الصيام خلال شهر رمضان الأبرك غاية ومبتغى للمواطنين بمختلف مشاربهم ومستوياتهم وأعمارهم، الذكور والإناث، الشيب والشباب، الأصحاء منهم وحتى المرضى، الذين لايتورعون عن البحث عن الأجر والثواب، حتى وإن كان إمساكهم عن الطعام قد يرمي بهم إلى التهلكة، ويتسبب لهم في مضاعفات صحية خطيرة قد لاتقف عند حد إجهادهم والتسبب له في الوهن والتعب، وإنما قد تصل إلى حد التسبب في وفاتهم. وضعية تدفع الأطباء إلى الإكثار من التوجيهات خلال هذا الشهر المبارك للمرضى، من أجل حثهم/تحفيزهم على عدم اتخاذ أي قرار بمفردهم وإنما مراجعة الطبيب المعالج، واستشارته بعد عرض الوضعية الصحية للمريض عليه، حتى يتسنى تكوين خلاصة يمكن أن ترخص بصيام المريض أو العكس، وهو القرار الذي يُنصح كذلك بالتشاور في شأنه مع أهل الدين. مرضى تعايشوا مع عللهم لسنوات فوجدوا أنها لن تنال منهم وحتى إن استطاعت تحقيق ذلك على حسابهم، فذلك لن يكون مهما بالنسبة لهم ولن تغير من شيء في مواقفهم، وهو ما يجعل الأطباء يكثفون من نصائحهم سيما بالنسبة لمن يعانون من أمراض المزمنة كداء السكري، ضغط الدم، وأمراض القلب، لما للصوم من أخطار عليهم، يتعين معها استشارة الطبيب قبل إقدامهم على أداء فريضة الصوم. وفي هذا الإطار يجب على المصابين بداء السكري أن يعلموا أن الصوم يعرضهم لانخفاض نسبة السكر في الدم مما قد يدخلهم في غيبوبة سواء في حال انخفاضه أو ارتفاعه، كما قد يتعرض المريض لجلطة جفاف أو حدوث مضاعفات مختلفة، حيث ينصح الأطباء بعدم الصوم للمصابين بداء السكري من «النوع 1 » و«النوع 2 » وكذا المعالجين بالأنسولين المصحوبين بمضاعفات، إضافة إلى الحوامل أو المرضعات المصابات بالسكري، في حين يمكن أن يسمح لبعض المصابين بالسكري «النوع 2 » غير المصحوب بمضاعفات ولديهم غذاء متوازن، بالصوم لكن بعد استشارة الطبيب. كما ينصح الأطباء المصابين بالسكري وقف صيامهم إذا كانت نسبة السكر في الدم منخفضة أو مرتفعة بشكل كبير. وفي السياق ذاته يوصي الأطباء المصابين بضغط الدم الشرياني بقطع صيامهم في حالة تسجيل ارتفاع عال في الضغط أو حدوث مضاعفات، مستثنين من ذلك المستقرين في الضغط خاصة الذين يتناولون معالجا بدواء واحد وجرعة واحدة في اليوم دون مرض مصحوب آخر، كما أضافوا أن الصيام يعرض المصاب بهذا الداء لعدم توازن الضغط، وخطر مضاعفات خطيرة مثل الطارئ الشرياني الدماغي، ولهذا يضيف الأطباء بأنه « يمنع الصوم في حالة ارتفاع ضغط الدم الشرياني الوخيم، وغير المستقر، وكذا المعالج بدوائين أو أكثر، وكذا الأشخاص الذين يتعرضون لمضاعفات تاجية، دماغية وعائية، والقصور الكلوي». من جهة أخرى يحذر عدد من الأطباء الأشخاص المسنين خاصة الذين يعانون من عاهة حركية أو عقلية، أو الذين يتناولون أدوية مختلفة، وكذا الذين يعانون من سوء التغذية، من مغبة الصوم، لأن المسنين يعرفون عادة انخفاضا في طلباتهم الجسمية وكذا نقصا في الشهية بما يسمى «الأنوركيسا» والجفاف وقلة النوم، على اعتبار أنه مع التقدم في السن تقل مقاومة المجهودات، لذلك فعند الإحساس بضعف يجب على الشخص المسن ألا يصوم حفاظا على صحته، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة التي تتزامن والشهر الفضيل لهذه السنة. كما يُنصح بالإفطار للذين يخضعون لعميلة غسل الكلى، ومن تم زرع عضو لهم ويتناولون أدوية مرتين أو أكثر في اليوم، وكذا الذين يعانون من أمراض كلوية حادة فهؤلاء يقول المختصون إنه «يمنع عليهم منعا باتا الصوم»، ونفس الأمر بالنسبة للمصابين بداء القرحة المعدية لأن الصوم يتسبب لهم في نزيف هضمي متبوع «بقيء دم وبراز أسود اللون»، والتهاب الصفاق جراء ثقب القرحة، ينضاف لهم الأشخاص الذين يعانون من تطور في القرحة أو المندملة منذ أقل من 6 أشهر، غير أنه يسمح بالصوم للشخص الذي اندملت قرحته منذ أكثر من 6 أشهر وهو تحت علاج يحمي معدته في حالة حدوث أزمة مؤلمة. وبخصوص المصابين بمرض القلب فإنه ينصح بعدم الصوم لكل من يعاني من قصور في القلب مع أو بدون ضغط الدم الشرياني، من احتشاء القلب وحدث منذ أقل من 3 أشهر من داء الذبحة الصدرية غير المستقرة، أما في حالة المصابين بداء الربو والصرع، فإن المختصين لايرون إشكالية في الصوم بل فقط يوصون بأخذ المريض نصائح من طبيبه لكي لايقع في أزمة أو يتعرض لمضاعفات مرضية حادة.