كان أمام مغاربة المهجر، الذين كانوا يرغبون في المشاركة في الانتخابات التشريعية التي جرت أمس الجمعة، بعض الحلول المستحيلة: إما التقدم إلى قنصليات أو سفارات بلدانهم لتعبئة استمارة وإرسالها إلى قريب أو صديق ليلقي بالظرف في صندوق الاقتراع. وهو ما أطلق عليه المشرع اسم التصويت بالوكالة أو التوكيل. لو توكل الناخب على الله وتقدم إلى القنصلية لرجع أدراجه نظرا لاهتمام الموظفين بملفات أخرى لا تمت للانتخابات بصلة. الحل الثاني هو أن يأخذ الناخب الطائرة للتصويت بعين المكان. وإن وصلت الطائرة وعادت في الوقت المحدد فقد يصوت الناخب المهاجر، وإن تأخرت لن يقبل منه الباطرون، الذي يمكن أن يتخلص منه أي شكاية، خصوصا في أزمنة الشدة التي نعيشها والتي أصبح فيها المهاجرون أكباش فداء الأزمة. على أي صوت أو لم يصوت فقد يجد من يصوت في مكانه سواء من الأحياء أو الأموات. خلاصة القول أن العمال المهاجرين (البقرة الحلوب)، في هذه الاستحقاقات لم يعترف بهم ولا بصوتهم وبالتالي ليس لهم الحق في اختيار ممثليهم في المهجر. هل هم مواطنون حقا أم أبقار حلوب أم شبابيك لاستخراج الدوفيز؟ من المهجر، يتابع مغاربة العالم على القناة الأولى والثانية نتائج الانتخابات التشريعية كما لو كانوا أجانب عنها. فضائح بالجملة لما اندلعت فضيحة كراتشي أو ما أطلقت عليه بعض الصحف «كاراتشي غيت»، من بين الأسماء التي وردت في تحقيقات المكلف بالملف، اسم جان-فرانسوا كوبيه، السكرتير العام لحزب التجمع من أجل حركة شعبية، التابع للرئيس ساركوزي. لكن التحقيق في مراحله الأولى تركز على بعض الأسماء المقربة من هذا الأخير أمثال تييريه غوبير، واتضح مع تطور البحث أن الفرنسي-اللبناني زياد تقي الدين لعب دور الوسيط في الصفقة التجارية بين فرنساوباكستان والتي انتهت بعملية انتحارية أودت بحياة 11 فرنسيا من بينهم مهندسون وعملاء بالمخابرات، وذلك على خلفية عدم تسديد مبالغ مالية لوسطاء في الجيش الباكستاني. اليوم بدأت نيران الحريق تقترب من جان-فرانسوا كوبيه ومن الرئيس ساركوزي. فقد اتهم شاهد لم يذكر اسمه السكرتير العام للتجمع بتلقي أموال من طرف زياد تقي الدين، استعملها لترميم شقته في باريس. وقد نشرت صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» لهذا الأسبوع محضر الجلسة أمام القاضيين رونو فان ريمبيك وروجيه لو لوار، المكلفين بالتحقيق في العلاقة بين العملية الانتحارية لثامن مايو 2002 والرشاوي المتعلقة بعقود التسلح المبرمة مع باكستان. كما أفاد الشاهد بأن كوبيه فتح حسابا بنكيا بسويسرا. كما أشار إلى أن هذا الأخير وعائلته حلوا ضيوفا على نفقة زياد تقي الدين في لندن، بيروت، والبندقية في الفترة التي كان فيها كوبيه وزيرا للمالية والناطق الرسمي باسم الحكومة. وقد سبق لموقع ميديابار أن كشف بأن زياد تقي الدين لم يؤد الضرائب على الرغم من أن ثروته تناهز 40 مليون أورو. لكن جان-فرانسوا كوبيه تبرأ من هذه الاتهامات مفندا مزاعم الإفادات التي أدلى بها الشاهد. ولا زال التحقيق قيد المتابعة. في انتظار أن تنجلي حقيقة رابطة البيزنيس التي تجمع بين السكرتير العام لحزب الأغلبية الجمهورية ورجل الأعمال اللبناني-الفرنسي، تطرقت جريدة لوموند بدورها إلى قضية كراتشي غيت لتسلط الأدوار هذه المرة على إفادة الأميرة هيلين دو يوغوسلافي، زوجة تييري غوبير، أحد الأصدقاء المقربين من الرئيس ساركوزي والمورط في نفس القضية. فقد كشفت الأميرة أنه أيام الرخاء كانت حلقة صغيرة من الأثرياء تنظم حفلات وأماسي ترفيهية في البندقية، بالم بيش بفلوريدا والتي كانت تجمع كلا من تييريه غوبير، نيكولا بازير، زياد تقي الدين، ونيكولا ساركوزي. وفي كل مرة تكلف زوجها بتأمين النقل والإقامة في فنادق من خمسة نجوم. وقد نظم تييريه غوبير هذه الرحلات لرد الجميل لأصدقائه، وخاصة