ست نقابات صحية تطالب بتصحيح منهجية العمل وتسريع تنفيذ اتفاق يوليوز 2024    بريظ ورئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الأمريكية يشيدان بدينامية التعاون العسكري بين الرباط وواشنطن    أساتذة اللغة الأمازيغية ينددون بإقصائهم من التكوينات ومنحة الريادة    نوفل لحلو: التوفر على صناعة طبية مرنة شرط أساسي لتحقيق السيادة الصحية الوطنية    تراجع أسعار الذهب بعد ارتفاعها إلى أعلى مستوى على الإطلاق    أكادير تحتضن الدورة الثانية للمعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني    الأمين العام لجامعة الدول العربية: إخلاء فلسطين التاريخية من سكانها الأصليين أمر لا يمكن قبوله في العالم العربي    كوريا الشمالية: العالم يغلي مثل قدر العصيدة بسبب إعلان واشنطن الصاعق السيطرة على غزة    بعد الانتصار المثير علي السيتي... أنشيلوتي يعتذر لنجم ريال مدريد البديل الذهبي … !    الاتحاد الدولي للملاكمة يتجه لمقاضاة اللجنة الأولمبية على خلفية مشاركة الجزائرية إيمان خليف في باريس 2024    لافتة "ساخرة" تحفز فينيسيوس في فوز ريال مدريد على سيتي    27 قتيلا و2873 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    قيادة جنونية لسائق شاحنة مغربي في إسبانيا تودي به إلى السجن والغرامة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الأربعاء بأداء إيجابي    الرباط: مجلس المستشارين يختتم أشغال الدورة الأولى من السنة التشريعية 2024-2025    إبراهيم دياز يعلق لأول مرة بعد الفوز على مانشستر سيتي    الاتحاد الدولي لألعاب القوى يلزم العداءات ب "مسحة الخد" لإثبات أنَّهنَّ إناث    بمشاركة المغرب.. انطلاق أشغال الدورة العادية ال46 للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي    سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة: النظام الجزائري يحاول التقارب مع تل أبيب من خلال وساطة أفريقية والقيادة الاسرائيلية ترفض    ظهور مفاجئ لسمكة "الشيطان الأسود" في الأعماق يثير الدهشة    القاتل الصامت بنهي حياة شابة بتزنيت    إصابة عامل في مزرعة ألبان بولاية نيفادا الأمريكية بسلالة جديدة لإنفلونزا الطيور    إسرائيل تتوعد حماس ب"معارك عنيفة" وإنهاء اتفاق الهدنة في حال عدم إفراجها عن الرهائن بحلول السبت    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    إقالة المفتش العام للوكالة الأميركية للتنمية بعد انتقاده لترامب    الصحة العالمية: سنضطر إلى اتباع سياسة "شدّ الحزام" بعد قرار ترامب    الصين تعرب عن استعدادها لتعزيز تطوير الذكاء الاصطناعي مع الدول الأخرى    ‬"أونكتاد" تتفحص اقتصاد المغرب    المصالحة تتعثر في أولمبيك آسفي    شرطة مراكش تفكك شبكة للبغاء    سوريا ترفض الإفراج عن جنود وضباط جزائريين وعناصر من بوليساريو.. دليل إدانة ضد الجزائر وبوليساريو لمشاركتهما في تقتيل الشعب السوري    حوار قطاعي بين وزارة العدل والنقابة الوطنية للعدل.. توافق حول ملفات الترقية والتعويضات والخصاص    مشاريع مبرمجة في مقاطعات البيضاء تشحن الأجواء بين "البام والأحرار"    كيف تحمي نفسك من الاحتيال عبر