«بعض الرجال، سياسيين كانوا أو أدباء، ملوكاً أو رؤساء، عامة أم علماء، أغنياء أم فقراء... لا يستطيعون مقاومة عيون النساء ولالهن، ولا طلعتهن، ولا أصواتهن، وهنّ اللواتي يدخلن إلى القلوب بدون استئذان، فسقط البعض منهم أرضاً من أول نظرة أو كلمة أو ابتسامة، والبعض الآخر بقي يتوهم كالشعراء أن كل امرأة في الدنيا تهيم به وبجماله وبسواد عينيه وأنها لا تستطيع الفرار من بين يديه، فتخلوا عن مبادئ وقيم وعادات وتقاليد وأخلاق من أجل لحظة نشوة وشهوة عابرة، لتظهر خبايا حياتهم التنكرية، التي تحمل ألف وجه ووجه بين ثكنات الحكم والسلطة وبين الجنس، الذي لا ينتهي بعد أن فعلوا أي شيء من أجل رغبتهم الجنسية ومن أجل التخبط في عتمة الليل فوق صدر غانية أو امرأة جميلة أفقدتهم الاحترام وهوت بهم إلى دهاليز النسيان والعالم المجهول، حتى ولو كان ذلك ضد القانون، فقبل البعض منهم أن يكون صفرا، وقبل آخر بأن يكون فاعلا لا مفعولا به. بقيت قصصهم تكبر وتصغر مثل كرة الثلج، منهم من ظلمته الشائعات وأصيب في مقتل، ومنهم من لبس ثوب الحقيقة وعرّى نفسه أمام الجميع دون أن يغطي نفسه بورق التوت، فسقطوا من فوق عروشهم في مستنقعات الرذيلة وحكموا في مواخير الجنس والطرب، حتى أضاع بعضهم حكمه. إنهم ملوك وملكات اختاروا الجنس واللذة على السلطة والحكم. يقول الداهية اليهودي ووزير الخارجية الأمريكية الأسبق كيسنجر: «إن السلطة أقوى مقوّي جنسي في العالم، فغالبية من شغلوا البيت الأبيض كانوا مهووسين بالنساء، فغرف البيت الأبيض الأمريكي مليئة بالحكايات وجدرانه لها آذان، ولكن ليس لها لسان وإلا لكان الأمر مختلفا تماما، ولعل هذا ما دفع الرئيس كنيدي ومن بعده كلينتون إلى كل هذه المغامرات». إنها لعبة الحب والعلاقات النسائية المتعددة والحفلات الصاخبة هي وحدها التي يمكن أن توصف بها حياة الرئيس الأمريكي السابق جون كنيدي، ولعلها نفس المفردات التي امتثلها باقي أفراد آل كنيدي كوسيلة خفية لمد نفوذهم السياسي إلى أبعد مدى، فما قيل وتردّد عن جون كنيدي وعلاقاته الجنسية ظل حديث المجتمع الأمريكي والعالم لسنوات طويلة، والتي لم يمكّن موته من إخفائها عن عيون العالم، بعد أن أضحى البيت الأبيض مرتعا للجنس وإشباع الرغبة والتلذذ بالحسناوات التي لم يبخل الرئيس الأمريكي كلينتون عن التمتع بها، حتى أضحى بمثابة حانة وكباريه للجنس ليس إلا، وفي هذا يقول بيترسون في كتابه عن واشنطن والجنس: «لقد أضحى البيت الأبيض بمثابة حانة وكباريه للجنس ولم يعد بيتا للسياسة تتخذ فيه القرارات الكبيرة. إنه مخبأ المحظيات في كل العهود، فرؤساء عديدون دخلوا البيت الأبيض ابتداء من جورج واشنطن وتوماس جيفرسون حتى فضيحة كلينتون، وقبل أن يستمتعوا بحدائقه استمتعوا بغرفه مع النساء والموسيقى وما لذّ وطاب من الطعام والشراب.
