صادق مجلس الحكومة، المنعقد في الأسبوع المنصرم، على تعديلات جديدة لقانون حرية الأسعار والمنافسة تروم تشديد العقوبات الزجرية من 100 ألف درهم إلى 300 ألف درهم، مع إمكانية مضاعفتها في حالة العود، بالموازاة مع ذلك، اقترحت تلك التعديلات التي قدمها وزير الشؤون الاقتصادية والعامة، نزار البركة، تقليص العقوبة الزجرية التي تطال التجار الصغار من 1200 إلى 500 درهم واعتبار الغش والتلاعب في الميزان بمثابة زيادة في الأسعار. ويطغى على الدخول الاقتصادي- الذي يتزامن هذه السنة مع حلول شهر رمضان الذي ترتفع فيه الأسعار بفعل زيادة الطلب واشتغال المضاربة التي تنتصب على المنتوجات الواسعة الاستهلاك- هاجس محاصرة كل ما من شأنه أن يفضي إلى زيادة الأسعار، وهذا ما حدا بالحكومة إلى تفعيل العقوبات الإدارية، خاصة وأن نظام المراقبة والعقوبات الذي سنه قانون حرية الأسعار والمنافسة لا يتيح للإدارة محاربة الخروقات التي تهم أسعار المنتوجات المدعمة. وقد اقتضى التحسب للتوترات التضخمية التي تميز شهر رمضان خلق خلية أزمة في سبيل تأمين مراقبة الأسعار والتموين في شهر رمضان، وهذا ما اعتبر مبادرة تستجيب للدعوة الملكية التي ألحت على وضع الآليات التشريعية والمؤسسية الضرورية الداعمة لأدوات الدعم الاجتماعي، بحيث يفترض أن تراقب هذه الخلية المضاربين وتعمل على كبح ارتفاع الأسعار. وتأتي هذه الإجراءات في ظل تنصيب رئيس جديد لمجلس المنافسة، الذي تألق بغيابه البارز في السنوات الأخيرة، إذ يشكل التعيين الجديد بعثا آخر للمجلس، الذي يفترض أن يسهر على سلامة المنافسة في المغرب وشفافيتها، رغم طابعه الاستشاري، الذي يحول دونه وترتيب عقوبات ونشر تقارير حول الحالات المنافية للمنافسة والتي يرتكبها الفاعلون الاقتصاديون،خاصة المجموعات الاقتصادية الكبرى، التي تلجأ للاحتكار وتعقد اتفاقات ضمنية من أجل توزيع حضورها في السوق بما لا يفضي إلى انخفاض الأسعار. غير أن حماية القدرة الشرائية للمستهلك، تبقى رهينة، في تصور جمعيات حماية المستهلك في المغرب، بإخراج قانون حماية المستهلك إلى حيز الوجود، والذي يرقد في رفوف السلطة التنفيدية بسبب ما تعتبره جمعيات حماية المستهلك ضغوطا تمارسها المقاولات التي تخشى مراقبة الجمعيات لها، خاصة أن مشروع قانون حماية المستهلك ينص على حقوق أساسية تتمثل في توفير معلومة ملائمة وصحيحة للمستهلك حول جميع المنتوجات والخدمات، والإشارة إلى كمية المنتوج وخصائصه ونوعيته وسعره، وتوضيح المخاطر التي يمكن أن تنطوي عليها المنتوجات. في نفس الوقت يتيح القانون للمستهلك حقوقا أخرى تروم حمايته ضد المخاطر التي يمكن أن تتهدد صحته وحماية مصالحه الاقتصادي وتعويضه عن الأضرار التي يمكن أن يتعرض لها. ويأتي تركيز الحكومة على الأسعار في سياق متسم باشتداد التوترات التضخمية، فقد ارتفعت الأسعار في يوليوز الماضي ب5.1 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من السنة الماضية، وهوالتطور الذي ساهمت فيه جميع المواد، خاصة المواد الغذائية التي ارتفعت ب9.1 في المائة، مما يؤدي إلى تآكل القدرة الشرائية للمواطنين، بل إن بعض الآراء تشير إلى أن الزيادات في الأسعار تأتي على الآثار الإيجابية التي كانت منتظرة من الحوار الاجتماعي. وتتطلع الحكومة، من خلال تشديد المراقبة على الأسعار والمضاربة واتخاذ إجراءات في المستقبل من قبيل تثبيت الأسعار على بعض المواد المدعمة، إلى التحكم في نفقات الدعم التي توقعت الحكومة أن ترتفع من نحو20 ملياراً إلى أكثر من 30 مليار درهم هذه السنة، وهذا ما دفع السلطات العمومية إلى التفكير في اقتراض 14 مليار درهم لتعزيز مخصصات صندوق المقاصة.