تجري اليوم الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها في بلادنا؛ وهي محطة مهمة في تاريخ البناء السياسي بعد الدستور الجديد الذي صودق عليه في يوليوز الماضي من طرف الشعب المغربي، إذ ينتظر الجميع، في الداخل كما في الخارج، أن تفرز هذه المحطة مؤسسات دستورية جديدة تقطع مع الماضي وتدخل المغرب في مرحلة جديدة قوامها الديمقراطية والتنمية والجيل الجديد من حقوق الإنسان الذي يضمن للمواطن الكرامة في العمل والسكن والصحة وتوفير الخدمات الأساسية، ونقل الدولة إلى عهد المواطنة الحقيقية. انتخابات اليوم هي انتخابات الانتقال الديمقراطية الفعلي، لكنها قبل ذلك امتحان كبير للدولة التي يجب أن تدبر محطة اليوم بما ينبغي من النزاهة والشفافية وضمان اقتراع بأسلوب جديد يطوي صفحة الماضي حتى يكون ذلك رسالة قوية إلى المواطنين، مضمونها أن الدولة أصبحت لاعبا محايدا في العمليات الانتخابية وحاكما بين جميع الفاعلين السياسيين؛ انتخابات اليوم تحمل دلالات سياسية هامة وكبيرة، لأنها أولا تأتي -كما سبقت الإشارة إلى ذلك- بعد دستور جديد للمغرب، وثانيا تتزامن مع رياح الربيع العربي التي عصفت بثلاثة أنظمة ديكتاتورية حتى اليوم وتهدد أنظمة أخرى في المنطقة العربية، ووصلت إلى بلدان عربية أخرى، من بينها المغرب، التقطت رسالة التغيير وتجاوبت معها؛ وانتخابات اليوم ستكون التعبير الواقعي عن طبيعة هذا التجاوب، وسيتوقف ذلك على نجاح هذا الاختبار. وبصرف النظر عن النتائج التي ستفرزها هذه الانتخابات اليوم، فإن المعول عليه هو أن تكون وسيلة لإفراز أغلبية حقيقية تمارس صلاحياتها بمنطق جديد، يتجاوز طرق التدبير الماضية ويمنح الأمل للمواطنين في مستقبل مشرق لهم ولأبنائهم، ويعيد الثقة في العمل السياسي وفي المؤسسات، ويجعل صناديق الاقتراع الحل الوحيد بيد المواطنين لتغيير ظروفهم، شرط أن تكون تلك الصناديق شفافة.