انتهت لجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية بمجلس النواب في ساعة متأخرة من ليلة الجمعة السبت الماضية من المناقشة التفصيلية لمشروع الميثاق الجماعي، بعد المناقشة العامة التي كانت في الدورة الربيعية الأخيرة. وينتظر أن تعرض اللجنة مشروع الميثاق على الفرق النيابية بالبرلمان، حيث حددت اللجنة يوم 13 أكتوبر المقبل لتقديم التعديلات اللازمة، والتصويت عليها يوم 15 من الشهر نفسه، استعدادا للانتخابات الجماعية، التي من المنتظر أن تجرى في يونيو من العام المقبل. ومن المنتظر أن يحال المشروع بعد تصويت اللجنة على الجلسة العامة قبل 20 أكتوبر، وهو الموعد الذي من المرتقب أن يتم فيه تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2009. إلى ذلك، عرفت مناقشة مشروع الميثاق الجماعي جدلا واسعا داخل لجنة الداخلية، خصوصا حول مجموعة من النقط المتعلقة أساسا حول طريقة انتخاب الرئيس، واختصاصات الكاتب العام، ودور المقاطعات... وفي هذا السياق، وصف عبد الله بوانو، برلماني عن فريق العدالة والتنمية، مشروع الميثاق الجماعي الذي تقدمت به وزارة الداخلية بالمشروع «السطحي والجزئي، وبأنه لم يستجب لنتائج المشاورات التي جرت سنة 2007 في كل الجهات والأقاليم حول المشروع، كما لم يتلاءم وتوصيات ملتقى أكادير 2006 حول تعديل الميثاق الجماعي». وأشار بوانو، عضو لجنة الداخلية بمجلس النواب، في تصريح ل«المساء»، إلى أن «33 تعديلا التي جاء بها المشروع لم تنفذ إلى العمق، خاصة في ما يتعلق بخمس نقاط أساسية تهم العمل الجماعي، والتي لم يطرأ عليها أي تغيير». وتتعلق النقطة الأولى بالمادة 6 المتعلقة بانتخاب الرئيس وتشكيل المكاتب، حيث إن المشروع، يقول نائب العدالة والتنمية، أضاف دورا ثالثا لانتخاب الرئيس، فبالإضافة إلى الدورين الأول والثاني، اللذين يشترط فيهما الأغلبية المطلقة، أضيف دور ثالث، وهو ما سيساعد على «الزيادة في سومة شراء ذمم المستشارين»، على حد تعبيره. وأردف قائلا: «كان من الأجدر أن يختار الرئيس من طرف المواطنين مباشرة، أو تطبيق المنهجية الديمقراطية باختياره من اللوائح الثلاث الأولى». ومن بين الملاحظات التي أبداها فريق العدالة والتنمية على مشروع الميثاق الجماعي، ملاحظة تتعلق بالوصايا الإدارية. وفي هذا الإطار، قال بوانو: «كنا نتوخى أن يلغي الميثاق الوصايا القبلية التي تفرضها وزارة الداخلية بمختلف أجهزتها، وكذا وزارة المالية على عمل المجالس، حيث كان من الأفيد أن يرسخ الميثاق مبدأ العمل بالوصايا البعدية حول مدى تنفيذ البرامج المسطرة، والتوجه إلى القضاء في حالة الخلل». هذا إلى جانب نقطة أخرى تتعلق باللامركزية، حيث، يقول بوانو، أن عددا من القرارات يجب أن تتخذ على المستوى المحلي بدل احتكار وزارة الداخلية لجميع القرارات». وفي هذا السياق، أعاب عبد الله بوانو إبقاء الميثاق الجديد على جزء وافر من الاختصاصات بيد السلطة، بدل المجالس التي يجب أن تكون لها اليد الطولى في بعض الأمور». وتصب الملاحظة الرابعة حول مجالس المدن ومقاطعاتها، حيث تم -يقول بوانو- نزع مجموعة من الاختصاصات التي كانت موكلة بمقتضى الميثاق القديم إلى المقاطعات وإرجاعها إلى مجلس المدينة. وتبعا لذلك، لم يعد للمقاطعات، بمقتضى الميثاق الجديد، سوى اختصاص واحد يتعلق بمنح رخصة السكن الفردي. هذا إلى جانب «أعطاب أخرى تتعلق بالإدارة العمومية الجماعية والمستوى الدراسي الذي لم يحرك، حيث اكتفى الميثاق الجديد بالمستوى الابتدائي بالنسبة إلى جميع الجماعات». من جهته، اعتبر محمد مبديع، رئيس لجنة الداخلية بمجلس النواب أن مشروع الميثاق الجماعي جاء بإضافات جديدة، سواء على المستوى المؤسساتي أو في ما يتعلق بتحصين دور الرئيس وتحديد مسؤوليته، كما يوضح مسؤولية المكتب المسير. وأشار مبديع، في تصريح ل«المساء»، إلى أن اعتبار الميثاق الكاتب العام كأحد المسيرين في الجهاز الإداري من شأنه أن ييسر التسيير الجماعي، الذي كان غالبا ما يتم الاهتمام به على حساب مشاكل التنمية. كما أن الميثاق –يضيف- سيفسح الفرصة لخلق شركات التنمية المحلية، وهو ما سيساهم في توطيد التعاضد بين الجماعات المحلية ومساعدتها على إقامة مشاريع متكاملة في ما بينها.