- بداية، كيف هي العلاقة بين حزب العدالة والتنمية في المغرب ونظيره في وتركيا؟ بدأت علاقة حزب العدالة والتنمية المغربي ونظيره التركي، أولا، عبر تمثل قيادات من حزب العدالة والتنمية المغربي التصورَ العامَّ للتجربة السياسية ذات الخلفية الإسلامية ومحاولتهم الاستفادة منها، في بُعدها العام، خاصة من زعيمها، نجم الدين أربكان. ولعل من رحِم هذه التجربة جاء حزب العدالة والتنمية، التركي. ويمكن التأريخ لهذه المرحلة بنهاية الثمانينات إلى نهاية التسعينات من القرن الماضي، إذ كانت قيادات من حزب العدالة والتنمية المغربي، وكان أغلبهم في تلك الفترة منضوين تحت لواء تنظيم إسلامي حركي معيَّن، يَعتبرون الحراك السياسي ذا الخلفية الإسلامية في تركيا «نموذجا» يمكن الاستفادة منه. أما المرحلة الثانية، وهي الأهم، فبدأ باحتكاك مباشر، بداية من سنة 2000، بين قيادات من العدالة والتنمية، المغربي وأخرى من أحزاب ذات خلفية إسلامية، وعلى رأسها حزب الفضيلة، الذي تم حله وخرج منه حزبا «العدالة والتنمية»، بقيادة رجب طيب أردوغان، و«السعادة»، بزعامة نجم الدين أربكان. كنت أحدَ المساهمين في تلك المرحلة، حصل تقارب مباشر بين قيادات من حزب العدالة والتنمية المغربي وقيادات من كل من حزبي «السعادة» و«العدالة والتنمية»، التركيَّيْن. عند عودتي إلى المغرب، أطْلعت قيادة حزبي على خلاصات زيارات لمكونات التيار الإسلامي التركي ووجدتُ منهم ترحيبا كبيرا لمواصلة تقوية العلاقة مع هذا التيار، بما يخدم مصلحة حزبنا ومجتمعنا وبلدنا. في المرحلة الحالية، أستطيع القول إن علاقة حزبنا هي، بشكل رسمي، مع حزب السعادة التركي، وبشكل غير رسمي، مع حزب العدالة والتنمية، التركي. ويتم تنسيقنا مع قيادات حزب السعادة بشكل مباشر، أما مع حزب العدالة والتنمية فهو يتم، غالبا، عن طريق البلديات وعلى مستوى المنظمات الموازية، وعلى رأسها شبيبات الحزبين، فهي رسمية. - هل لهذه العلاقة تأثير على التوجه الفكري والمذهبي للحزب؟ نحن ننطلق من كوننا حزبا سياسيا منفتحا على كل التجارب التي بإمكانها أن تُغنيَّ رصيد تجربتنا، وتختلف درجة استفادتنا من أي التجربة حسب قربها أو بعدها عن رؤيتنا وفكرنا ومنهجية اشتغالنا في مجتمعنا، لكن ما أؤكده هو أن التوجه الفكري والمذهبي لحزبنا هو من صنع قادة حزبنا، وليس من المفيد، لا لحزبنا ولا لغيره من الأحزاب، أن يعمد إلى محاكاة مذهبية لأي تجربة سياسية أخرى. - هناك معطيات تشير إلى أنك تنسق مع شركات تركية قصد إيفاد بعثات دراسية إلى تركيا، ما هو دوركم في هذا المجال؟ كما ذكرت لك آنفا، فَرضت عليّ علاقاتي ببعض مكونات التيار الإسلامي في تركيا أن أفيد بها حزبي وهي أيضا مكسب لبلدي، ومن رصيد علاقاتي هذه، كانت علاقتي مع بعض الجماعات الإسلامية، وعلى رأسها جماعة النورسيين، وخاصة جماعة فتح غولان... وحين يتصل بي بعض الطلاب أو أولياؤهم، لعلمهم المسبق باهتمامي بتركيا، ويسألونني عن فرص الدراسة في هذا البلد، أُرشدهم، أولا، إلى السفارة التركية. وعندما يرغب بعض الطلبة والتلاميذ في الاستفادة من بعض التسهيلات، أُحيلهم على أصدقائي في تركيا، من جماعة النورسيين وغيرهم، وهم جميعا يُقدّمون للطلاب الأجانب بعض الخدمات، كما أحيلهم على بعض أصدقائي، من رجال الأعمال داخل بعض الجمعيات الاقتصادية. - أين يقيم هؤلاء الطلبة؟ وهل لهم اتصال بالفعل مع أتباع الحركة النورسية؟ تكون الإقامة في أحياء جامعية تابعة للجامعات العمومية أو في شقق يكتريها الطلبة. وهناك آخرون يستفيدون من «سكن الطلاب»، الذي توفره بعض الجماعات والتنظيمات الإسلامية وغير الإسلامية. وتعتبر جماعة النورسيين من بين أكثر الجماعات الإسلامية التي توفر هذه الخدمات للطلبة الأجانب، وهم ليسوا وحدهم من يقدمون ذلك، بل هناك، أيضا، جماعات صوفية، كالنقشبندية، تُقدِّم هذه الخدمة، التي يسمح بها نظام الوقف، المقنَّن بموجب القانون التركي. - بحكم معرفتك بتركيا وعلاقتها مع المغرب، كيف تقيم وجود النورسيين في المغرب؟ قدم المغرب، في إطار تشجيعه لجلب الاستثمار الأجنبي، تحفيزات، سواء على المستوى المالي أو القانوني، وهو ما ساهم في جذب شركات أجنبية، وضمنها شركات قدِمتْ من تركيا، وتعمل حاليا في المجازر والترامواي وفي غيرها من المشاريع.