تسببت أزمة «الطين» في أوساط الصناع التقليديين المتخصصين في صناعة الزليج والفخار في مدينة فاس في خروج العشرات منهم، صباح يوم أول أمس الثلاثاء، إلى الشارع للاحتجاج. وقد عبَر هؤلاء الصناع مسافة طويلة، انطلقت من ضواحي فاس، حيث تم إحداث مشروع صناعي نموذجي خُصِّص لإيوائهم، في اتجاه مقر ولاية جهة فاس -بولمان، سيرا على الأقدام، لمطالبة السلطات بإيجاد حل لأزمتهم مع «المادة الأولية». وقررت السلطات، منذ عدة أشهر، إغلاق و»تشميع» مقالع غير مرخصة لاستخراج الطين في منطقة «سيدي حرازم»، القروية، على خلفية سقوط أكوام من الطين داخل إحدى هذه المقالع على العمال، مما أدى إلى وفاة عاملين. وتشير الوثائق إلى أن هذا المقلع كان في ملكية أحد «أعيان» حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي ترأس، سابقا، غرفة الصناعة التقليدية. وإلى جانب هذا المقلع، أغلقت السلطات «كهفا» آخر تمّتْ فيه، بدوره، عدة انهيارات أفضتْ إلى وفيات في صفوف العمال، الذين لا يتوفرون على أي حماية قانونية واجتماعية ولا على أدنى الظروف الصحية للعمل. وتوجد بعض هذه المقالع في أرض تعود ملكيتها للأحباس وتستغلها جهات تصفها جمعيات الصناع التقليديين ب«لوبي» الصناعة التقليدية في المنطقة. لكن السلطات لم تعتمد أي بديل لتوفير المادة الأولية للصناع التقليديين، ما أحدث أزمة في صناعة الزليج والفخار وجعل العاملين في القطاع يواجهون «العطالة». ويلجأ عدد منهم، في إطار الحلول «الترقيعية» إلى مناطق أخرى لجلب الطين، لكن المنتوجات التي تصنع منه غالبا ما تتعرض للإتلاف، ما يحدث أضرارا بليغة بسمعة الصناعة التقليدية في فاس، والتي كانت في السابق تصنَّف ضمن أبرز المدن ذات الباع في هذا المجال، قبل أن «تسرق» منها هذه الشهرةَ مدينةُ مراكش.