مباشرة بعد انتهائي من «رمضان والناس»، وجدتُ هذا الشخص في انتظاري في حالة يرثى لها. جاء من «الكتبية» حتى «جليز» على قدميه ودون إفطار.. يتمشى من «جليز» حتى «المحاميد» ومن الأخير عودة إلى «جليز»، حيث مقر الإذاعة في مراكش دون أن يأكل أكثرَ من كأس حليب... تأملوا كيف يعيش هذا الشخص: متزوج ولديه بنتان ومنذ أزيدَ من 4 أشهر لم يكسب درهما واحدا... تحية لزوجته ال«صابرة»... لا أخفيكم سرا أنني أحس بالحرج تجاه هذا الشخص... لم يكنْ في حسباني أن يكون مستوى الأزمة لديه إلى هذا الحد.. هو أولى منا جميعاً»... «مواطن مغربي يُفطر بكأس ماء، بينما نحن نلقي بأكثر من نصف ما نأكل إلى القمامة.. لن يرضى أيُّ مغربي قح أن يرى شخصاً في مساعدة وهو قادر على مساعدته دون أن يبادر إلى ذلك.. لن يرضى أي مراكشي ونحن في اليوم الثامن من رمضان.. هل يطيب لنا أن نمضي شهر رمضان وأمثال هذا الشخص (33 سنة، متزوج وأب لبنتين) بيننا؟.. أشد ما يضايقني هو أن أسمع أن مغربيا في يومنا هذا لا يجد ما يأكله.. لا أتحدث عن أناس «آخرين».. أتحدث فقط عن «الدراويش» أمثالي.. أنا متأكد أننا نلقي نصفَ طعامنا في القمامة.. هل يمكن أن نرضى بشيء من هذا القبيل في المغرب؟ لا أظن ذلك.. من غير اللائق أن نعيش أيام رمضان هذه وبيننا «عبد اللطيف» -ومن هم على شاكلته- لا يجد ما يُسكن به جوع عياله قبل جوعه... تصوروا أنفسكم مكانه.. جرِّبوا مرتين السير من «جامع لفنا» حتى «جليز» راجلين.. أن تعيشوا في الزنقة، تناموا في الزنقة.. (وراهْ غيرْ حْشم يقول أنه «اقتات» من الزنقة... كلماتٌ ضمن أخرى، جميلة، بسيطة نقل بها أديب السليكي، ب»صراحة»، على موجات «راديو بْليس» (الثلاثاء، 9 غشت الجاري) واقعَ فئاتٍ عريضة من المغاربة لا يجدون ما يسُدّون به الرّمقَ في مغربٍ تذهب فيه كمياتٌ كبيرة مما «يُزيّنُ» موائدَنا مما لذ وطاب إلى سطول القمامة، بينما يتضوّرُ مغاربة مثلُنا جوعاً... وإن هي إلا لحظات، حتى اتصل أحدهم ليساعد ب100 درهم، قال إنها هي كل ما يملك، ومع ذلك وعِد هاتفيا بأن يوصلَها إليه في الحين. وتبعه متصل من سيدي يوسف بنعلي يطلب رقم عبد اللطيف، فثالث قائلاً: «لدي مقهى وراء «سيرفيسْ دي ميلْ».. مرحبا به هو وعائلته، في أي دقيقة يريدون» لتنطلق «قافلة» تضامنية أثيرية يرسم طاقم البرنامج، بمساهمة مغاربة محسنين، تفاصيلَها التي تصنع فرحة المحتاجين في شهر الصيام والتضامن... تضامن قال عبد اللطيف إنه حضر الكثيرون ليُعبِّروا له عن أسمى معانيه فوق أرض الواقع، بمساعدتي ومؤازرتي، كلٌّ حسب الاستطاعة... اتصل محسن من «الولفة» -الدارالبيضاء وساعد ب400 درهم، ثم إبراهيم من إيرلندا، ماحاً 1000 درهم، فمصطفى من «الآفاق» -مراكش، 300 درهم، فآخر قال إنه يقطن بالقرب من جامع أحمد الكامل، لا يستطيع أن أتنقل، وطلب أن يتنقل إليه عبد اللطيف وسيساعده ب2000 درهم»... قبل أن يستقبل البرنامج سفيان العلودي، لاعب فريق «الرجاء»، البيضاوي، الذي قال «ضْرّني فْخاطري بزّاف هاد السّيد وبْغيتْ نْساعدو» نسجل موقفا رائعا وأثيريا...