رفضت مختلف الأحزاب السياسية، بما فيها الأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية، اقتراح وزارة الداخلية المتعلق بكيفية انتخاب رئيس الجماعة، وهو الاقتراح الذي يقضي بانتخاب الرئيس في دورتين بالأغلبية المطلقة، وإذا لم ينتخب المرشح في هاتين الدورتين بالأغلبية المطلقة أعيدت عملية التصويت في دورة ثالثة بالأغلبية النسبية. اقتراح وزارة الداخلية ووجه بانتقادات حادة من طرف ممثلي الأحزاب في لجنة الداخلية بالبرلمان، واعتبره البعض إجراء يكرس الوضع المتردي في تدبير الشأن المحلي. وفي هذا السياق، يقول محمد محب، عن الاتحاد الاشتراكي، إن التعديل الذي تقدمت به وزارة الداخلية لن تكون له أي انعكاسات إيجابية على مستوى محاربة بؤر الفساد في التسيير الجماعي بقدر ما سيفتح الباب على مصراعيه أمام الأعيان ومحترفي شراء الذمم في تشكيل المجالس، وفق إرادتهم، بغض النظر عن نسبة الأصوات التي حصلوا عليها. ويضيف محب، في تصريح ل«المساء»، أن الاتحاد يقترح تصورا متكاملا لعملية انتخاب الرئيس ونوابه، تنطلق أولا بنمط الاقتراع، حيث إن المطلوب في المدن الكبرى التي تتوفر على نظام المقاطعات هو أن يتم فصل عملية انتخاب مجالس المقاطعات عن عملية انتخاب مجلس المدينة. فحزب الاتحاد، حسب محب، يقترح أن يتم اعتماد الاقتراح الأحادي الفردي في انتخاب مجالس المقاطعات باعتبار خدمات القرب التي تقدمها هذه المجالس. أما مجالس المدن، فيرى محب أن عملية انتخابها ينبغي أن تتم من طرف السكان مباشرة، بحيث تصبح مدينة، كالدار البيضاء مثلا، دائرة نيابية واحدة، على أن ينتخب مجلس المدينة الرئيس ونوابه فيما بعد بآلية تضمن أغلبية منسجمة وأقليات تتوفر على نسبة من الأصوات تكون هي الأخرى ممثلة بمكتب في المجلس. أما عبد الله بوانو، عضو لجنة الداخلية بالبرلمان عن حزب العدالة والتنمية، فيقترح أن يكون انتخاب رئيس الجماعة من الحزب الذي حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات أو حتى من الأحزاب الثلاثة الأولى احتراما للمنهجية الديمقراطية، مضيفا، في تصريح ل«المساء»، أن اقتراح وزارة الداخلية في انتخاب الرئيس ومجمل التعديلات التي تقدمت بها في الميثاق الجماعي هي مجرد اقتراحات شكلية لن تغير من واقع الفساد المستشري في التدبير المحلي. وقال بوانو إن الهاجس الذي تحكم في هذه التعديلات هو رغبة الداخلية في تفادي أي مفاجأة في الانتخابات القادمة من طرف ليس فقط العدالة والتنمية وإنما من طرف أي هيئة سياسية أخرى. وزارة الداخلية تتمسك بانتخاب رؤساء الجماعات بالكيفية المعمول بها الآن مخافة صعود رؤساء جماعات أقوياء يستطيعون أن يدافعوا عن صلاحياتهم في وجه ممثلي وزارة الداخلية في العمالات والأقاليم، ولهذا، يقول مصدر مطلع، تسعى الداخلية إلى جعل رئيس الجماعة رهينة في يد الأغلبيات الهشة وسط المجلس، ومهددا بالسقوط من الرئاسة عندما يغضب العامل أو الوالي أو عندما يرفض الخضوع لابتزاز زملائه أعضاء المجلس هذا في حالة ما إذا كان يسعى إلى الصالح العام وفق القانون.