بعد انهيار نظام معمر القذافي في ليبيا وإمساك المجلس الوطني الانتقالي الليبي بزمام الأمور في أربعة أخماس الأراضي الليبية، بانتظار الحسم مع بعض جيوب المواجهة التي يحاول النظام السابق أن يفتحها في وجه الثوار، بدأت قضية استعادة الهدوء وفرض الأمن الداخلي وإعادة الإعمار تفرض نفسها بقوة على الحكام الجدد في هذا البلد المغاربي. وهكذا، سارع المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا إلى طلب الاستعانة بشرطة عربية للمساعدة على استتباب الأمن خلال مرحلة انتقالية يتم أثناءها تدريب كوادر قوات الأمن الليبي، على أن يتم التنسيق مع بعض الدول العربية من أجل الإشراف على هذا التدريب. المغرب الذي كان سباقا إلى الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي ولم ينزلق إلى أي موقف يحسب عليه، سواء أثناء المعارك بين الثوار والنظام أو بعدها، مثلما حصل للجزائر على سبيل المثال، يجد نفسه مؤهلا اليوم للاستفادة من النظام الجديد في ليبيا ومد يد المساعدة إلى رجال الدولة الجدد فيها، من خلال المشاركة في تدريب عناصر الجيش الوطني الجديد ورجال الأمن والشرطة، وتشجيع شركات مغربية على المشاركة في خطة إعادة الإعمار التي ستحاول الشركات الأجنبية استثمارها للتدفق على ليبيا الشقيقة. كما أن المغرب لا يجب أن يضيع الفرصة من أجل تسوية بعض القضايا التي ظلت عالقة في الماضي مع النظام القديم الذي كان مصدر متاعب للمملكة، ومن جملتها اليد العاملة المغربية في ليبيا والمهاجرون هناك الذين مروا بمعاناة مريرة خلال المواجهات العسكرية بين الثوار ونظام العقيد القذافي، وكذا تسوية أوضاع المهاجرين الذين اضطرتهم تلك الأحداث إلى الهروب نحو المغرب تاركين وراءهم كل ممتلكاتهم، واستثمار المناخ السياسي الجديد الذي فتح في ليبيا اليوم من أجل بناء علاقات إيجابية مثمرة للطرفين معا، في أفق بناء إقليمي مغاربي يقطع مع تعثرات الماضي بعد سقوط نظامين فاسدين في تونس وليبيا.