حتى إشعار آخر، يبدو الإعلان عن تاريخ تنظيم أول انتخابات تشريعية بعد إقرار الدستور الجديد للمملكة مؤجلا، بعدما لم يكشف مولاي الطيب الشرقاوي، وزير الداخلية، خلال لقاءين عقدهما يومي الجمعة والسبت مع زعماء الأحزاب السياسية، عن جدولة زمنية لإجراء انتخابات مجلس النواب. وقالت مصادر حزبية حضرت لقاء الداخلية بالأحزاب السياسية ل»المساء» إنه لم يحسم في موعد إجراء الانتخابات النيابية التي يروج تنظيمها في شهر أكتوبر القادم، مشيرة إلى أن وزير الداخلية اكتفى بتسليم قيادة الأحزاب قانون مراجعة اللوائح الانتخابية قصد مناقشته وتقديم ملاحظات الأحزاب عليه خلال هذا الأسبوع دون أن يقدم أي جدولة زمنية لتفعيل الاستحقاقات الانتخابية، كما تطالب بذلك العديد من الأحزاب. وكشف امحند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، أن قانون مراجعة اللوائح الانتخابية سيجعل المراجعة تتسع لتشمل اللوائح الانتخابية التي تم بناء عليها إجراء الاستفتاء على الدستور في فاتح يوليوز الأخير والناخبين غير المسجلين، مشيرا، في اتصال مع «المساء»، إلى أن المراجعة قد تستغرق نحو 45 يوما ما بين التسجيل والمراقبة والفحص. وأرجع العنصر عدم توصل الأحزاب بجدولة زمنية إلى الاستحقاقات إلى كون تلك الجدولة مرتبطة باستكمال النصوص المؤطرة للعملية الانتخابية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن بعض الأحزاب ما زالت لم تبعث بردها وملاحظاتها إلى مصالح وزارة الداخلية بشأن القانون التنظيمي لمجلس النواب، ومعتبرا أن تنظيم الانتخابات في أكتوبر المقبل ما يزال قائما. وفيما وصف عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، لقاء الشرقاوي بالأحزاب الكبرى يوم الجمعة الماضي ب»الجيد»، مشيرا إلى أنه «شهد نقاشا سياسيا عامّا حول الوضعية السياسية للبلاد، رغم أننا لم نتفق أو نختلف خلاله على أي شيء»، كشف مصدر حزبي أن اللقاء عرف تقديم زعماء الأحزاب وِجْهات نظرهم بخصوص الإجراءات الكفيلة ب»تصفية الأجواء». كما كان موضوع إبعاد الولاة والعمال المحسوبين على «البام» موضوع تدخل بعض زعماء الأحزاب، حيث أعادوا تأكيد مطلبهم بإبعاد أولئك الولاة والعمال. وفي أول اجتماع يُعقَد بعد خطاب عيد العرش، الذي دعا فيه الملك إلى وضع جدولة مضبوطة للانتخابات، لم تتوان الأحزاب التي توصف ب»الصغرى» في متابعة «انتفاضتها» ضد الداخلية والأحزاب «الكبرى»، بسبب ما أسمته محاولة إقصائها. وكان لافتا، حسب مصادر «المساء»، أن عددا من قادة الأحزاب «الصغرى» اختاروا التصعيد في مواجهة الأحزاب الكبرى، داعين إلى عدم بقاء وزارة الداخلية رهينة في يد الأحزاب الكبرى. واعتبر عبد الله القادري، الأمين العام للحزب الديمقراطي الوطني، أنه «لن يحدث أي تغيير بحضور نفس الأشخاص، الذين ندد بهم الشارع وطالب برحيلهم من البرلمان والحكومة، وهو ما يشكّل خطرا على مستقبل البلاد»، مشيرا إلى أنه لا يحق للذين يُسيّرون الحكومة حاليا التصرف في مستقبل البلاد بصفة انفرادية وفرض آرائهم على كل المغاربة ومحاولة إقصائهم، وإنما يتعين إشراك الجميع». واعتبر المصدر نفسُه أنه كان من الأجدى، بعد المصادقة على الدستور، حل الحكومة البرلمان، وأن حكومة عباس الفاسي غير مؤهلة للإشراف على الانتخابات. ولم تقتصر «انتفاضة» الأحزاب الصغرى على ما تعتبره إقصاء وضربا لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص من خلال محاولة الأحزاب الكبرى الضغط لتحديد العتبة في 6 في المائة، بل تعدّتْ ذلك إلى مطالبة وزير الداخلية بجمع الأحزاب الكبرى والصغرى في اجتماع واحد، بدل تخصيص لقاءات منفردة مع كل فريق، تبعا لتصنيف عددي غير موضوعي، يقول قيادي حزبي، قبل أن يضيف: «عْندنا موقف منهم.. خاصهومْ يْجابونا.. لذا طلبنا من الداخلية أن يجمعونا كلنا، ونحن ننتظر ردها على طلبنا». إلى ذلك، قاطعت أحزاب تحالف اليسار الديمقراطي (حزب الطليعة الديمقراطي، حزب المؤتمر الوطني الاتحادي، الحزب الاشتراكي الموحد) اللقاء الذي عقده وزير الداخلية مع زعماء الأحزاب السياسية الصغرى، رغم تلقيها دعوة من الوزير للحضور إلى مقر الوزارة صباح أول أمس السبت. وقد أرجع محمد مجاهد، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد، استمرار التحالف في مقاطعة لقاءات الداخلية مع الأحزاب إلى كون التحالف يعتبر الوزارة غير مؤهّلَة للإشراف على الانتخابات وأن الأولى بتلك المهمة هي هيئة وطنية مستقلة، مشيرا، في اتصال مع «المساء»، إلى أن التحالف راسل الحكومة بخصوص مواقفه من شروط إجراء انتخابات حرة ونزيهة ووضع قانون أحزاب ينسجم مع مبادئ الديمقراطية، وقال، ردا على سؤال للجريدة حول إن كان التحالف سيسير في اتجاه الإعلان عن مقاطعته الانتخابات النيابية: «قرار المقاطعة سابق لأوانه، وعلى كل حال، سيعقد المجلس الوطني للاشتراكي الموحد في الوقت المناسب لاتخاذ الموقف المناسب».