عاشت مدينة الدارالبيضاء عشية الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد أجواء ساخنة، كادت تتحول إلى مواجهات، خصوصا بمنطقة البرنوصي، بين الداعين إلى المشاركة في الاستفتاء والتصويت بنعم على الدستور وبين حركة 20 فبراير، التي قررت تنظيم وقفات احتجاجية وطنية مساء أول أمس الخميس للدعوة إلى مقاطعة الاستفتاء. وكاد احتكاك بين المؤيدين للدستور والمعارضين له بمنطقة البرنوصي يؤدي إلى انفلات أمني بالمنطقة، لكن يقظة العناصر الأمنية حالت دون وقوع اشتباك بين الطرفين. وتسببت المواجهة بين أنصار حركة 20 فبراير والمؤيدين للدستور في إصابة طفل لا يتجاوز عمره 12 سنة، حيث فقد أسنانه الأمامية وظل يصرخ في الشارع دون أن تقدم له الإسعافات الأولية من الجانبين، مما خلف تذمرا في صفوف المارة، الذي عبروا عن استيائهم من توظيف الأطفال في مثل هذه المواقف. وبمنطقة درب السلطان قامت جماعة العدل والإحسان بإنزال كبير أمام مسجد السنة من أجل تنظيم وقفة احتجاجية، حيث دعت عقب صلاة المغرب إلى مقاطعة الدستور. وأربك النزول المفاجئ للجماعة على متن حافلات للنقل السلطات الأمنية، التي تتبعت الوقفة دون أن تتدخل لمنعها. كما قامت الجماعة بتوزيع دعوات المقاطعة. وابتداء من الساعة السابعة، نظمت بمنطقة درب الفقراء (تقاطع شارعي الفداء و2 مارس) مسيرة تضامنية مع الدستور الجديد. المسيرة شارك فيها عشرات الشباب والأطفال والشيوخ، ورددت فيها شعارات تدعو إلى التصويت بنعم. وحمل المشاركون الأعلام المغربية وصور الملك للتعبير عن دعم ما جاء في الدستور الجديد. كما رافقت هذه المسيرة التضامنية فرقة موسيقية استحضرت الأغاني الوطنية. من جهتها، وظفت نقابات النقل الطرقي والحافلات وسيارات الأجرة الكبيرة والصغيرة من أجل القيام بمسيرة للدعوة إلى التصويت بنعم على الدستور. وجابت هذه الحافلات و«الطاكسيات» أهم الشوارع الكبرى بالمدينة، حيث أطلقت العنان لمنبهات الصوت من أجل إثارة انتباه المواطنين، لكن تحرك بعضها في ساعات متأخرة من الليل أقلق راحة بعض السكان. وفاجأ العديد من المستقلين داخل حركة 20 فبراير المتتبعين بإعلانهم مشاركتهم في التصويت على الدستور. وشكل هذا الموقف عشية التصويت على الدستور ضربة قوية للهيئات الداعمة لحركة 20 فبراير، وخلق انقساما في صفوفها بين من يدعو إلى المشاركة في الاستفتاء، سواء بالتصويت بنعم أو لا، وبين من يدعو إلى مقاطعة هذا الاستفتاء.