على غرار ما حدث في وزارة الصحة قبل أسابيع، حين عمدت ياسمينة بادو، وزير الصحة، إلى إجراء حركة إعفاءات وتنقيلات واسعة همّت 10 مديرين جهويين واختارت لها شهر غشت، المصادف للعطلة السنوية وشهر رمضان، علمت «المساء» أن وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي عمدت إلى إجراء انتقالات واسعة لأطر تربوية في عدد من نيابات وزارة التربية الوطنية خارج الحركة الانتقالية الوطنية التي أُعلِنت نتائجها قبل مدة، والتي أثارت في حينها احتجاجات فئات واسعة من المقصيين منها، ما ينذر بتفجر احتجاجات واسعة من طرف النقابات الممثلة للشغيلة التعليمية في حال تأكدت هذه المعطيات، خاصة أنها تأتي مع قرب انتهاء «عمر» الحكومة وتحوم شكوك حول استغلالها في حملة انتخابية سابقة لأوانها. وحسب ما علمته «المساء»، فإن التنقيلات التي أشّر عليها مدير الموارد البشرية وتكوين الأطر في الوزارة التي يحمل تفويضا نيابة عن لطيفة العبيدة، كاتبة الدولة المكلفة بقطاع التعليم المدرسي، وهمّت أساسا ملفات مدرسات ومدرسين ما بين أكاديميات فاس -بولمان والشراردة -بني احسن وكلميم -السمارة وتازة -الحسيمة وسوس -ماسة -درعة والعيون -بوجدور والدار البيضاء الكبرى والرباط -سلا -زمور -زعير وغيرها. ولم تقتصر التنقيلات على مناصب بين الجهات، بل همّت تنقيلات داخل الجهة الواحدة، في تجاوز للقانون والمذكرات المنظمة للحركات الانتقالية ولاختصاصات مديري الأكاديميات، وفي غياب أي إشراف قانوني أو إداري على العملية. وبينما لم يتسنّ الحصول على توضيحات من طرف أحمد اخشيشن، الوزير المكلف بالقطاع، وكذا من لطيفة العبيدة، كاتبة الدولة المكلفة بالتربية الوطنية، نفت فاطمة وهمي، رئيسة قسم الاتصال في وزارة التربية الوطنية وجود حركة انتقالية استثنائية خارج الحركة الوطنية وقالت إن «المعلومة الرسمية التي لدينا تفيد عدم وجود أي حركة انتقالية غير تلك التي تمت في شهر يوليوز الماضي أو الحركات الجهوية، التي تتم حسب المعايير المتعارَف عليها والمطبقة»، مضيفة أنه «إلى حد الآن، لا علم لنا بأي حركة، وكل ما تم نشره مجانب للحقيقة». من جهته، علق عبد العزيز إيوي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم التابعة للفدرالية الديمقراطية للشغل، على الموضوع بقوله إن «المعلومات المتوفرة لدي تفيد أن مدير الموارد البشرية أشّر على انتقالات بالتبادل، وهناك من أخبرني أنه أشّر، موازاة مع ذلك، على انتقالات أخرى خارج إطار التبادل، وهذا ما سنستوضحه من لطيفة العبيدة، كاتبة الدولة المكلفة بالتربية الوطنية التي سيجمعنا بها اجتماع اليوم، وسنبحث معها حقيقة ما يتم تداوله، وفي حال ثبت الأمر، سيكون ذلك محرجا، سواء بالنسبة إلى النقابات أو إلى الوزارة، إذ في الوقت الذي نطالب باحترام المساطر والمعايير وحقوق رجال ونساء التعليم ونطالب بفتح حركة انتقالية استثنائية تدرج فيها حالات اجتماعية معينة، وفي وقت تتشبث الوزيرة بحركة انتقالية واحدة، نجد أن مثل هذه الممارسات، إذا ثبتت، ستكون خطيرة ومحرجة». وبخصوص رد فعل النقابة الوطنية للتعليم في حال ثبتت الاتهامات الموجهة لمدير الموارد البشرية، قال المصدر ذاته: «سنطالب بمراجعتها وبإنصاف المتضررين وسنطالب، أيضا، حركة ثانية يشارك فيها الجميع». وتعليقا على اختيار شهر غشت وقرب نهاية ولاية الحكومة الحالية ل»تمرير» الحركة، قال عبد العزيز إيوي إن «الوزيرة سترحل، لكن مدير الموارد البشرية باقٍ في منصبه، وهو من تجب مساءلته حول المعايير التي تحكمت في هذه الحركة وحول المستفيدين منها. وليس بعيدا أن تكون العملية مرتبطة ب»ترضيات» لبعض أعضاء الديوان أو لجهات أخرى في الدولة، وأنتم تعلمون الضغوط التي تعانيها وزارة التربية الوطنية». وكانت مجموعات قد ظهرت على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» أطلقت نداءات تندد فيها بما تصفه ب«إصرار الوزارة المعنية على خرق القانون وضرب مصداقية الانتقال كحق قانوني وإداري، لتجعل منه امتيازا تمنحه جهات بوساطات من لوبيات نا فذة أفسدت قطاع التعليم المدرسي». وتتّهم المجموعات التي تطلق على نفسها أسماء من قبيل «من أجل حركة انتقالية وطنية نزيهة هيئة التدريس 2011» أو «التنسيقية الوطنية من أجل حركة انتقالية عادلة» الوزارة بضرب مبادئ تكافؤ الفرص بين المنتمين إلى القطاع، مهددة بدخول مدرسي ساخن، تنديدا باستفادة مقربين من مسؤولين في الوزارة من تنقيلات تفضيلية وحرمان عشرات الحالات الاجتماعية من حقها في الحركة.