تفجرت فضيحة مدوية في طنجة عندما كشفت لجنة تقصٍّ رسمية عن عشرات من حالات البناء العشوائي في جماعة «البحراويين» في عمالة فحص -أنجرة، والتي شيدت تحت سمع وأنظار قائد الجماعة ورئيسها. وكشفت لجنة مكونة من مفتشية وزارة الإسكان والوكالة الحضرية والعمالة عن مخالفات وُصِفت ب«الفظيعة» للقوانين المعمول بها في مجال التعمير، وهي مخالفات استمرت لعدة سنوات ولم يواجهها لا قائد الجماعة، الممثل للسلطة، ولا رئيس الجماعة، الذي يمثل جهازا منتخبا. وقالت مصادر مطّلعة إن لجنة التقصي عثرت في يوم واحد فقط على قرابة 40 منزلا بنيت بطريقة عشوائية في مدشر «بني واسين» لوحده، وقررت اللجنة العودة إلى المنطقة في الأيام التالية لإحصاء باقي المنازل التي بنيت بنفس الطريقة. ويرتقب أن تشكل هذه الفضيحة الجديدة في طنجة وصمة عار أخرى في جبين السلطة والجماعات المنتخبة، خصوصا أن شكاوى كثيرة كانت وجهت من قبْلُ للمسؤولين في المنطقة، والتي لم يعيروها أي اهتمام. وكانت «المساء» قد كشفت من قبل عن حالات فضيحة للبناء العشوائي وأشارت إلى تواطؤ السلطة والجماعة، غير أن مسؤولي المنطقة لم يقوموا بأي رد يذكر واستمر الحال على ما هو عليه، حيث تزايدت حالات البناء العشوائي بشكل مذهل. وفي الوقت الذي تم العثور على 35 منزلا عشوائيا في منطقة «بني واسين» وحدها، وهي الدائرة الانتخابية لرئيس الجماعة، فإنه ينتظر رصد عشرات المنازل الأخرى في مناطق من نفس الجماعة، وكلها بنيت بنفس الطريقة. وقالت مصادر في المنطقة إن منطقة «المنار»، في نفس الجماعة، فيها ما لا يقل عن 30 منزلا عشوائيا وأن هناك منازل كثيرة أخرى في منطقة «نوينويش» بنيت فوق أراضي الجموع، بالإضافة إلى حالات احتيال، حيث حصل أشخاص على رخص إصلاح وحولوها إلى رخص بناء، مثل الرخصة التي منحت لصاحبها تحت رقم 2011/41 وأصبحت عملية بناء كاملة، بما في ذلك بناء طابق ثان، في منطقة لا تبعد سوى بأمتار قليلة عن القيادة وعن مقر الجماعة. وأشارت هذه المصادر إلى أن «الوجه الآخر» من الفضيحة هو أن أغلب هذه الأراضي بنيت فوق أراضي عدلية كانت، في الأصل، تابعة للجموع وأن الظروف التي فوّتت فيها تعتبر «مريبة» وتتطلب فتح تحقيق عاجل. وكان عدد من أعضاء جماعة «البحراويين» قد وجهوا، يوم الاثنين الماضي، رسالة إلى عمالة فحص -أنجرة، يشيرون فيها إلى ما تعرفه هذه الجماعة من خروقات فاضحة في التعمير، واتهموا «قايْد» المنطقة ورئيس الجماعة بإغماض العين عما يجري. وقال سكان من المنطقة إن البناء العشوائي في المنطقة يمر، حتما، عبر محل يبيع مواد البناء، يملكه قريب من مسؤول كبير في الجماعة وإن كل أصحاب المنازل العشوائية اقتنوا مواد البناء من هذا المحل. وكان قائد الجماعة، أحمد الملوكي، هو نفسه الذي أثار جدلا كبيرا من قبل حين خرق القانون وهدم محلا صغيرا في منطقة «ملوسة»، من دون إشعار صاحبه بالهدم، حيث قال شهود عيان إنه كان لحظة الهدم، في هستيريا غريبة وكان يصور عملية الهدم بهاتفه المحمول ويوجه شتائم بذيئة في كل الاتجاهات. وستلقي هذه الفضيحة بظلالها، من جديد، على الطرق الفاضحة التي يتم بها خرق قوانين البناء والتعمير في طنجة وستؤدي، كذلك، إلى طرح الكثير من التساؤلات التي جعلت مسؤولي ومنتخبي المدينة «يصمتون» كل هذه المدة عن حالات واسعة جدا