لازالت مجموعة المكفوفين المجازين المؤهلين لولوج مناصب الأئمة والمرشدين والمرشدات تواصل اعتصامها داخل مقر ملحقة وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، منذ السادس عشر من نونبر الماضي. وقد احتفل المكفوفون باليوم العالمي للأشخاص في وضعية إعاقة، متسائلين عن جدوى المواثيق والاتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب في هذا الإطار، يقول أحد المكفوفين «ما إن يكمل الكفيف دراسته حاصلا على شهادة الإجازة، متحديا الصعوبات الفريدة التي لا يعلمها إلا هو متناسيا مرارة المعاناة سعيا وراء شهادة تكفل له العيش الكريم، حتى يصطدم باتفاقيات سياسية لا تراعي مصالحه». فالمكفوفون المعتصمون لحد الآن أمام مقر الوزارة الوصية يعتبرون أنفسهم ضحايا للاتفاقية التي أبرمتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مع وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، والتي يقولون إنها سبب رئيسي في استمرار عطالتهم. وقد كان أمل المكفوفين كبيرا عندما أصدر الوزير الأول دورية تتيح توظفيهم في القطاعات العمومية استثناء بشكل مباشر، لكن، يضيف أحد المكفوفين المتضررين في تصريح ل«المساء»، من غرائب الأمور أن ديباجة الاتفاقية الموقعة جعلت الدورية الوزارية سالفة الذكر أساسا لها، لتنتقل بعد ذلك إلى بنود وصفها بالقاسية، فقد فرضت الاتفاقية، على حد قوله، على الذين ينخرطون فيها من المكفوفين حفظ القرآن الكريم كاملا بالنسبة إلى الذكور في مدة سنتين ونصف، ونصفه في سنة ونصف بالنسبة إلى الإناث. وبعد ذلك، يضيف، يتقدم من أشهد له بالتمكن من حفظ ما اتفق عليه لاجتياز المباراة، وإذا تمكن من النجاح فيها، فإنها تخول له المرور للتكوين لمدة سنة كاملة في مدينة الرباط، وإذا ما استطاع التفوق في مباراة آخر التكوين، عندئذ يمكنه الولوج إلى الوظيفة العمومية عن طريق التعاقد، وليس الترسيم. هذه البنود هي في نظر المكفوفين تعجيزية وليست تحفيزية، فأغلب أفراد هذه المجموعة متزوجون ويعيلون أسرا ولهم أطفال، كما أنه لا يمكنهم متابعة التكوين بالرباط، زيادة على كون المدة المحددة لحفظ القرآن قصيرة. كما أن تلك البنود، يقول المتحدث ذاته، هي بعينها وصفاتها المطبقة على المجازين المبصرين بموجب برنامج لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، فأي تفعيل لدورية الوزير إذا، يضيف المتحدث متسائلا . من جهة ثانية، استنكر المكفوفون صمت الوزارتين على معاناتهم وإغلاقهما باب الحوار رغم الوعود التي قدمها المسؤولون لهم في السابق، والتي كان قد حدد لها أجل شهر يوليوز الماضي، ليصل شهر دجنبر ومازالوا يواصلون اعتصامهم دون أدنى حل يذكر. وحمل المكفوفون المجازون مسؤولي الوزارتين معا مسؤولية ما وصلوا إليه من يأس، إلى درجة أن بعضهم أصبح يفكر في الانتحار بسبب تأزم الوضعية الاجتماعية والاقتصادية التي ازدادت مع ما وصفوه ب«الحكرة» التي يشعرون بها، والتي تقتل مرارتها نفسيتهم، معتبرين أن هؤلاء المسؤولين يلعبون بهم وبحياة خمسين أسرة.