جون وجاكلين.. أسطورة الحب والموت ويضيف الكاتب «كان الرئيس ليندون جونسون، الذي مارس الجنس مع إحدى سكرتيراته في المكتب الأبيض وعلى مكتبه الخشبي، يتلذذ بالجنس ويعشق النساء، كما أنه (كما روي عنه) كان ينزعج كثيرا عندما كان يسمع بأن جون كنيدي مغامرا تعشقه النساء، كان يغار منه كثيرا ويكاد يجنّ عندما كان يشاهد جون كنيدي وبأم عينيه يمرح مع عشيقاته وهنّ بين أحضانه بالبيت الأبيض، لذلك مارس هو نفس الهواية مع سكرتيرته اليهودية وغيرها، اقتناعا منه بأنه سيصل إلى المكانة التي كان عليها كنيدي في عيون النساء، لكن الأمر كان مختلف تماما مع كنيدي، الشاب اليافع الذي عشقته النساء حتى الجنون». كان جون فيتزغيرالد كنيدي، الرئيس الخامس والثلاثين للولايات المتحدةالأمريكية بعد خلفه دواين إيزنهاور (ولد في 29 ماي 1917 ببروكلين لعائلة إيرلندية كاثوليكية المذهب، سياسية الانتماء، وأضحى سيد البيت الأبيض في عام 1961، معتبرا بذلك أصغر رئيس منتخب للولايات المتحدةالأمريكية وأول كاثوليكي يشغل هدا المنصب في تاريخها) قد مارس الجنس مع العديد من النساء وبأشكال مختلفة، بعد أن التصق اسمه بملكة الإغراء مارلين مونرو وغيرها من جميلات عصره، بعد ارتباطه بزوجته جاكلين. بدأت قصة جاكلين وجون كينيدي في ماي 1951 عندما تعرف عليها لأول مرة خلال حفل عشاء أعدته مارثا، زوجة صديقه الصحفي الأمريكي، تشارلز بارتليت، بعدما شعرت أن زوجها مهتم بجاكي، فقررت أن تعرفها بشخص آخر وهو صديقه جون كنيدي، حتى تبعد أنظاره عنها. كانت مارثا قد شعرت، بعد عدة مقابلات جمعت بينها وبين جون وصديقتها جاكلين، بأن عيون السيناتور لم تكن بعيدة عن صديقتها الجميلة جاكي، فعمدت إلى دعوتهما إلى إحدى الحفلات لهذه الغاية وتم التعارف بينهما بعد دقائق منفردة، لتنجح خطتها في تلك الليلة رغم أنهما لم يلتقيا إلا في الشتاء التالي، حين كان كنيدي يستعد لخوض معركة انتخابات بمجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية ماساشوستس ضد السناتور الجمهوري كابوت لودج، وهذه المرة، أيضا، كانت مارثا هي التي رتبت اللقاء في حفل عشاء في بيتها. لم يمض وقت طويل بعد ذلك، حتى شوهد جون كينيدي يحتضن جاكلين برومانسية، بعد أن تناولا العشاء في أحد المطاعم الفاخرة، بناء على دعوة جون كنيدي لها، ثم تكررت اللقاءات، وأخيرا بدأت بينهما علاقة عاطفية ساخنة (في سرية كاملة)، خاصة أن جاكلين كانت مخطوبة في ذلك الوقت من شخص آخر، سرعان ما عمدت إلى فسخ خطوبتها منه، ليتفقا على الزواج منتصف ماي 1953. يروي أيمن التهامي في كتابه «ملوك وملكات مائة عام من الحب مائة عام من الخيانة» عن تلك اللحظات قائلا: «كانت الصحافة الأمريكية قد نشرت لدى معرفتها بعلاقته بجاكلين تحقيقات صحفية عن السيناتور الشاب، المولع بالنساء الجميلات، لكن مثل تلك التحقيقات لم تثن جاكلين عن رغبتها بالارتباط به، رغم سفرها لتغطية الاحتفالات بتتويج ملكة بريطانيا (كانت تعمل كصحفية لدى إحدى المجلات الأمريكية حينها)، وبعد أسبوع من وجودها ببريطانيا، تلقت برقية من كنيدي يقول فيها إن مقالاتها ممتازة ولكنه يفتقدها كثيرا، فسارعت إلى العودة للقائه وأعلنت الخطوبة مباشرة وتم الزواج، ليطيرا إلى «أكابولكو» لتمضية أسبوعين قبل أن يتوجها إلى سان فرانسيسكو. كانت حياة الزوجين مليئة بالحب، خاصة أن جاكلين لازالت