أعلنت الولاياتالمتحدة على لسان وزيرة خارجيتها، هيلاري كلينتون، أن بلادنا مستعدة للعمل مع الإسلاميين في تونس، شرط نبذ العنف واحترام سيادة القانون، مؤكدة أن الحركات الإسلامية ليست جميعها متساوية، وهو نفس الموقف الذي عبر عنه وزير الخارجية الفرنسي، آلان جوبيه، الذي نقل إلى رئيس حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي، رسالة ثقة من بلاده «دون أحكام مسبقة أو محاكمة للنوايا». هذه المواقف تكشف عن وجود معطى جديد في التعامل الغربي مع الإسلاميين في العالم العربي بعد الربيع العربي الذي حرك المياه الراكدة ودفع إلى الواجهة فاعلين جددا كانت الأنظمة السابقة تسد في وجوههم ساحة العمل السياسي، ومن بين هؤلاء الفاعلين يوجد الإسلاميون الذين باتوا اليوم أمام تحد جديد، سواء داخليا أو خارجيا؛ فعلى مستوى الداخل، لم يعد التعاطي مع الإسلاميين يتم بنفس الطريقة التي كان يتم التعاطي معهم وفقها قبل عقود من الزمن، ذلك أن المواطن العربي أصبح أكثر وعيا وإدراكا لأهمية التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان.. هذه القيم التي فرضت نفسها وفرضت على الإسلاميين بالتالي تغيير خطابهم؛ أما على مستوى الخارج، فالتحدي الأبرز هو أن يعمل الإسلاميون على إعطاء صورة إيجابية عنهم، وبالتالي عن الإسلام المنفتح المتجاوب مع العصر، بعيدا عن التطرف والانغلاق والغلو. تنبني العلاقات بين الدول على المصالح بالدرجة الأولى، وقدرة أي نظام على الصعيد الدولي تتمثل في جلب المصالح وليس في الخطابات العنترية أو لغة الصراع مع الآخر؛ والغرب عندما يسعى إلى خطب ود الإسلاميين فلأنه يدرك أنه لا بد من احترام صناديق الاقتراع التي أفرزتهم، فينبغي على الإسلاميين ألا يفرّطوا في هذا الرصيد من الثقة في الداخل والخارج لأن الديمقراطية التي أعطتهم الفوز اليوم قد تعاقبهم غدا.