تحتار العديد من النساء الحوامل في اتخاذ قرار الصيام من عدمه في شهر رمضان، ذلك أن الصيام يتطلب صبرا ومجهودا استثنائيين من الجسم وحالة من العطش والجوع قد يصعب على بعض النساء الحوامل تحمُّلها. عادة، يسمح الطبيب للمرأة الحامل بالصيام في حالة ما إذا ما كانت هذه الأخيرة سليمة لا تعاني من أي أمراض، كفقر الدم والسكري والقلب والقصور الكلوي والربو... إلا أن الأمر يختلف حتى عند المرأة السليمة التي لا تعاني أيا من الأمراض المزمنة وغم ذلك قد لا يسمح لها الطبيب بالصيام إذا كانت حاملا بتوأم، مثلا، فالأمر نسبي يختلف من امرأة إلى أخرى، حيث من الضروري زيارة طبيب النساء، المختص، والأخذ بنصيحته، فهو الوحيد الذي يعرف حالتك والمؤهل لنصحك. إذا نصحك الطبيب بالإفطار في رمضان فعليك الالتزام بالأمر وعدم المخاطرة بالصيام، خصوصا إذا كنت في الشهور الأولى من الحمل أول الثلاثة أشهر الأخيرة، وهي الفترة الأكثر حساسية عند المرأة الحامل، وأي نقص في التغذية من شأنه أن يؤثر على حالة الأم والجنين، مع ما تعرفه أيام رمضان التي تصادف فصل الصيف من صعوبة، بسبب الحرارة وطول ساعات الصيام. في حالة لم يرَ الطبيب مانعا من صيامك، يمكنك الصيام ولكن بإتباع شروط عديدة حرفيا دون أي تهاون. فالمرأة التي سمح لها طبيبها بالصوم يجب عليها أخذ قسط وافر من الراحة والسكينة خلال النهار والتقيد بتناول وجبتي الإفطار والسحور من خلال الإسراع بالإفطار وتأخير السحور وتناول أغذية مغذية ومتوازنة في كل الوجبتين. كما عليها تناول كميات مهمة من السوائل بين الإفطار والسحور، لتجنب جفاف الجسم، مع الالتزام بتناول الفيتامينات والحديد، إذا وصفها الطبيب، مع عدم إهمال مواعيد متابعة الحمل في رمضان، حتى إذا رأى الطبيب أن حالتها الصحية لم تعد تسمح بالصيام، توقفت عن ذلك فورا، إذ يتوجب على المرأة الحامل الإفطار فورا وعدم إكمال اليوم مع مراجعة الطبيب بدون تردد، في حالة تعرضها للإرهاق في الصيام أو لأي عارض صحي ناتج عن الصوم، كالإغماء أو تغير في مستوى الضغط أو لشعور بأوجاع في الظهر والبطن، والتي من الممكن أن ينتج عليها إجهاض أو ولادة قبل الأوان. عموما، لا يؤثر الصيام سلبا على الحامل إذا كانت حالتها الصحية جيدة وتسمح لها بالصيام، وإذا التزمت بتناول ما يكفيها من الغذاء والماء خلال الليل من خلال المحافظة على الغذاء المتوازن وتناول السوائل بكميات كافية، حتى يمر الصيام بسلام، ذلك أن المرأة الحامل في حاجة إلى كميات إضافية من الطاقة والعناصر الغذائية المختلفة، خصوصا الغذاء الذي يحتوي على الحديد والكالسيوم والمغنيزيوم وبعض المكملات الغذائية، حسب حاجة الحامل إليها والتي يحددها طبيبها. كما يجب على الحامل تناول الأغذية الغنية بالبروتين، مثل اللحوم عند وجبة الإفطار والسحور كذلك كالبيض ولحم البقر والدجاج والأسماك، مع طهيها جيدا ونزع الدهون عنها، حتى لا تتسبب لها في مشكلة في الهضم، إلى جانب تناول الخضر الطازجة والمطهوة على حد سواء. نفس الشيء بالنسبة إلى العصائر، لنتجنب مشكلة الارتجاع، الذي تعاني منه الحوامل، خصوصا في الشهور الأخيرة من الحمل. كما علليها تجنب تناول وجبة إفطار كبيرة مرة واحدة بل الأفضل الإفطار على مرحلتين أو ثلاث مراحل تدريجيا، لتفادي الإحساس بالامتلاء الشديد، كالبدء بالحليب والتمر أو «الياغورت» والتمر، وهو أفضل ما يمكن أن تبدأ به المرأة الحامل، لأنه سريع الهضم ومغذ، ثم الانتظار فترة من الزمن بعدها وتناول الشوربة أو الحريرة، بعدها يمكنها تناول قطعة من اللحم المشوي أو من الدجاج أو السمك، مطهوة دون زيت في الفرن، وقطعة من الخبز الكامل مع فاكهة أو كأس عصير فاكهة، كالليمون المطحون، الذي يزيد من امتصاص الحديد الموجود في اللحم، أو تناول أي فاكهة صيفية غنية بالماء، أما الماء فيجب شربه بعد الوجبات بساعة على الأقل وليس قبلها أو وسط الأكل، حتى تحافظ المرأة الحامل على شهية الأكل. ويبقى لزاما على النساء الحوامل تجنب أنواع الأطعمة الغنية بالدهون، كالمقليات على الخصوص، مع ضرورة الابتعاد عن إضافة الكثير من البهارات والمخللات التي تزيد من الشعور بالعطش وتزيد أيضا من إفراز العصارة في المعدة، مما يفاقم مشكل الارتجاع لدى المرأة الحامل. ليست كل الخضر مناسبة للمرأة الحامل، إذ عليها تجنب تلك التي تسبب الغازات والانتفاخ، كاللفت والكرنب والفجل، خصوصا إذا سبق لها أن عانت من مشاكل جراء تناولها. في ما يخص المشروبات الغازية، يجب تفاديها وتعويضها بالعصائر الطبيعية وبالمشروبات الدافئة، من قبيل اللويزة والبابنوج المحلى بالعسل الطبيعي. أسماء زريول أخصائية في علم التغذية والحمية [email protected]