أحيت الطريقة الصوفية العلوية المغربية، يوم السبت الماضي، حفلها السنوي، الذي يقام كل عام بضريح الولي مولاي عبد السلام بن مشيش، تحت شعار «من المشيشية إلى العلوية المغربية: استمرارية للنهج والمسلك»، حضره العديد من مريدي الطريقة من داخل المغرب وخارجه، كما حضره عدد من مريديها من بلدان المغرب العربي، في أول خطوة من نوعها، بعد الصراع الذي خاضته الطريقة مع متزعمي الجناح الجزائري، الذي كان يقوده الشيخ خالد بنتونس، المقيم بفرنسا. انطلق الحفل من ساحة مسجد مولاي حفيظ قرب الضريح، حيث تجمع المئات من المريدين وانطلقوا مشيا على الأقدام مرددين الأذكار والأمداح النبوية، يتقدمهم شيخ الطريقة الحاج سعيد ياسين ومقاديم الطريقة الممثلون لها في مختلف الأقاليم. وألقى شيخ الطريقة كلمة بالمناسبة ذكر فيها الحاضرين بوجوب السير على المنهج والمسلك، الذي أسسه شيوخ الطريقة على مر العصور، وضرورة العمل بكل صدق وإخلاص وتفان للحفاظ على مبادئ الطريقة وتقريب أسسها لشباب اليوم وجيل الغد. وفي تصريح للناطق الرسمي للطريقة، رضوان ياسين، أكد على أهمية هذا الحفل ودلالته الرمزية بالنسبة إلى مريدي الطريقة، وقال إن الولي الصالح مولاي عبد السلام بن مشيش وتلميذه الشيخ أبو الحسن الشاذلي يعتبران من أقطاب السلسلة والسند الروحي للنسبة العلوية. وبخصوص اختيار شعار احتفال هذه السنة، أوضح ياسين قائلا إن الهدف من ورائه «هو التأكيد على أن منهج ومسلك الطريقة الصوفية العلوية المغربية في التربية الروحية هو نفس المنهج الذي وضع أسسه أقطاب سلسلتها، ومن ضمنهم مولاي عبد السلام بن مشيش، هذا المنهج المبني على العمل بالشريعة لجني ثمار الحقيقة». وجاء تنظيم الطريقة العلوية لهذا الحفل تتويجا للخطوات الأخيرة التي أقدمت عليها في السنوات القليلة الماضية، إثر بروز نزاع قوي بين جناحها المغربي، الذي يرأسه الشيخ سعيد ياسين، وجناحها الجزائري بزعامة خالد بنتونس، إذ عمد هذا الأخير، مدعوما بعدد من أتباعه داخل المغرب، إلى إغلاق بعض الزوايا التابعة للطريقة وتوقيف بعض المقاديم المحسوبين على التيار المغربي، وهو الأمر الذي وصل إلى القضاء، بعد تعذر التفاهم بين الطرفين. ومعلوم أن الطريقة الصوفية العلوية تأسست منذ أكثر من مائة عام، وتحديدا عام 1909 على يد الصوفي الجزائري أحمد العلاوي، ولعبت دورا مهما في الصراع ضد الاحتلال الفرنسي للجزائر، ولها أتباع ومريدون في كل من المغرب والجزائر وتونس وفلسطين والخليج العربي وسوريا، كما لها مريدون في دول أوروبية، خاصة فرنسا وهولندا وبريطانيا. وتعاقب على مشيخة الطريقة عدد من المشايخ الجزائريين، آخرهم خالد بنتونس، الذي تولى مشيختها عام 1975 على إثر وفاة والده الشيخ الحاج المهدي. إلا أن نزاعا نشب داخل الطريقة بسبب مواقف وكتابات شيخ الطريقة الجديد، مثل دعوته إلى الاختلاط بين الجنسين ونزع الحجاب والقول بأن الإسلام واحد من الطرق التي تؤدي إلى الحقيقة إلى جانب اليهودية والمسيحية، وتزايد الخلاف بعد نشر كتابه الصادر بالفرنسية تحت عنوان «الإرث الصوفي المشترك»، الذي ضمنه آراء في الدين دفعت العديد من المؤسسات العلمية والعلماء داخل وخارج الجزائر إلى إصدار فتاوى تطالب بمنع تداوله بين المسلمين، وهو الأمر الذي جعل الكثير من مقاديم ومريدي الطريقة في المغرب ينتقدونه ويدعون إلى عدم الاعتراف بمشيخته، خاصة بعدما حاول إبعاد الشيخ سعيد ياسين ممثل الطريقة بالمغرب.