مع قرب موعد الانتخابات التشريعية ازدادت وتيرة الاستقالات من الأحزاب السياسية، بسبب الخلافات الداخلية حول رأس اللائحة أو حول التزكيات؛ وهي قضية تعيدنا إلى نقطة البدء في النقاش حول المشهد السياسي ببلادنا، وحول العلاقة بين القيادة والقاعدة داخل الهيئات السياسية، وغياب الآليات الديمقراطية التي تنهي الخلافات من خلال الاحتكام إليها. كثرة الاستقالات في الآونة الأخيرة مظهر سلبي يكشف حقيقة الساحة السياسية في بلادنا. غير أن هذه الاستقالات لا تخدم أصحابها، لأن الناخب المغربي يفهم منها أنها تعبير عن نزعة هروبية لدى هؤلاء المستقيلين من مواجهة التحدي الديمقراطي داخل أحزابهم. وإذا أصبح الانسحاب هو القاعدة، فإن الانتقادات الموجهة إلى الأحزاب ستصبح بدون معنى، لأنها ستكون مجرد انتقادات من الخارج، بينما المطلوب هو الاستمرار في المطالبة بالإصلاحات الحزبية واستثمار الخيارات التي تمنحها القوانين الداخلية في هذه الأحزاب للاحتجاج. هذه الانسحابات لا بد أن تكون في صالح القيادة الحزبية التي ترى فيها نوعا من التخلص من الأصوات «المزعجة»، مما يعفيها من المحاسبة والمطالبة ويفتح أمامها الباب واسعا أمام التفرد بالقرار داخل الحزب. لا بد من القول إن عمليات الاستقالات المتوالية في أحزابنا هي صورة سلبية جدا تعكس مبلغ التردي الذي وصل إليه العمل الحزبي والسياسي في المغرب، وتؤكد أن التغيير الحقيقي يجب أن ينطلق من داخل هذه الأحزاب التي تطالب الدولة بالديمقراطية والشفافية وتحتج على خرقها، بينما هي أول من يضرب بها عرض الحائط داخل هياكلها.