ساركوزي، الذين ساعدوه على اقتناء أراض في مناطق متفرقة من باريس وضواحيها، شيد بها عمارات للسكن. المهم أنه من المحتمل أن تؤثر هذه الفضيحة بمفاجآتها على مسلسل الاقتراع الرئاسي وبالأخص على سمعة ساركوزي في حالة ما إذا كشفت العدالة بالحجة والبرهان عن تورطه فيها. ليست هذه الفضيحة الهم الوحيد للرئيس، بل عليه مواجهة تداعيات فضيحة جديدة أثارها كتاب مايك جوكتان الذي طرح بالمكتبات الفرنسية يوم الخميس. وقد عمل المؤلف مستشارا خاصا للرئيس الغابوني الأسبق عمر بانغو، منذ 2005 قبل أن يصبح مديرا للديوان في يناير 2009، ليلتحق بعدها بالمعارضة. وفي الكتاب يشير جوكتان إلى أن عمر بانغو مول الحملة الانتخابية للرئيس ساركوزي. كما يؤكد صحة الخبر الذي أدلى به المحامي الفرنسي-اللبناني روبير بورجي، من أنه «سلم 20 مليون دولار إلى الرئيس شيراك ووزيره الأول آنذاك دومينيك دو فيلبان». وفي شهادته للصحفيين غزافييه هاريل وطوماس هوفنونغ، يشير مايك جوكتان إلى أن «الحقائب بقيت تتنقل حتى بعد انتخاب ساركوزي». ويوضح في هذا الكتاب الذي يسلط الأضواء على العلاقات المشبوهة بين فرنسا والنظام الغابوني، الذي كان تحت سيادة آل بانغو وشركات النفط الفرنسية، بأن مكتب الرئاسة الذي كانت تسلم به الحقائب كان مجهزا بكاميرات خفية تصور عمليات تسليم الحقائب، وتستعمل الأشرطة فيما بعد أداة ضغط على الإيليزيه. وفي الانتخابات الرئاسية الغابونية التي توجت بانتخاب علي بانغو، فيما كان قد خسر الاستحقاق أمام منافسه أندريه مبا أوبامي، هدد علي بونغو الإليزيه بفضح صفقات الحقائب في حالة تأييده لمنافسه. رحيل دانيال ميتران ليلة الثلاثاء، على الثانية صباحا، رحلت دانيال ميتران عقيلة الرئيس الفرنسي الأسبق، عن سن ناهز 87 بسبب مرض في جهاز التنفس. وكانت دانيال ميتران قد احتفلت قبل أيام من وفاتها بالذكرى 25 لتأسيس منظمة «فرانس-ليبيرتي»، التي كانت رئيستها. وبقدر ما كانت بعض معاركها وجيهة، إنسانية، مثل دفاعها عن الماء كطاقة مشتركة وتنديدها بالاستعباد، بقدر ما زاغت عن رسالتها لما سخرت منظمتها بشكل انحيازي وأعمى للدفاع عن البوليساريو الذي اعتبرته «ضحية استعمار مغربي» ! وكانت قد أعلنت عام 1990 عن نيتها لزيارة مخيمات تندوف قبل أن تعزف عن ذلك تحت ضغط الاحتجاجات المغربية. على النقيض من زوجات الرؤساء الفرنسيين اللواتي كن إما ظلا لأزواجهن وإما دميات، نحتت دانيال ميتران فضاءها الخاص للقيام بدبلوماسية إنسانية موازية، حيث التقت بعض أعلام السياسة أمثال فيدال كاسترو أو الدلاي لاما.. إلخ. بوفاتها تطوى صفحة من التاريخ الحديث لفرنسا ولطريقة معينة في النضال الجمعوي الإنساني وهو نضال لم يكن دائما واقعيا أو براغماتيا. دليل حائر لم تفاجئ الثورات العربية الخبراء، المعلقين الصحافيين والجيو-استراتيجيين وحسب، بل فاجأت أيضا محرري الدلائل السياحية الذين امتهنوا تأليف الدلائل السياحية عن العالم العربي. وللتذكير، فإن الدول العربية التي عاشت انتفاضة الربيع العربي مثل تونس، مصر، ليبيا، أو التي هي اليوم مسرح لوقائعها الدامية، هي إحدى الوجهات السياحية العالمية الكبرى، على اعتبار أن اقتصاد البعض من هذه البلدان مثل تونس ومصر، يقوم في أكثر من خمسين بالمائة منه على العائدات السياحية. وتقوم الدلائل السياحية مقام خارطة طريق بالنسبة للسائح أو زائر هذه الدول. إذ تقربه من التاريخ، من الجغرافيا ومن العمران، بل وحتى من سيكولوجية البلد. ترسم له محطات الرحلة تبعا لتنقلاته، تعرض عليه أرخص الأثمنة لارتياد فندق أو مطعم أو كراء سيارة. كما لا تتردد أحيانا في تسويد صورة هذه الدول بالإشارة إلى السرقات أو ابتزاز السياح أو الاعتداءات الجنسية على السائحات، أو التشديد على النظافة أو تقديم وصفات لتجنب الملابس الشفافة أو الأماكن التي يرتادها الشحاذون. بكلمة