كل جانب يدافع عن وجهة نظره، فمستوردو السيارات الأوربية يرون بأن النسبة المتبقية من الرسوم الجمركية إلى غاية مارس القادم تعتبر ضئيلة، وبالتالي لن تؤثر بشكل كبير على انخفاض أسعار السيارات. ويمثل هذا التوجه عبد الوهاب الناصري، المدير العام المساعد لشركة «سكاما» الموزع الحصري لماركات «فورد» بالمغرب. بينما يرى عبادة نصر الدين، المدير العام لشركة «هيونداي المغرب» والكاتب العام لرابطة «جيفيت»، بأن السيارات الآسيوية المصدرة إلى المغرب تعاني من حيف كبير منذ عدة سنوات، لكن رغم ذلك أكد بأن الموديلات الآسيوية ستخفض أسعارها عبر عدة قنوات. - هل ترى بأن إلغاء الرسوم الجمركية على استيراد السيارات الأوربية سيخفض أسعار السيارات؟ لا أعتقد ذلك، باعتبار أن الجزء الأهم من التخفيض الجمركي بالنسبة للمستوردين الأوربيين ولى، بالإضافة إلى أن النسبة الضئيلة التي ستنخفض العام المقبل، إضافة إلى عوامل أخرى، لها علاقة بسياسة هذه الماركات الأوربية، وهو ما يشير إلى أن أسعار السيارات القادمة من أوربا لن تنخفض.
- وبالنسبة للسيارات الآسيوية التي ستستفيد من تخفيض 7.5 في المائة في مارس 2012؟ تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الماركات الآسيوية تعاني حيفا كبيرا منذ عدة سنوات، وقد اضطرت الشركات المستوردة إلى إعادة النظر في تكاليفها وأسعارها للحفاظ على بقائها ولضمان الاستمرار في سوق لا يعرف معنى المنافسة. لذا أؤكد لكم بأن جل الماركات الآسيوية خفضت وستخفض أسعارها عبر قنوات متعددة مثل التخفيض المباشر للأسعار أو الزيادة في الخدمات ما بعد البيع أو تحسين الخصائص والكماليات الخاصة بالسيارة.
- ما سبب انخفاض حصص السوق بالنسبة للسيارات الآسيوية مؤخرا؟ للأسف، النمو التصاعدي الذي عرفته الماركات الآسيوية منذ سنة 2000 إلى غاية 2008 تغير كليا، نظرا للفارق الكبير في التحفيزات الجمركية بين الآسيويين والأوربيين، فعند وصولنا إلى السوق المغربي كانت لدينا حصة سوق لا تتعدى 7 في المائة، ونظرا للمنتوجات عالية الجودة وقبول المستهلك المغربي لها وثقته العالية في السيارة الآسيوية، سجلت حصة السوق سنة 2008 أكثر من 40 في المائة، لكن ابتداء من سنة 2008 أصبح الفارق في الرسوم الجمركية مهولا بين الأوربيين والآسيويين، وهو ما دفع موزعي السيارات الأوربية إلى الاعتماد على سياسة تخفيضات قوية أثرت سلبا على المنتوج الآسيوي، الذي انخفضت حصته في السوق إلى 29 في المائة في 2010، أي أن الآسيويين خسروا حصة سوق بنسبة 11 في المائة، أي ما يعادل 10 آلاف سيارة في السنة.
- أين وصل ضغطكم على الحكومة من أجل خفض الرسوم الجمركية على استيراد السيارات الآسيوية؟ ما تقوم به «جيفيت» هو الدفاع عن قضيتها، وهي مستمرة في ذلك إلى حين ضمان منافسة نزيهة في السوق المحلي، من خلال محادثات وجلسات عمل مع بعض الجهات المعنية، من شأنها طرح إشكالية جمعيتنا بشكل أعمق. كما أن «جيفيت» ماضية في نضالها من خلال حملات تحسيسية على نطاق واسع شملت المصنعين. وتهدف الرابطة منذ تأسيسها إلى وضع محدد هو تقليص الفارق في التعريفات الجمركية بين السيارات السياحية المستوردة من أوروبا وخارجها كحد أقصاه 10 نقط، وهو ما يعادل رسوم الاستيراد التي يطبقها الأوروبيون أنفسهم على السيارات من أصل غير أوروبي، فاعتماد نسبة 0 بالمائة على السيارات النفعية أمر مجحف بالنسبة للفلاحين المغاربة مثلا، إذ أن المقاولات الصغرى والفلاحين هم جل اليد العاملة، وباقتنائهم شاحنات بثمن أرخص ستشجعهم الدولة على الاستثمار والنمو في نشاطهم، إذ من غير المنطقي أن يعفى من الجمارك أصحاب الدخل العالي، الذين يشترون سيارات فارهة من أوروبا، بينما تفرض على المقاولات الصغرى والفلاحين حقوق جمركية عالية، مما يرفع التكلفة عليهم.
