عبر عدد من مواطني مدينة وجدة الذين يتوفرون على بقع أرضية في حي «حاسي ليبيا»، الراغبين في بناء بيوتهم بطريقة قانونية، بعيدا عن البناء العشوائي، عن امتعاضهم وغضبهم من التسويف والتماطل والتجاهل الذي قوبلت به ملفاتهم وطلباتهم المتعلقة بالإدماج والترخيص بالبناء رغم استيفاء الشروط والاستجابة لتعليمات المسؤولين المعنيين بالتعمير. «لا مشاكل لدينا، مما تعرفه تجزئة بعض الأحياء، بل تمت التجزئة وفق القوانين بعد إدراجها ضمن الأحياء التي تمت إعادة هيكلتها، وقمنا بجميع الإجراءات القانونية التي طلبت منا، ومنها إنجاز التصاميم الطوبوغرافية من طرف مهندس خاص من مالنا الخاص. وكنا ننتظر التسريع بمنحنا تراخيص البناء، لكن دون جدوى»، يوضح عدد من مالكي البقع الأرضية في حي «حاسي ليبيا» في وجدة بأسى وأسف عميقين وإحساس بالاحتقار والتهميش والإقصاء، بعد أن قهرهم التسويف واللامبالاة وتقاذفهم من إدارة إلى أخرى ومن مكتب إلى آخر ومن مسؤول إلى آخر وتحميل مسؤول المسؤولية لمسؤول آخر. وقدم هؤلاء السكان البسطاء المغلوبون على أمرهم، الممارسون لأنشطة متواضعة والذين لا يتجاوز الدخل اليومي لأغلبهم 50 درهما، منذ شهور طلبات بالترخيص لهم ببناء منازلهم، بعد أن استوفت التجزئة هيكلتها قانونيا، لكنهم صدموا بواقع الإدارات والمسؤولين داخل السلطات المحلية أو المنتخبة، وعلى رأسها المصالح البلدية في مجلس الجماعة الحضرية بوجدة. ويقع هذا الحي (حاسي ليبيا) فوق تراب جماعة سيدي معافة واد الناشف، بمحاذاة حي عمرو البلوليسي وحي السليماني، في مدينة وجدة، على مساحة 6 هكتارات تتضمن أكثر من 250 قطعة أرضية لمالكين بسطاء، هم أرباب لأكثر من 250 أسرة، تتجاوز 1500 نسمة، ضمنها 60 أسرة تمكنت من بناء منازلها في بداية التسعينيات. وتتوفر التجزئة على شبكتي الماء والكهرباء، لكنها لا تتوفر على أبسط الحاجيات الضرورية متمثلة في المرافق الصحية، ويفتقر العديد منها إلى الربط بشبكة الماء، وتشتكي المنطقة من عدم تعبيد الطرقات والأزقة ومن غياب الإنارة والنظافة، حيث تتراكم الأتربة والحجارة والأزبال، كما لا تعرف المنطقة وجودا لمدرسة أو مستوصف، مع الإشارة إلى أن الوكالة المستقلة لتوزيع الماء أفهمت مجموعة من السكان أنها لن تمكنها من الربط بشبكتها لوجود البقع الأرضية في «مستوى مرتفع»، حسب تصريحات بعض السكان المعنيين الذين علق أحدهم على هذا الأمر بصيغة استنكار قائلا: «وبهذا المنطق، هل يتم حرمان سكان الطوابق العليا بالعمارات من الماء؟». ومن جهة أخرى، عبر هؤلاء المواطنون عن شعورهم بالغبن و«الحكرة» من إقدام قائد المقاطعة يوم الأربعاء 26 أكتوبر الماضي وللمرة الثانية (المرة الأولى يوم 4 أبريل 2011)، على دكّ القطع مستعملا آلة للحفر ونزع الأوتاد التي وضعها مالكو البقع الأرضية لتحديد محيطها وإبرازها، في الوقت الذي يؤكد فيه هؤلاء أن مناطق أخرى تشهد تناسل البناء العشوائي في غياب للمراقبة أو في ظل غض الطرف عن ذلك. ومن جهة ثانية، يلتمس هؤلاء السكان من المسؤولين العمل على منحهم رخص البناء كما استفاد منها العديد من المواطنين في أحياء مختلفة من المدينة، منهم من منحت لهم بقع مجانا، وتم تمكينهم من الوثائق الرسمية التي تخولهم الحصول على قروض، مع العلم بأن الكراء استنزف مالية أغلبهم بل إن شبح الإفراغ يهدد آخرين، مما جعل بعضهم يقرر بناء أكواخ والاستقرار بها. وقد استقبل الكاتب العام لولاية الجهة الشرقية/عمالة وجدة أنجاد ممثلين عن السكان المحتجين ووعدهم بالانكباب على دراسة مشكلهم مع المصالح المختصة في الجماعة الحضرية بوادي الناشف/سيدي معافة، مع العلم بأن هذه المصالح البلدية سبق أن حددت لهم نهاية أكتوبر الماضي كموعد لحلّ مشاكلهم وتسليمهم رخص البناء، حسب ما صرح به السكان المعنيون.