الإنترنت في 2024: دليل شامل لحماية بياناتك وأموالك    الشرع يصدم كابرانات .. المقاتلين الجزائريين في صفوف الأسد سيحاكمون في سوريا    زيارة رئيس الاتحاد العربي للتايكوندو السيد إدريس الهلالي لمقر نادي كلباء الرياضي الثقافي بالإمارات العربيةالمتحدة    البحرية الملكية تنقذ مهاجرين سريين كانوا عالقين في أعالي البحار    لقجع: تنزيل الإصلاح الجبائي مك ن من تسجيل تطور مستمر للمداخيل الجبائية    خبير جيولوجي: قوة "زلزال وزان" تسجل عشرات المرات دون استشعار    مداولات البورصة تتشح ب"الأحمر"    أيقونة مجموعة "إزنزارن" مصطفى الشاطر في ذمة الله    منتج فيلم "روتيني" يلجأ إلى القضاء    احتفاء بالموسيقى المغربية الأندلسية    حاسوب خارق يمنح برشلونة الأمل للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا ويصدم ريال مدريد    7 مغاربة يتوّجون بجائزة "ابن بطوطة"    باحثون يطورون اختبارا جديدا يتنبأ بمرض الزهايمر قبل ظهور الأعراض    منظمة الصحة العالمية تطلق برنامجا جديدا للعلاج المجاني لسرطان الأطفال    تتويج الشاعر المغربي عبد الوهاب الرامي بجائزة "بول إيلوار 2024"    وزيرة الثقافة الفرنسية تزور مدن الصحراء المغربية لتعزيز التعاون الثقافي بين المغرب وفرنسا    بسمة بوسيل تحت الأضواء مجددا بعد تصريحاتها الجريئة حول طلاقها من تامر حسني    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    سعيد الناصري يختار درب السلطان لتصوير فيلمه السينمائي "الشلاهبية"    مناهضو التمييز يحذرون من وصم الأطفال بسبب "بوحمرون" ويدعون إلى إجراءات شاملة    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكازينو حرام والتلفزيون حلال.. لكن ماذا لو اجتمعا؟
نشر في المساء يوم 19 - 10 - 2011

عندما تنتهي من مشاهدة مسلسل تلفزيوني على الشاشة المغربية، تبدأ المراهنة. السؤال هو: إذا كانت عويشة هي التي تزوجت عباس فأرسل الجواب على رقم 1، وإذا كان عباس هو الذي تزوج عويشة فأرسل الجواب على رقم 2، وإذا كان عباس وعويشة تزوجا معا فأرسل الجواب على رقم 3. ثمن الرسالة الهاتفية واضح على الشاشة.
طبعا، السؤال صحيح في كل الحالات، وسواء أرسلت جوابا صحيحا أو خطأ فإنك ستؤدي الثمن، والوهم الخطير الذي في ذهنك هو أنك يمكن أن تربح، لكنك لا تربح، وصندوق «كازينو التلفزيون» يمتلئ بالملايين في ثوان قليلة.
هكذا صار المغاربة خلال السنوات الأخيرة «يقمّرون» وهم في عقر منازلهم، ولم يعودوا في حاجة إلى الذهاب إلى كازينوهات القمار، أولا لأن دخول كازينو القمار حرام، وثانيا لأن هناك مدنا وقرى كثيرة ليست فيها كازينوهات، فقررت التلفزة أن تحمل لكل مغربي كازينوها إلى بيته، والتلفزيون حلال بإجماع الأئمة... لكن المشكلة هي عندما يجتمعان.
الحالة غريبة، والناس يبدون وكأنهم مصابون بدوخة أبدية ولم يعودوا يفهمون شيئا، فالمغاربة يؤدون ضريبة إجبارية للتلفزيون، مختفية في فواتير الماء والكهرباء؛ وفوق ذلك، فإنهم يواجهون إغراءات يومية من أجل «القمار مع التلفزيون»؛ وفوق هذا وذاك، لم يعد في القنوات التلفزيونية ما يسر.. تفاهات من الألف إلى الياء وتسابق مستمر من أجل حلب جيوب المغاربة.