توفر الدلائل السياحية التسهيلات اللازمة لكي يقوم السائح برحلة موفقة. لذا، فإن الدليل السياحي هو بمثابة إنجيل السائح الغربي ويصعب على المسافر الاستغناء عن خدماته الإرشادية. كما أن الدلائل السياحية منتوج تجاري تتحكم في إنتاجه وتسويقه كبريات دور النشر. وفي حالة فرنسا تبقى دار هاشيت للنشر أكبر ناشر للدلائل السياحية وذلك بتغطيتها لكل دول العالم. وتتوزع دلائل هاشيت على مجموعة سلسلات أشهرها «دليل المسافر»، وهو عبارة عن دليل جيب يقدم معلومات عملية وتقنية مستقاة من أرضية واقع هذه البلدان. وقد جرت العادة أن يلجأ الناشرون إلى تحديث دلائلهم إما بالتشطيب على مطعم اختفى أو إضافة حديقة أو سوق، لكن الثورات العربية عطلت محرك هذه الدلائل، التي تعاملت إلى زمن قريب مع بلدان العالم العربي وكأن تاريخها قد توقف بالمرة مع الأنظمة الاستبدادية. ومن سنة إلى أخرى، من طبعة إلى أخرى، كانت دور النشر تجري بعض التعديلات الطفيفة على المضمون من دون أن يمس التغيير الثوابت. بعد سقوط نظام بن علي وحسني مبارك، بعد موجة الاحتجاجات والمظاهرات التي عرفها العالم العربي، جندت بعض دور النشر محرريها لإعادة صياغة الدلائل المخصصة لهذه الدول، رغبة منها في مرافقة التحولات. هكذا أعلنت عن طرحها لدلائل جديدة تأخذ بعين الاعتبار تحولات هذه الدول. لكن تسارع الأحداث ما لبث أن تجاوز المحررين والناشرين على حد سواء والذين تساير نظرتهم للعالم العربي نظرة الإعلام الغربي. هكذا ما إن أعلن مصطفى عبد الجليل عن أن الشريعة الإسلامية ستكون سندا للحكم في ليبيا وبأن تعدد الزوجات سيشرع من جديد، ما أن حقق حزب النهضة الإسلامي بتونس اختراقا سياسيا في الانتخابات الأخيرة للمجلس التأسيسي حتى أوقفت دور النشر الطبعات الجديدة لدلائلها السياحية عن تونس وليبيا. ومن غير المستبعد أن تعلق طبعتها عن مصر، التي تستعد بدورها لخوض تجربة تسيير إسلامي. أما سوريا واليمن فقد علقت دور النشر وإلى إشعار آخر، إصدار أي دليل عنهما. خلاصة القول إن هناك دلائل سياحية لما قبل ثورات الربيع العربي ودلائل ما بعد هذا الربيع. لكن الدلائل السياحية لما بعد الربيع العربي مطالبة، مثلها مثل جميع كتب التاريخ، بتطهير مضامينها من ذكر وذاكرة الطغاة ومآثرهم السلبية، وذلك بكتابة تاريخ جديد وتربية عين السائح على رؤية شعوب ومجتمعات جديدة. غير أن هذه الدلائل، وإلى إشعار آخر، لا زالت حائرة وغير قادرة على قبول اللعبة الديمقراطية التي أفرزتها صناديق الاقتراع في تونس والتي قد تفرزها غدا في مصر أو في دول سياحية أخرى.
دومينيك ستروس- كان يخوض معركة مع الإعلام لم يغادر دومينيك ستروس كان بعد رحاب المحاكم. وكأنه حكم عليه بالإقامة بها مع تحول في صك الاتهام هذه المرة: من متهم، تحول إلى «ضحية». وبالأخص «ضحية» الإعلام وذلك على خلفية فضيحة فندق الكارلتون بمدينة ليل بشمال فرنسا والذي حامت شكوك حول كونه أحد زبنائه حيث كان يرتاده كما أوردت الصحافة، لقضاء ليال مجونية. وقد نهلت الصحافة الأسبوعية بوفرة من هذه الفضيحة التي أسقطت رؤوسا وازنة في الشرطة الفرنسية وفي ميدان الأعمال. وقد خصصت الأسبوعيات ( لونوفيل أوبسيرفاتور، ليكسبريس، باري ماتش، في-إس-دي)، أغلفتها الأولى وملفاتها للحديث عن «السقطة» أو «الانهيار العصبي» للمدير الأسبق لصندوق النقد الدولي. كما أشارت بعض الصحف إلى أن علاقة ستروس كان بزوجته أصبحت في وضع انفراط ولربما قد تطلب آن سينكلير الطلاق. لكن الزوجين خرجا صباح الثلاثاء ببلاغ يعلنان فيه عن عزمهما رفع دعوى قضائية ضد كل الصحف التي تناولت تورط دومينيك ستروس كان في هذه الفضيحة. كما رفعا دعوى ضد هنري غينو، المستشار الخاص للرئيس ساركوزي بسبب تصريحاته على قناة «باري بروميير»، حيث أشار إلى أن القضية تتعدى نطاق الحياة الخاصة لتمس مجال الجناح.