أشارت معطيات ميدانية من مدينة آسفي إلى أن «أزمة السردين» قد وصلت إلى مستويات خيالية دفعت بأسعاره، سواء في تجارة التقسيط أو البيع بالجملة، إلى مضاربات غير مسبوقة، حيث وصل ثمن الكيلوغرام الواحد إلى أزيد من 15 درهما، عوض 4 دراهم التي ظل يباع بها سنوات عدة حتى حدود الصيف المنصرم. وحسب المعلومات ذاتها، فإن سعر صندوق السردين في الجملة فاق 350 درهما وإن ندرته في المياه الأطلسية التابعة لإقليم آسفي تسببت منذ أزيد من 6 شهور في توقف 17 وحدة صناعية متخصصة في التصبير في مدينة آسفي ونتج عنها توقف 8 آلاف يد عاملة من النساء كن يُعِلْن أسرهُنّ من عملهن في المركبات الصناعية لتصبير السمك في مدينة آسفي، التي تُشكّل، لوحدها، قرابة 40 في المائة من مجموع الوحدات التصبيرية على الصعيد الوطني. وقد انعكست أسعار السردين على القدرة الشرائية لآلاف الأسر الفقيرة والمعوزة وحتى المتوسطة، التي كانت تتخذ من سمك السردين وجبات غذائية شبه يومية في مدينة آسفي، حيث فاق ثمن الكيلوغرام ثلاث مرات ثمنه الأصلي. وفي المقابل، شبّه مصدر من ميناء آسفي ما يقع بشبه أزمة اجتماعية قد تصل انعكاساتها في المدى القريب والمتوسط على الاستقرار الاجتماعي لأزيد من 8 آلاف عاملة في معامل التصبير، وعلى القدرة الشرائية لفئات عديدة من المجتمع. وأشارت معطيات ذات صلة إلى أن الاستنزاف البيئي لخيرات مياه البحر وارتفاع درجة تلوثه بالمواد الكيماوية الناتجة عن الصناعات الكيماوية من أسباب هجرة قوافل السردين عرض مياه آسفي وأن الزمن الذي صُنِّفت فيه آسفي، على رأس المدن البحرية في صيد السردين في العالم انتهى بعد سنوات من الاستنزاف والتلويث البيئي، وأن دراسات حذرت قبل أزيد من 20 سنة مما قد ينتظر المخزون السمكي من السردين بفعل عاملي الاستنزاف والتلوث. وعلمت «المساء» أن معامل التصبير المختصة في تعليب السمك في آسفي قد توقفت حاليا عن الإنتاج بما يقارب 100 في المائة من طاقتها الإنتاجية، وأن أزيدَ من 8 آلاف عاملة من ضمن العاملات في القطاع قد توقفن بشكل نهائي عن العمل منذ ما يزيد على 6 أشهر، لظروف تتعلق بأزمة خانقة يمر منها قطاع تصبير السمك في المدينة. وأشارت أرقام توصلت بها «المساء» من الغرفة المهنية لمُصدّري السمك في آسفي إلى أن عدد الوحدات التي تشتغل في آسفي لوحدها يرتفع إلى 17 وحدة، بما مجموعه 36 في المائة من عدد الوحدات الإنتاجية في المغرب كله، والتي بلغ عددها 45 وحدة في مجال تعليب وتصدير السمك المعلّب. وكشفت المعطيات ذاتها أن أزيد من 10 آلاف عاملة في معامل التصبير في آسفي قد توقفن، اضطراريا، عن العمل وأن أغلب الوحدات الصناعية في آسفي توقفت، بشكل تام، عن الإنتاج وأن بعض الوحدات تشتغل بطاقة إنتاجية لا تتجاوز 10 في المائة وأن الأزمة التي يجتازها القطاع تنذر بحالة احتقان اجتماعي غير محسوبة العواقب، في نظر مهنيين ونقابيين.