حتى في شهر رمضان، لا ينسى التلفزيون أن يورط المغاربة في ألعاب القمار. ليقل من يشاء إنها ألعاب حظ، ففي كل الأحوال إشعال البخور حول لحم الخنزير لا يجعل منه لحما حلالا.
ليس القمار فقط ما يظهر واضحا على شاشة التلفزيون، بل هناك أيضا محرمات أخرى يعاقب عليها القانون تجد طريقها نحو المغاربة بطرق كثيرة عبر شاشة التلفزيون، فالقانون المغربي يعاقب بشدة على التبشير، وهناك مبشرون أجانب تم طردهم من المغرب في زمن قياسي، والمغرب يقول إنه لا يتسامح أبدا مع زعزعة عقيدة مواطنيه، لكن الحقيقة مختلفة تماما لأن التبشير يصل إلى عقر دار كل المغاربة، فالمسلسلات المكسيكية والبرازيلية والكورية وغيرها، صارت تضع الصلبان في كل غرفة؛ ومع دبلجة تلك المسلسلات إلى العربية، صار كثيرون من البسطاء يعتقدون أن الصليب جزء أساسي من ديكورات المنازل العربية والمغربية. ولأن كل هذا لا يكفي، تنقل هذه المسلسلات صور التضرع المسيحي، حيث تظهر أناسا يركعون ويتوسلون للصليب ويقولون «يا ألله...». هكذا صار أطفالنا يشاهدون كل يوم صلبانا وكنائس. ماذا تركتم، إذن، للرهبان المبشرين؟ لكن الأخطر من كل ذلك هو أنه تمت دبلجة تلك المسلسلات إلى الدارجة المغربية، وصرنا نرى وكأن المسيحية جزء أساسي من حياتنا والصلبان رمز من رموز المغاربة، فاكتملت المسرحية الهزلية؛ وفوق هذا وذاك، يقول المسؤولون المغاربة إنهم يحاربون التبشير.
التلفزيونات التي تحترم نفسها تعكس في برامجها ثقافات وتقاليد وأخلاق شعوبها، وتعكس أيضا كل المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتُخرج إلى العلن كل أنواع الأمراض الاجتماعية من أجل البحث لها عن علاج؛ أما في تلفزيونات المغرب فيتحدث الناس من طنجة إلى الكويرة عن الفساد السياسي والاقتصادي، وعن مصائب الاستعداد للانتخابات، وعن رموز الفساد التي تتحدى الجميع وتصر على البقاء صامدة في وجه كل محاولات الإصلاح، وعن كوارث الصحة والتعليم والإدارة، وعن الرشوة التي تطارد المغاربة زنْكة زنْكة، بينما التلفزيون يحاول إلهاء المغاربة ببرامج التسلية والرقص، ومن بينها برنامج اسمه «المدام مسافْرة»، وفيه يظهر الأزواج وحيدين يتقلبون في أفرشتهم من «وجع الوحدة»، بينما زوجاتهم في مكان آخر يستمتعن بالبعد عن أحضان الأزواج. إنها خطة عملاقة لكي نصل قريبا إلى تلك الأفلام «اللي على بالْكم».
في باقي القنوات التلفزيونية المغربية، يجثم الكابوس على صدور الناس.. قناة اسمها «الرابعة»، يُعتقد أنها تعليمية، لكن حتى مسؤولوها لا يفهمون برامجها؛ والقناة الأمازيغية تهين كل يوم ثقافة وحضارة الأمازيغ، عبر برامج الرقص والدندنة؛ وقناة اسمها «السادسة» تحولت إلى بث البرامج المملة وسهرات الأمداح، بينما المجتمع المغربي يعيش تناقضات حقيقية في التدين والسلوك، ومنذ أن بدأت هذه القناة بثها، لم يحدث أن أنجزت عملا حقيقيا من واقع الناس.
هذه هي تلفزيوناتنا، وكما نكون تكُنْ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.