- هل لا زلتم تطالبون بخفض الرسوم أم أنكم تنتظرون الحكومة الجديدة من أجل إحياء الملف من جديد؟ «جيفيت» لازالت تطالب بخفض الرسوم لدى الحكومة الحالية وستستمر في موقفها بشكل أقوى لدى الحكومة الجديدة ولدى جميع الجهات المعنية، حيث إننا ندعو من خلال هذا المنبر الوزارة الوصية إلى تحمل مسؤوليتها تجاه وجود اقتصاد يتيح المنافسة ويخدم المستهلك عبر تأمين شروط منافسة لقطاع السيارات. - هل تتوقعون أن ينصفكم مشروع القانون المالي للسنة المقبلة؟ أعضاء «جيفيت» على ثقة بأن الحكومة تدرك أهمية الحفاظ على ظروف ملائمة لتنمية قطاع حيوي ودينامي سيرجع بالفائدة الكبرى على المستهلك المغربي وعلى الاقتصاد الوطني. - هناك حديث عن دخول مستثمرين جدد يريدون الاستثمار في مصنع كبير للسيارات على غرار مصنع «رونو» بطنجة المتوسط. هل لديكم فكرة عن الموضوع؟ نعم، سمعنا مؤخرا عن مفاوضات لدخول شركة جديدة لصناعة السيارات، ونتمنى أن تسفر تلك المفاوضات عن مشروع جديد بالمملكة، الشيء الذي سيعزز الموقع الصناعي للمغرب ويجعله أول بلد في إفريقيا بتلك الترسانة الصناعية الضخمة في عالم السيارات. ونعتقد جازمين بأن انطلاق مشروع «رونو» بطنجة المتوسط سيعزز المساعي التي نقوم بها، نحن المستوردين الآسيويين، مع المصنعين الآسيويين، لحثهم على الاستثمار في المغرب بعد نجاح مشروع «رونو». والجدير بالذكر هنا أن المستثمر الجديد الذي بدأ مفاوضاته مع الحكومة، سواء كان آسيويا أم أوربيا، لا يأتي هنا للاستثمار حبا في المغرب، بل هدفه الأول هو البحث عن خفض تكلفة الإنتاج والحصول على أفضل التحفيزات، بالإضافة إلى حجم السوق والموقع الجغرافي. لذا نعتقد بأن هناك فرصة للمصنعين الآسيويين للاستثمار في المغرب والتصدير إلى السوق الأوربي، ونحن نعمل مع المصنعين الآسيويين من أعلى مستوى لتقديم العرض المغربي في صناعة السيارات وحثهم على المجيء إلى المملكة للاستثمار. - كيف ترى سوق السيارات الجديدة في 2011 و2012؟ وهل سيعاود الارتفاع من جديد؟ إن غياب المنافسة في أي قطاع تجاري يؤدي عاجلا أم أجلا إلى خلل في المنظومة الاقتصادية وإلى خلق القطب الأوحد وعودة الاحتكار الأوروبي وحرمان المستهلك المغربي من مميزات وأثمنة مناسبة، وسنعود للأسف إلى مرحلة ما قبل تحرير السوق المغربية حيث كانت تسيطر على السوق أربع أو خمس ماركات تفرض إرادتها على المستهلك المغربي. إن اختلال التعريفة الجمركية سيؤدي لا محالة بعد عدة سنوات إلى فقدان السيارات غير الأوروبية تنافسيتها، وخروجها من السوق الذي بدأ فعلا، وبالتالي عودة الاحتكار الأوروبي.