أعلنت الهيئة العليا للصحافة والسمعيات البصرية الموريتانية، المعروفة اختصارا ب«هابا»، عن تحرير المجال السمعي البصري من خلال منح الترخيص لقناتين وإذاعتين خاصتين، وهو حدث إعلامي يكتسي أهمية بالغة في الفضاء المغاربي على اعتبار أنه، أولا، يدخل الدولة الموريتانية في عداد الدول التي ألغت، بالفعل، احتكار الدولة للفعل السمعي البصري وحققت السبق، ولاسيما في ما يتعلق بتأسيس قنوات خاصة، على كل من المغرب والجزائر وليبيا. وإذا كان الأمر طبيعيا بالنسبة إلى دولة أسست، قبل سنتين ليس إلا، هيئة لتنظيم القطاع السمعي البصري، فإن الأمر يبدو مستغربا جدا بالنسبة إلى المغرب الذي أسس هيئة عليا للاتصال السمعي البصري منذ تسع سنوات، دون أن يستطيع المغاربة نيل قناة خاصة على مستوى التمويل والتحرير، إذ منيت قناة «ميدي آن سات»، التي كانت ضمن الجيل الأول للتراخيص، بفشل ذريع، قبل أن تتدخل الدولة لضمها إلى القطاع العام في انتظار ضمها إلى القطب العمومي «المتجمد» أصلا، وأصرت «الهاكا»، في تراخيص الجيل الثاني، على عدم منح الترخيص لأي قناة خاصة، وفي التبرير قيل إن السوق الإشهارية غير مستعدة لاستيعاب قناة خاصة، والحال أن قناة «ميدي آن تي في»، بعد تأميمها، أصبحت تستفيد بشكل مهم من العائدات الإشهارية. وإذا علمنا بأن وفدا من الهيئة العليا للصحافة والسمعيات البصرية الموريتانية سبق أن زار المغرب لاستنساخ النموذج المغربي في التحرير، وإذا ذكّرنا بالإمكانيات المالية المحدودة لهذه الدولة الصحراوية، يمكننا استنتاج أن الأمر متعلق، في الحقيقية، بمدى حضور أو غياب الإرادة السياسية في تحرير المجال السمعي البصري. إن المغرب بحاجة اليوم، في ضوء الإصلاحات المنتظرة للواقع الإعلامي المغربي، إلى تأسيس قنوات خاصة والتأسيس لوسائل إعلام جديدة تقرب المغاربة من تلفزيونهم الذي هجروه منذ عدة سنوات، والمغاربة بحاجة إلى تلفزيون مواطن قادر على تقديم خدمة تختلف بشكل كلي عما تقدمه مكونات القطب العمومي الذي يعاني شللا وعقما، وإن المغرب بحاجة إلى أسماء جديدة قادرة على إعادة الاعتبار إلى التلفزيون المغربي.