية، كما سعى إلى تعميق التواصل مع مختلف الفئات، ولم يكتف بالتواصل خلال فترة الانتخابات كما تفعل الأحزاب السياسية الأخرى، بل إن البعد التواصلي عنده يستمر في كل وقت. وفي الوقت الذي اكتفت فيه أحزاب بالتواصل الافتراضي عبر شبكات التواصل الاجتماعية، فإن العدالة والتنمية لم يكتف بهذه الآلية، بل وظف آلية التواصل المباشر مع المواطنين.
ويرتبط السبب الثالث بنسبة عدد الممتنعين عن التصويت، حيث بلغت نسبة الامتناع 55 في المائة، في حين بلغت نسبة المشاركة 45 في المائة من ضمنها 20 في المائة من الأصوات الملغاة، أي ما يفوق مليونا وستمائة ألف صوت (000 600 1)، وهو ما خدم مصلحة العدالة والتنمية التي تتوفر على كتلة ناخبة منضبطة، حيث لوحظ أنه كلما ارتفعت نسبة الامتناع تقوت حظوظ الحزب كما تشير إلى ذلك النتائج المسجلة في المدن الكبرى.
ويتعلق السبب الرابع بالأخطاء التي ارتكبتها أحزاب سياسية سعت إلى استهداف حزب العدالة والتنمية، وفي مقدمتها حزب الأصالة والمعاصرة الذي سعى إلى عزل غريمه السياسي سياسيا؛ غير أن حملات الاستهداف هذه أتت بنتائج عكسية، حيث دفعت العديد من المغاربة إلى التعاطف مع حزب العدالة والتنمية. إن خطأ هذه الأحزاب يتجلى في كونها أعادت إنتاج الخطاب الاستئصالي الذي ظل يسعى إلى تخويف الرأي العام من الإسلاميين من خلال الترويج لمقولة أنهم ليسوا ديمقراطيين، بل يشكلون خطرا على الديمقراطية وعلى الحداثة.
إن حزب العدالة والتنمية، الذي حصل على مشروعيته الانتخابية من خلال اقتراع 25 نونبر، عليه أن يزكي هذه المشروعية اللاحقة بمشروعية سابقة نسميها مشروعية الإنجاز، حيث لا يمكن الفصل بينهما، فالناخب منح ثقته للأحزاب التي ستشكل الأغلبية الجديدة، وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية، وذلك بناء على التزامات قدمت إليه وينتظر من هذه الأحزاب الوفاء بها. وهنا، ينبغي التذكير بالإطار العام الذي سيشتغل حزب العدالة والتنمية من داخله، وهو المتمثل في ضرورة استحضار أن السياسة تمارس في إطار ثوابت، ولا يمكن لأي حزب وصل إلى الحكومة أن ينقلب عليها.. هناك ثوابت للدولة ومقتضيات دستورية تؤطر العمل الحكومي.
إن التحدي الأكبر الذي يواجهه حزب العدالة والتنمية يتجلى في الانتقال من المشروعية الانتخابية إلى مشروعية الإنجاز، من خلال تنفيذ ما وعد بإنجازه أمام الناخبين؛ وفي حال فشل في التوفيق بين مشروعية التفويض الشعبي ومشروعية الإنجاز، فإن التداعيات السلبية لذلك لن تنعكس على الحزب فقط، بل على العديد من التيارات الإسلامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.