صغيرة، فاتنة، مفعمة بالحيوية والجنس، لكن لم تمض سوى شهور حتى بدأت جاكلين تشعر بالضجر والملل من زوجها الشاب المهووس بالنساء، الذي كان يقضي وقته برفقتهن ورفقة أصدقائه حتى الصباح، تاركا إياها وحيدة بالبيت تضرب أخماسها بأسداسها عن سهراته المجونية، التي تمتد حتى الصباح وبشكل يومي. كانت جاكلين تتميز بالجرأة والشجاعة والقدرة على تحدي التقاليد وإثارة إعجاب النساء، حيث جسّدت لهنّ أحلامهنّ بالقوة والحرية، وقد صرّحت ذات مرة في حوار صحفي أنها نادرا ما تقوم بطهو الطعام بنفسها، كما أنها لا تهتم بالشؤون المنزلية لأن لديها خدما يقومون بذلك، كان ذلك في الوقت الذي يجب على زوجة الرئيس الأمريكي أن تبالغ في إظهار نفسها بصورة ست البيت التقليدية على طراز الريف الأمريكي، لكن رغم ذلك كانت تخفي بداخلها موجة من العنف والحقد على زوجها، الذي لم يتردد في تركها بصفة يومية ليحيي سهراته في أحضان عشيقاته. جاء في تقرير صحفي نشرته مجلة «روز اليوسف» بعددها رقم 3635 «كانت جاكلين قد اختارت الطريق الصعب غير التقليدي، بينما كان الأمريكيون أيضا يبحثون عن طريق غير تقليدي يعجبون فيه بزوجة الرئيس، وكانت النتيجة الطبيعية أنهما التقيا في منتصف الطريق، كما كان الأمريكيون قد سئموا من زوجات الرؤساء التقليديات اللاتي يفتقرن إلى الذوق والأناقة والاهتمام بمظهرهن، فجاءت «جاكي» موديلا يقلده جميع نساء العالم في الأناقة والرقة والذوق الرفيع، فظهورها بمظهر القوة في تحملها للعلاقات الغرامية لزوجها الرئيس كان يرجع إلى كونه رئيسا لأمريكا قبل أن يكون زوجا، ولعل هذا السبب الأهم الذي جعلها تتحمل غرامياته ولا تبالي بفضائحه المتعددة، التي تحولت على مدار السنين إلى ما يشبه الأساطير». وتضيف الصحيفة «ففي عام 1956، فشل كيندي في الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي كنائب للرئيس في الانتخابات، ورغم ذلك، قام بالاستجمام في البحر المتوسط تاركا جاكلين وحيدة وهي حامل، وفجأة ساءت حالتها الصحية وأجريت لها عملية ولادة قيصرية لإنقاذ الجنين، لكنها باءت بالفشل، ولم يعرف كيندي بذلك إلا بعد ثلاثة أيام، فقد كان يقضي رحلته مع مجموعة من النساء، ومع ذلك لم يعد مباشرة، بل أكمل رحلته، وكانت هذه هي الصدمة الحقيقية الأولى التي سببّها جون لجاكي. وتردّدت شائعات في ذلك الوقت عن احتمال وقوع الطلاق بينهما، كما تردّدت شائعات قوية بأن والد جون كيندي قدم لها مليون دولار كهدية في مقابل ألا تطلب الطلاق، فتفسد عليه خطته في أن يصبح رئيسا لأمريكا، وهكذا استمرت جاكلين، رفقة زوجها جون، في القتال السياسي والدعاية الانتخابية، حتى أضحى رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية، وبقيت علاقتها به كأب لابنتها فقط، وليس كزوج، حتى تم اغتياله في الثاني والعشرين من نوفمبر 1963 أثناء زيارة خاصة لولاية دالاس، وبعد سنتين من انتخابه، لتلفظ له ما تبقى من حب تجاهه وتقول له وهي تنظر إليه وقد تطايرت شظايا رأسه وخرج دماغه إلى الخارج: إني أحبك يا جون.. إني أحبك. كاتب وصحفي فلسطيني مقيم في المغرب