جرت، أمس الجمعة، أول انتخابات تشريعية سابقة لأوانها عقب إقرار دستور جديد، وافق عليه المغاربة في استفتاء عام يوم فاتح يوليوز الماضي. واسترعت هذه المحطة الانتخابية اهتماما واسعا على المستوى الإقليمي والعربي والدولي، إذ لا حاجة إلى تأكيد أن هذه الانتخابات جرت في ظروف عربية وإقليمية وجهوية بالغة التعقيد بسبب رياح الربيع العربي التي عصفت بأنظمة عربية ديكتاتورية دفعت ثمن التصلب في التجاوب مع نداءات التغيير. وتستدعي هذه الانتخابات ملاحظتين هامتين، في انتظار ظهور النتائج النهائية من أجل استنتاج الخلاصات الضرورية للمرحلة المقبلة في بلادنا: الملاحظة الأولى أن الحملة الانتخابية جرت في أجواء فاترة، رغم ما سجل فيها من تجاوزات اتخذت العدالة في شأنها الإجراءات الواجب اتخاذها طبقا للقانون، بناء على الشكايات التي تقدم بها المرشحون المنافسون أو المواطنون؛ فقد لوحظ أنه لأول مرة يتم التركيز بشكل أساسي على البرامج في الخطاب الدعائي، لأن الأحزاب كانت واعية بأن مرحلة ما بعد الدستور الجديد، الذي يمنح صلاحيات واسعة للبرلمان والحكومة، ستكون مرحلة المحاسبة الشعبية، وفق المبدأ الذي أرساه الدستور والذي ربط فيه بين المسؤولية والمحاسبة. أما الملاحظة الثانية فهي كثافة الحضور الدولي في إطار ملاحظة الانتخابات، طبقا للقانون الذي صادق عليه البرلمان حول الملاحظة الانتخابية، وهي نقطة تحسب لهذه الانتخابات التي أثارت اهتماما كبيرا. غير أن الأهم هنا ليس فقط عملية الملاحظة في ذاتها، بل التداعيات الدولية والأصداء التي ستخلفها حول المغرب، فقد أعلن «المعهد الديمقراطي الوطني الأمريكي»، مثلا، أنه سيُعِدّ حول مهمته في ملاحظة الانتخابات تقريرا محايدا، سينشر داخل وخارج المغرب. إن صورة المغرب في هذه الانتخابات هي التي وُضعت على المحك.