جرت، أول أمس السبت في مدينة جوبا، مراسيم الإعلان عن قيام جمهورية جنوب السودان بعد الانفصال عن الشمال. وأدى الجنرال سلفاكير ميارديت اليمين الدستورية رئيسا للدولة الوليدة. وجرى الاحتفال وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة وبحضور نحو 35 شخصية دولية، بينها الرئيس السوداني عمر حسن البشير. وتم الإعلان التاريخي عن قيام الدولة الجديدة بعزف النشيد الوطني ل«جمهورية السودان» كتحية أخيرة للوطن الأم قبيل الإعلان الرسمي للانفصال. وتم إنزال علم الحركة الشعبية لتحرير السودان من على تمثال الراحل جون قرنق، الزعيم السابق للحركة، ليرفعه سلفاكير ميارديت -رئيس الجمهورية الوليدة- على السارية، بعد إنزال علم جمهورية السودان. وقرأ رئيس برلمان جنوب السودان جيمس واني إيجا الإعلان الرسمي لاستقلال جمهورية جنوب السودان، وهو الخطوة الأخيرة من اتفاق السلام الشامل عام 2005 الذي أنهى عقودا من الحرب بين شمال السودان وجنوبه. وقال رئيس برلمان جنوب السودان إن الدولة الجديدة سوف تتولى كافة الالتزامات باعتبارها عضوا كاملا في المجتمع الدولي وسوف تلتزم بحماية السلم الدولي، لافتا إلى أن جمهورية جنوب السودان سوف تلتزم بميثاق الأممالمتحدة ودستور الاتحاد الإفريقي. ودعا رئيس البرلمان دول العالم إلى الاعتراف بالدولة الجديدة. وتواجه دولة جنوب السودان مشاكل وتحديات، من بينها العلاقة بالشمال في ظل القضايا العالقة، خاصة منها الحدودية التي تؤدي إلى توترات تتطور أحيانا إلى مواجهات عسكرية مثلما حدث الشهرين الماضيين في أبيي وجنوب كردفان. وفي الخطاب الذي ألقاه أول أمس السبت في جوبا، أشار رئيس جنوب السودان إلى تلك القضايا العالقة حين قال إن دولة الجنوب لن تنسى مواطني أبيي والنيل الأزرق وجنوب كردفان، بالإضافة إلى دارفور التي تخشى الخرطوم أن يحصل متمردوها على دعم من جوبا. ويمثل ترسيم الحدود، خاصة بشأن أبيي الغنية بالنفط، واحدة من أهم النقاط الخلافية التي فشل الجانبان حتى الآن في حلها على طاولة التفاوض. ورفضت الخرطوم إجراء استفتاء على تبعية أبيي، وكان يفترض إجراء استفتاء في هذا الشأن بالتزامن مع الاستفتاء على انفصال الجنوب الذي تم مطلع هذا العام. وتسبب الخلاف الحدودي في اندلاع مواجهات في جنوب كردفان الشهر الماضي، وكانت القوات السودانية قد دخلت قبل ذلك أبيي في ماي. ومن القضايا الخلافية الأخرى تسوية الديون الخارجية، والجنسية والنفط. وبعد قيامها رسميا، انتقلت إلى دولة الجنوب ثلاثة أرباع المخزونات النفطية التي كانت، قبل الانفصال، تتقاسم عائداتها مع الشمال. ويمثل الاتفاق بشأن العائدات النفطية تحديا آخر للعلاقة بين الدولتين الجارتين، خاصة وأن منشآت التصدير تقع في الشمال. وتواجه الدولة الجديدة في الوقت نفسه تحديات اقتصادية واجتماعية في ظل ارتفاع معدلات الفقر والأمية. وتشير تقديرات إلى أن المواطن في جنوب السودان يعيش على أقل من دولار يوميا مع أن الدولة الجديدة تتوفر، في الواقع، على ثروات نفطية ومعدنية ومائية وزراعية كبيرة. وقبل ساعات من الإعلان الرسمي عن قيام دولة الجنوب، أصدر مجلس الأمن الدولي بالإجماع قرارا بإرسال قوات من الأممالمتحدة للعمل في جنوب السودان لحفظ الأمن والاستقرار هناك. وجاءت الموافقة على القرار الذي اتخذ بالإجماع بعد ست سنوات من اتفاقية السلام الشامل -المعروفة باتفاقية «نيفاشا»- التي أبرمت عام 2005، وأنهت سنوات من الحرب، وجاءت أيضا وسط تزايد المخاوف بشأن الصراع في المناطق الحدودية المضطربة. ويتوقع أن يصوت مجلس الأمن، يوم الخميس المقبل، على قرار إنشاء جمهورية جنوب السودان التي انبثقت عن استفتاء يناير الماضي.