شكل اجتماع الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الذي انعقد مساء أول أمس بمقر الحزب بالرباط، فرصة لعدد من قياديي الحزب لتوجيه سهام نقدهم الحاد إلى حكومة الاستقلالي عباس الفاسي، والتأكيد على أن تنازل الحزب عن مطالبه بخصوص العتبة واللائحة الوطنية ليس «شيكا على بياض»، محذرين وزارة الداخلية من كل محاولات الالتفاف على ما تم الاتفاق عليه خلال اجتماع مولاي الطيب الشرقاوي، وزير الداخلية، بزعماء الأحزاب يوم الجمعة الماضي. وأفادت مصادر من الأمانة العامة أن غالبية تدخلات أعضائها ذهبت في اتجاه مهاجمة الحكومة، على خلفية البلاغ الصادر عن الحكومة مؤخرا والمنتقد لتشكيك الحزب في نزاهة الانتخابات التشريعية، واعتبارها حكومة تحن إلى الماضي، و«غير ديمقراطية» تروم مصادرة حق المعارضة في إبداء آرائها، معتبرة أن الحكومة الحالية لم تستوعب بعد التغييرات التي عرفها المغرب، خاصة على الصعيد الدستوري، حيث منح الدستور الجديد للمعارضة مكانة متميزة، وأنها تحاول جاهدة وعلى كل المستويات التقليص ما أمكن من شعبية الحزب. وكان لافتا خلال اجتماع الأمانة العامة حرص عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب «المصباح»، على الكشف عن حيثيات موافقته على تحديد نسبة العتبة الواجب تطبيقها في اللائحة المحلية لتوزيع المقاعد على الفائزين في 6 في المائة، و3 في المائة من إجمالي الأصوات المعبر عنها لتوزيع المقاعد في اللائحة الوطنية. ووفق مصادر «المساء»، فقد كشف بنكيران أن التنازل عن مطالب الحزب الخاصة بالعتبة كان من أجل تجاوز «البلوكاج»، الذي بلغته المفاوضات بين الأحزاب والداخلية، ومن أجل تجنب إقصاء أحزاب ذات أفكار قوية، لكنها ضعيفة من ناحية التواجد العددي في المؤسسات. وقال لحسن الداودي، نائب الأمين العام، إن «العدالة والتنمية قدم تنازلا مرا، كان وراءه تفهم الرغبة في عدم إقصاء الأحزاب الصغرى»، محذرا مما أسماها محاولات استغلال وزارة الداخلية لما تم الاتفاق عليه لتمييع الخريطة السياسية. وقال ل«المساء»:» لن يكون مقبولا أن تعمد الداخلية إلى تقسيم الدوائر الكبرى لتفريغ نسبة 6 في المائة كعتبة للوائح المحلية من محتواها، وفي حال وقوع ذلك، سننفض أيدينا مما تم الاتفاق عليه، وسنلجأ إلى تقديم اقتراحاتنا في البرلمان». وفيما يرتقب أن تصدر الأمانة العامة خلال الساعات القادمة بيانا وصف بأنه شديد اللهجة ضد الحكومة، علمت «المساء» أن قيادة الحزب تروم عقد المؤتمرات المحلية للحزب ابتداء من 24 شتنبر الجاري على أساس أن تكون لوائح الحزب الانتخابية جاهزة قبل شهر أكتوبر القادم. إلى ذلك، اختارت قيادة حزب «المصباح» تصعيد لهجتها في مواجهة حكومة الفاسي، كرد آخر على البلاغ الحكومي الناري بخصوص التشكيك في نزاهة الانتخابات القادمة، عبر نشر شريط فيديو على موقع «يوتوب»، يتضمن شهادات لخمسة قياديين بارزين يشككون في قدرتها على تنظيم انتخابات نزيهة وديمقراطية تنسجم مع روح الدستور الجديد، ويحذرون مما أسموه الفساد الانتخابي المرتقب. بسيمة الحقاوي، عضو الأمانة العامة للحزب، ألقت كرة الاتهام السياسي في حضن حكومة الفاسي، متهمة إياها بمحاولة تلميع صورتها «المتفككة»، التي تحاول تجميعها وتقديمها في قالب جديد من خلال تأسيس مؤسسات خارج القانون دون المرور عبر البرلمان، ورصد مليار و600 مليون سنتيم لحملة «تزيين وجهها وتقديم حصيلة ترى أنها لم تحظ بالقدر الكافي من الترويج والتسويق وحتى تقنع المواطنين بأنها لم تكن حكومة خائبة». الحقاوي اعتبرت أن الحملة التي أطلقتها الحكومة منذ أول أمس الإثنين تحت يافطة: «أش تغير فحياتنا»، وتروم التعريف بمنجزاتها في كل المجالات، «لن تزحزح القناعة الراسخة عند الشعب بأنها حكومة خائبة ولم تنجح في استحقاقها السياسي، بل لم تنجح في إتمام ولايتها خمس سنوات، والترمومتر الذي يوضح تلك الوضعية هو الوقفات الاحتجاجية وخروج الناس إلى الشارع بشكل كبير، مما يدل على أن الحكومة لم تنجح في تقديم الضروري من الأعمال والأفعال».